FINANCIAL TIMES

ازدهار تجارة التجزئة رغم عدم الاستقرار في ليبيا

ازدهار تجارة التجزئة رغم عدم الاستقرار في ليبيا

ازدهار تجارة التجزئة رغم عدم الاستقرار في ليبيا

بعد وجبة غداء من المقبلات اللبنانية والكباب في مطعم "بيروت" الجديد اللامع، بإمكان المتسوقين السير إلى محال ديبنهامز أو التنزه أبعد قليلاً بحثاً عن التخفيضات في محال ماركس آند سبنسر أو مانجو، قبل تناول القهوة والحلويات في محال سينابون. هذا ليس مركز تسوق في دبي، لكنه شارع رئيسي في غرب طرابلس، عاصمة ليبيا التي مزقتها الحرب، حيث بدأت طفرة - في خضم نيران الميليشيات وعدم الاستقرار المستمر - لا مثيل لها في تجارة التجزئة تضرب بجذورها في المنطقة. الزيادة في أعداد المحال والأعمال الصغيرة ترافقها قفزة في البناء في جميع أنحاء البلاد، حتى في بعض مناطقها الأكثر فقراً وإهمالاً، وتغذيها زيادة رواتب القطاع العام، والإقبال بعد 40 عاماً من الطلب المكبوت، على العلامات التجارية والتجهيزات الغربية. يقول عبد اليازجي، وهو موظف يبلغ من العمر 38 عاماً يعمل لدى مجموعة دولية في طرابلس "نحن نريد رؤية أماكن يمكننا السهر فيها. نريد أن نرى علامات من شاكلة ماكدونالدز، وبيرجر كينج، وبيتزا هات، وحتى بعض مراكز التسوق". يتساءل كثير من الناس ما إذا كان إحياء الشركات الصغيرة الحجم أمراً قابلاً للاستمرار، إذ تعاني ليبيا متاعب اقتصاد كلي هائلة تفاقمت بسبب حصار ذي دوافع سياسية على المنشآت النفطية، التي تعتبر أساس حياتها الاقتصادية. وعلى الرغم من أن انهيار نظام معمر القذافي عام 2011 قد بشّر بفترة من الرأسمالية المحررة، إلا أن معظم الأنظمة والصعوبة البيروقراطية الموروثة من عهد القذافي لا تزال موجودة، الأمر الذي يُثير قلق أولئك الذين قد يفكرون في الإقدام على استثمارات كبيرة. يقول أحد الدبلوماسيين الغربيين في العاصمة "هناك عدد ضخم من قوانين القذافي المستخدمة، ولا تزال تأتينا أعداد كبيرة من رجال الأعمال والحكومات الذين يجدون صعوبة في تحصيل الأموال مقابل عملهم". #2# الاستثمارات الخاصة والعامة كبيرة الحجم من النوع الذي يمكن أن ينتج فرص عمل تظل ضعيفة. كثير من الشركات الجديدة تستقدم عموماً باستخدام موظفين أجانب؛ ويرى الليبيون أنفسهم أحياناً أنهم أعلى شأناً من العمل في قطاع الخدمات، ويشكو أصحاب المشاريع من أخلاقيات العمل. يقول محمد طالب، وهو المالك الكندي-الليبي لمطعم بيروت "ليست هناك عقوبة لعدم القدوم إلى العمل هنا، فهم معتادون على الحصول على الرواتب مقابل عدم القيام بشيء، فعندما تحتاج إلى عمل فني أو تصميم فأنت تحتاج لأجانب لتنفيذه. وإذا كنت بحاجة إلى طباخين أو عمال، فأنا أجلبهم من بلدان معينة". كثير من الأعمال الجديدة تشتمل على مبيعات السلع المستوردة التي من شأنها إخراج الرساميل من البلاد. وتتم تغذية ذلك عن طريق الزيادة الكبيرة في رواتب القطاع العام، وإضافة عشرات الآلاف من رجال الميليشيات إلى جدول رواتب الحكومة، التي توظف ربع الليبيين كافة. يقول أبو زوم اللافي، وهو أستاذ اقتصاد في جامعة سبها في جنوب ليبيا "نرى افتتاحاً لكثير من المحال الصغيرة بعد الثورة – وهي شركات صغيرة للغاية، لكن إذا تحدثنا عن المستقبل وما إلى ذلك، فلا يوجد شيء. لم نشهد أي عملية تطوّر بعد الثورة أو أي استثمار، حتى إن بعض المشاريع الكبيرة قد توقفت. ما يحدث هو أن بعض الأشخاص يحصلون على بعض الأموال، وأول ما يتبادر إلى أذهانهم هو "فتح محل". أنا لا أعتقد أن ذلك قابل للاستدامة". يصف المنتقدون الحقن الهائل للأموال في الاقتصاد بأنه توجه تهكمي من قِبل الحكومة، ويتهمون المسؤولين في طرابلس باستبدال الحقوق والحوكمة وسيادة القانون التي يتلهف إليها الناس، بالأموال السهلة. يقول محمد العاجي هلال، وهو جيولوجي في مدينة مرزوق جنوب البلاد "بدلاً من زيادات الرواتب، نفضّل رؤية مزيد من الرؤية الاقتصادية الاستراتيجية، والتخطيـــــط. لا يوجــــــــد تخطيط بخصوص البنية التحتية. وليس هناك ترخيص أو مراقبة للجودة". بغض النظر عن الانتقادات، فإن المستهلكين الليبيين يتلذذون بتدفق المنتجات والخدمات والعلامات التجارية الجديدة إلى بلادهم، التي كانت معزولة لفترة طويلة. يقول أحد التنفيذيين في النفط "لقد بدأت عمليات المشاريع"، تحدث زيادة في أعداد الليبيين الذي يعملون كموزعين محليين لمنتجات دولية، مثل مواد التشحيم الصناعية، وكذلك المعلمون الذين يؤسسون مدارس خاصة بمناهج دولية. يستخدم كثير من الليبيين الرواتب المرتفعة لإجراء تصليحات أو توسيعات طال انتظارها في منازلهم". يقول عبدالله عمر، وهو عامل لدى مقاول ويبلغ من العمر 27 عاماً ويشرف على توسيع مطبخ في حي فقير خارج سبها، "إنه يكسب ما بين 1400-700 دولار شهرياً، مقارنة بـ 200 دولار شهرياً قبل الثورة"، مضيفاً "إن الناس لديهم الآن أموال أكثر قليلاً في جيوبهم". ازدهرت المطاعم الجديدة، لا سيما التي يؤسسها أصحاب مشاريع أتراك أو سوريون، حتى في المدن البعيدة مثل درنة، حيث أصبح الخروج لتناول طعام "تركي" العنصر الرئيسي، لحياة الليل. يقول سالم زابتيا، وهو رئيس تحرير صحيفة ليبيا هيرالد التي تصدر باللغة الإنجليزية "نحب الكباب، والأتراك قريبون منّا ثقافياً ولديهم تحمّل مخاطر أعلى من رجال أعمال آخرين، لذلك فهم موضع ترحيب هنا".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES