Author

العمل 40 ساعة في الأسبوع وما بعدها

|
هددت بعض الجهات في القطاع الخاص برفع التكلفة على المستهلك إلى 30 في المائة إذا قامت الدولة باعتماد 40 ساعة عمل في الأسبوع، وتهديدهم مرفوض، وعلى وزارة المالية ووزارة التجارة والصناعة التصدي لذلك ومعاقبة كل من يستغل هذا القرار. لقد ألفنا الاعتماد على العمالة الوافدة منذ الطفرة الأولى وضيّعنا فرصاً كثيرة من استغلال كل تلك المشاريع في تدريب أبنائنا واستفاد منها العامل الوافد الذي تدّرب وأصبح مدير مشروع أو خبيراً في أعمال الإنشاءات أو التسويق أو غيره. حتى نظام العمل لدينا كان موجهاً لخدمة الوافد وأعطى حماية زائدة للعامل الوطني، حيث لا يُفصل من الوظيفة إلا في حدود ضيقة جداً، ما جعل كثيراً منهم متكلين على النظام وعبئاً على أصحاب المنشآت. على الجهات المسؤولة إقرار الـ 40 ساعة عمل، ويومين إجازة في الأسبوع لجميع العاملين في القطاع الخاص دون أي نقص في الأجور، وإن كانت الثماني ساعات المفقودة تمثل ارتفاعاً في تكلفة العامل نحو 16.6 في المائة إلا أنها لا تؤدي إلى ارتفاع الأسعار النهائية إلى 30 أو 20 في المائة، لأن تكلفة العمالة هي جزء من التكلفة العامة للخدمة أو السلعة، لذلك أي زيادة بين 5 إلى 10 في المائة تكون متوقعة وليس أعلى من ذلك. وبالتأكيد سيتحمل المستهلك أو الدولة في حالة المشاريع الحكومية هذه الزيادة ولكن لا يجب أن نجعلها سبباً في عدم إصدار النظام. وعندما ترتفع أسعار العملات الأجنبية مثل الجنيه الاسترليني أو اليورو أو الين، ندفع أسعاراً أعلى للسلعة نفسها أو عندما ترتفع الأسعار العالمية يرفع التاجر الأسعار ويتحملها المستهلك، وعندما يرفع صاحب العقار الإيجار دون حدود سواء في إيجار السكن أو المعارض، يتحمل المستهلك تلك الزيادة، فلماذا الآن يتباكى بعض الكتاب على المستهلك الذي ولو مرة واحدة في حياته سيتحمل 5 في المائة زيادة في الأسعار نتيجة نظام سيساعد على توظيف مئات الألوف من أبناء وطنه الذين سيصرفون دخلهم في الوطن ولن يحوّلوه للخارج، وسيكون سوقنا أكبر وأقوى لزيادة المداخيل الوطنية. وهناك من يريد أن يوهمنا أن القرار سيكون له إفرازات من الناحية الأمنية، وهذا اتهام باطل للوافدين النظاميين، فمن يخالف الأنظمة في يومين يمكنه أن يخالفها في ساعة، والبعض الآخر يريد دراسات أعمق حتى يؤجل القرار. وعلينا ألا نضيع الوقت في المجادلات والعمل على الاستفادة من هذا النظام بتطبيق ما هو أهم، وهو توظيف وتدريب الشباب والشابات على الأعمال المطلوبة في سوق العمل ولا نوظفهم وهمياً، ونساعد بعضهم على الدخول في استثمارات صغيرة يصبحون بعدها أصحاب منشآت يعملون فيها بأنفسهم ويشغلون أبناء وطنهم. وأتمنى أن تدرس الجهات المسؤولة بعض المقترحات التالية، ومنها أولاً: تحديد غلق المحال التجارية الساعة العاشرة مساءً، ما عدا في شهر رمضان، فتبقى إلى 12 ليلاً، ثانياً: أن تغلق المطاعم الساعة 12 ليلاً، أي لا تقبل أي زبون بعد الساعة 11 ليلاً، ثالثاً: أن تفرض ضريبة تذهب إلى صندوق الموارد البشرية لاستخدامها في تدريب وتوظيف المواطنين بين 5 و10 في المائة على مداخيل العمالة الوافدة غير المنزلية، وأن تفرض 5 في المائة أخرى على كل تحويلاتهم، وأن يكون لكل وافد حساب بنكي في أي بنك أو مصرف، حيث ترفض البنوك أن تقوم بذلك لأنه سيكلفها وتنسى مليارات الريالات التي تحصل عليها سنوياً، رابعاً: أن تضاعف الدولة دعم الهيئة العامة للتدريب التقني والمهني، حيث تواكب المعاهد العالمية ومع أنها مدعومة إلا أنه لا يساوي ولا الخمس من مخصصات الدول المتقدمة مثل اليابان، مقارنة بما يصرفوه على التعليم العالي، خامساً: علينا جميعاً وفي المقدمة وزارة العمل، أن تعمل على التدريب والتأهيل بجدية لرفع كفاءة العامل الوطني وزيادة إنتاجيته حسب استراتيجية وزارة العمل، وعلينا أن ننتقل من عقلية عامل متكل بقوة النظام إلى عامل منتج يُعتمد عليه ويضيف إلى الاقتصاد الوطني بإنتاجيته وليس بجنسيته، ولا نريد أن نكون أقلية في وطننا أو نعتمد على العامل الوافد في المستقبل إلا في حدود ضيقة، حيث على الدولة أن تحقق الهدف الذي اعتمده الأمير نايف بن عبد العزيز، طيّب الله ثراه، من ألا تتعدى نسبة الوافدين 20 في المائة من السكان. إن قرار الـ 2400 ريال سنوياً كان أول قرار يشعر به رجل الأعمال أن الدولة جادة في توظيف وتدريب المواطن، وهذا ما كان يحثنا عليه سموه، رحمه الله، سادساً: إصدار قرار بعدم زيادة الإيجارات أكثر من 4 في المائة سنوياً تحت أي ظرف على المستأجر نفسه، سابعاً: إصدار قرار من وزارة الشؤون البلدية والقروية بعدم السماح لأي مبنى أن يفتح معارض أو محال تجزئة إذا كان المبنى على شارع أقل من 25 متراً، وأن تعطى جميع المحال على الشوارع التي أقل من ذلك مدة سنتين لتصفية أعمالهم وسحب التصاريح وعدم تجديدها بعد انتهاء فترة الإنذار، ثامناً: تطبيق عقوبات أنظمة التحرش وبشدة على الجنسين، سواء من قبل الذكور أو الإناث في مناطق العمل والأسواق وتخصيص جهات محددة للاتصال بها وتقديم الشكاوى للتحقيق، تاسعاً: التشديد على التزام المرأة العاملة بعدم التبرج والالتزام بالزي الشرعي ووضع عقوبة لعدم الالتزام بذلك، عاشراً: يجب إعادة مناقشة وصياغة نظام العمل حتى بعد النسخة المعدلة التي صوّت عليها مجلس الشورى لاحقاً، فإن في النظام ثغرات واختلافات لا تتماشى مع كثير من أنظمة العمل في الدول الأخرى، ويكون ذلك بفريق من وزارة العمل والجهات الحكومية المسؤولة والغرف التجارية وممثلي الاتحادات العمالية السعودية وخبراء في الشؤون العمالية.
إنشرها