Author

المجرم «دودة»

|
لعل كثيرا من القرّاء الكرام لم يكتشفوا مثلي تلك الدودة الهلامية الشكل ذات المواصفات العجيبة. شاهدت في فيلم مدته تقارب 15 دقيقة معلومات مهمة عن الدودة المختلفة في خريطتها الجينية وشكلها الخارجي. يفسر هذا الاختلاف أمراً مهماً، هو أن هذه الدودة ـــــ دوناً عن مخلوقات الله الأخرى ــــ تتغذى على مخلفات كائنات عاشت قبل ملايين السنين. تعيش الدودة على البترول، وعندما لا تجده تأكل المنتجات المتوافرة لها وأهمها مادة "الأسفلت" التي تُعبَّد بها الطرق. شُوهدت نتائج تآكل الأسفلت في نهاية السبعينيات الميلادية في مدينة "هيوستن" ـــــ حسب رواية الفيلم ـــــ، إذ أكلت هذه الدودة مادة الأسفلت وكوّنت حفراً عميقة في تلك المدينة انتشرت في كل مكان. للأمانة أقول إنني كنت ممَّن وُجدوا في مدينة هيوستن عام 1979، لكنني لم أشاهد أي حفرة، بل شوارع تتمنى أن تقود سيارتك عليها طول النهار. المهم أن منتجي هذه المادة "الهلامية" أقصد الإعلامية ساعدونا على اكتشاف واحد من أهم أسباب معاناتنا اليومية في شوارع المملكة. إنها الحفر التي تحتل كل شارع، ويبدو أن "طعم" أسفلت المملكة أحلى من الأسفلت الموجود في أرض الله كلها. أَسْتَغِلُ هذه الفرصة للتعبير عن الشكر والامتنان لصانعي الفيلم "التوثيقي العلمي" لأنهم بذلوا جهداً كبيراً في سبيل التحقق من صحة معلومات الحارس الذي فُصِل من عمله بسبب عدم قناعة رئيسه بأنه رأى دودة تأكل الأسفلت، ولم يركنوا إلى الدعة، ودعم رواية الحارس بشهادة العامل الفلبيني الذي رأى الدودة كذلك. سافر فريق العمل إلى النمسا، حيث أجريت الفحوص على هذه الدودة التي لا نعلم كيف قُبِضَ عليها، ليكتشف أكبر معهد في المجال، أنها كائن حي عاش على بقايا الديناصورات خلال ملايين السنين، وتعيش على النفط، فإن لم تجد فعلى الأسفلت. حَلَّلُوا الـ DNA، وكشفوا "الشفرة" الجينية. ولكنهم لم يكتفوا بذلك، بل سافر الفريق إلى هيوستن حيث التقوا العالم الذي اكتشف الدودة وكتب عنها، لكنه لم ينشر أبحاثه إلى الآن. أشكر الفريق الذي أراح "نزاهة" وهيئة الرقابة، وحوَّل دعاءنا باتجاه الدودة، بدل أن ندعو على البلدية أو النقل أو المقاولين، "وهم مظلومون". وأنفقوا مبالغ كبيرة لإنتاج الفيلم، ولكن: من أين لهم كل تلك المبالغ؟
إنشرها