Author

مصالح الأشرار .. أموال إيرانية لـ «القاعدة» الإرهابية

|
كاتب اقتصادي [email protected]
"العالم مكان خطر للعيش، ليس لوجود الأشرار فيه، بل بعدم القيام بما يكفي لوقف هؤلاء الأشرار" ألبرت إينشتاين - عالم من أصل ألماني تأخرت الولايات المتحدة في كشف الرابط بين إيران وتنظيم القاعدة. وهذا يعود إلى تأخر السياسة الخارجية الأمريكية بشكل عام، في محاكاة ما يجري على الساحة الدولية، منذ وصول باراك أوباما إلى البيت الأبيض. وهذا الأخير يرسم السياسة الخارجية على مبدأ الموظف الذي لا يعمل كيلا يرتكب الأخطاء، لكنه نسي أن الأمر إذا انطبق على موظف بلدية في قرية نائية في بلد متعثر غير راشد، لا يتماشى مع وضعية رئيس الولايات المتحدة. ولا يعقل أن دولة بقوة ومكانة هذه الأخيرة، لم تكن تعرف الصلة الوطيدة بين إيران والتنظيم الإرهابي. فإذا كانت قادرة على قتل زعيمه أسامة بن لادن، فإنها على الأقل تعرف مسارب التمويل الرئيسة التي تصل إلى "القاعدة"، خصوصاً، أن كلا الطرفين (إيران والقاعدة) بقيا منذ سنوات طويلة تحت المجهر. هل لا يزال أوباما محتفلاً بقتل بن لادن، ونسي ما تركه لبقية كوادر وأفراد التنظيم؟! جهات كثيرة تحدثت في السنوات السابقة عن العلاقة المالية على الأقل بين إيران و"القاعدة"، كانت تلقى تجاهلاً كبيراً من جانب الولايات المتحدة، التي لم تكن تصدق أن رابطاً يمكن أن يجمع بين الطرفين. والحقيقة أن هذا ليس أقل من سذاجة، أكدت مرة أخرى سذاجة أوباما في الحكم. فمصالح الأشرار واحدة، وأكثر كتب التاريخ سطحية يورد لمن يرغب مئات الحالات المشابهة في التاريخ. ليس مهماً الفوارق التي قد توجد في المبادئ لدى الطرفين، المهم النتائج .. والأهم أن تكون زاخرة بالأذى والشر. هتلر-إمبراطور اليابان، موسوليني، فرانكو، صدام حسين، العنصري الفرنسي لوبين. الأسد، رئيس كوريا الشمالية، القذافي، موغابي .. وغيرهم، كلها أمثلة من التاريخ المعاصر والحديث. "وحدة الشر"، أكثر "الوحدات" مرونة وسلاسة، وتكون في أفضل حالاتها، عندما تتم في الأنفاق والجحور، لا في التجمعات المعلنة. أخيراً كشفت الإدارة الأمريكية عن دعم إيران لتنظيم القاعدة! بعد أن تبين لها، أن شركات وأشخاصاً إيرانيين أو مقيمين في إيران، هم مسؤولون عن نقل الأسلحة والمقاتلين لتنظيم القاعدة في سورية، وبعلم السلطات الإيرانية. إلى جانب طبعاً، التمويل المالي من إيران أو عبرها، إلى هذا التنظيم. وبعيداً عن تفاصيل "الاكتشاف" الأمريكي الجديد، فالتمويل الإيراني للقاعدة لا يقتصر على سورية، بل يشمل منذ سنوات ساحات أخرى، من أفغانستان إلى باكستان إلى اليمن إلى المغرب العربي. ولا شك في أن هذا التمويل يشمل أيضاً الساحات في الغرب، على اعتبار أنه عدو واحد للطرفين. ورغم الالتباس الذي قد يظهر من جراء هذا التعاون الوثيق، إلا أن "مصالح الأشرار" تزيله على الفور. والغريب أن الولايات المتحدة نفسها، رصدت في عام 2011 مكافأة تصل إلى عشرة ملايين دولار، لمن يدلي بمعلومات لاعتقال شخص يدعى ياسين السوري، الذي ثبت لها أنه يعمل من إيران على تمويل تنظيم القاعدة. غير أنها لم تتقدم خطوة واحدة على صعيد الاهتمام أكثر بهذا الرابط بين الجهتين! وفي عام 2012، كشفت تحريات للأمن المغربي، حول مصادر تمويل جديدة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي، تأتي من إيران أو عبرها. وفي أكثر من مناسبة أثبتت السعودية الترابط بين مجموعات إرهابية قاتلة مثل الحوثيين وحزب الله وتنظيم القاعدة .. وإيران. وهذه الأخيرة، بقيت حتى اليوم مصدراً مهماً للتمويل، سواء بصورة مباشرة، أو عبر تسهيلات، كإقامة شركات وهمية، وأعمال تجارية. المهم بالنسبة لهذه المجموعات وإيران النتائج التخريبية، وليس التفاصيل. صحيح أن الولايات المتحدة، كانت سباقة في وضع حزب الله على قائمة الإرهاب، لكن الصحيح أيضاً، أنها امتنعت عن فتح ملف مهم أيضاً يتعلق بالعلاقة المتشابكة بين "القاعدة وإيران. من الصعب بالطبع الوصول إلى تفاصيل التمويل الإيراني المالي لتنظيم القاعدة. لكن ليس صعباً تتبع المصادر الرئيسة له. خصوصاً في ظل وجود منظومة تضع إيران تحت الضوء في مسألة الإيرادات المالية، بصرف النظر عن التسهيلات الجزئية التي تتمتع بها طهران حالياً، نتيجة اتفاقها المؤقت مع القوى الكبرى بشأن برنامجها النووي. ومما لا شك فيه، أن إيران ستمضي إلى الأمام في دعمها لأي جهة إرهابية، وستقدم لها ما تحتاجه من تمويل. والأهم أنها ستستغل الفترة الراهنة التي تنعم فيها ببعض التسهيلات، لمواصلة العلاقة مع الأشرار. وشبكات القاعدة في إيران، تزداد مكانة فيها. فالنظام الإيراني لا يستطيع الاستمرار في الواقع، إلا من خلال علاقاته مع تنظيمات إرهابية، يعتبرها جزءاً من "عمقه الاستراتيجي". إن أنظمة قائمة على الشر والخداع والتطرف والنيات السيئة.. تدعمها "التقية"، لا تسندها إلا مجموعات إرهابية قاتلة، ولا تسند هذه الأخيرة إلا أنظمة كهذه. إن تلاقي المصالح يزيل الكثير من العقبات في طريق طرفين، يسعيان إلى الوقوف في وجه العالم، لا لشيء، إلا لنشر الشر على أوسع نطاق.
إنشرها