Author

هل لحوم العلماء مسمومة؟ القرضاوي مثالا

|
استدعت وزارة الخارجيـــــــــة الإماراتية مطلع هذا الأسبوع سفير دولة قطر وسلمته مذكرة احتجاج رسمية، على خلفية تطاول الشيخ يوسف القرضاوي على دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال منبر أحد مساجدها وعبر التلفزيون الرسمي لدولة قطر. وأعرب وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي خلال الاستدعاء عن بالغ استياء حكومة وشعب دولة الإمارات مما تلفظ به القرضاوي بحق الإمارات وعبر التلفزيون الرسمي لدولة جارة وشقيقة. وأضاف "إننا انتظرنا من جارتنا أن تعبر عن رفض واضح لمثل هذا التطاول، وأن تقدم التوضيحات الكافية والضمانات لعدم وقوع مثل هذا التشويه والتحريض من جديد، ومع احترام دولة الإمارات التام لحرية الرأي والتعبير فإنها ترفض أي خطاب يحض على العنف والكراهية، ولكننا مع الأسف ورغم التواصل الهادئ وضبط النفس لم نجد الرغبة والاستجابة نحو ذلك عند الإخوة الأشقاء في قطر". وختم وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي قائلا "حاولنا أن نحتوي هذه المسألة حرصا على علاقات الأخوة بين الدولتين الشقيقتين ودرءا للفتنة والشقاق الذي يرمي إليه يوسف القرضاوي في حملته ضد دولة الإمارات، ولكننا نجد أنفسنا مجبرين على اتخاذ هذه الخطوة غير المسبوقة في علاقاتنا الخليجية في ظل عدم استجابة الإخوة في قطر أن تستخدم منابرهم الدينية والإعلامية للإساءة إلى الجار والشقيق". وقد اختلف الرأي العام حول هذه الحادثة، منهم من رأى أن تدخل القرضاوي في الشؤون السياسية للدول المجاورة وغير المجاورة أمر مرفوض جملة وتفصيلا، وأن عليه أن يحترم ذاته والدولة التي نشأ فيها والدولة المضيفة. ومنهم من يرى أن القرضاوي من حقه أن يعبر عن وجهة نظره. وصنف يرى أن منبر الجمعة يجب ألا يستخدم لتأليب الناس وحقن الرأي العام وأن يقتصر دوره على إيضاح شعائر الدين والعبادات والمعاملات دون غيرها من المتشابهات وتصفية الحسابات وألا تقحم أمور السياسة فيه لا من قريب ولا من بعيد. وصنف آخر يرى أن القرضاوي من علماء الأمة وأنه من الذين ينظر إليهم على أن لحومهم مسمومة. وأريد أن أتوقف عند كلمة العلماء واللحوم المسمومة فنحن نسمع بالفعل منذ أمد أن العلماء لحومهم مسمومة، فهل يصنف القرضاوي من ضمنهم؟ نريد أن نعرف مَن هم من العلماء؟ ومن الذين لحومهم مسمومة؟ وهل ستبقى مسمومة إلى ما شاء الله، أم أن هناك حداًّ عنده تصير لحومهم مباحة؟ عندما نرى الساحة، وما فيها من هرج ومرج ومن علماء وأنصاف علماء ومدعي العلم يمكننا أن نصنفهم إلى عدة أصناف: 1. صنف هم العلماء حقا ولو أنهم قليلون جدا ولا يظهرون على الساحة كثيرا، بل يتجنبون الخوض في القليل والكثير، وعدد كبير منهم اعتزل الناس ولا يعرفه أحد من منزله إلى مسجده إلى طلابه ويرفضون الظهور عندما أصبح الناس يموج بعضهم في بعض. 2. صنف تعلموا تعليما جيدا في باكورة حياتهم وتتلمذوا على يد مشايخ وعلماء جهابذة وتمكنوا من أصول العلم وفروعه، إلا أنهم قاموا باستثمار ما لديهم من علم؛ فيتحرج البعض من تصنيفهم علماء، وهم أقرب إلى أن يكونوا رجال أعمال فقد صنعوا لأنفسهم علامة تجارية ويملكون بالفعل أسماء لامعة تقدر بالملايين من الريالات، وينظرون إلى الأمر على أنه استثمار ومال، رغم أنهم بدأوا بقال الله وقال رسوله وما زالوا يتبنون الدين سيرة ومنهاجا، إلا أن الموجة التي مروا بها تبين لهم أن العملية مربحة وأصبحوا يستثمرون مواقف قديمة وأحاديث غابرة. وقد كنا نحضر لهؤلاء حلقاتهم في مساجدهم وقاعات الدرس، فتخرج وقد زاد علمك واتسعت مداركك وأضفت شيئا إلى حصيلتك. أما الآن فنراهم يجترون فتات العلم ويكررون على مسامعنا ما سئمنا من تكراره يعلمه الصغير قبل الكبير وتستمع إلى هذا أو ذاك فلا ترى إضافة ولا تسمع جديدا لأن ليس لديهم الجديد بل يعيشون على أسمائهم وعلامتهم التجارية التي صنعتها لهم الأحداث. 3. صنف آخر لا يتعدون أن يكونوا وعاظا لديهم شيء من العلم يذكرون بعضه وينسون جله لعدم تعهدهم أنفسهم بين الوقت والآخر ورفضهم زيادة تحصيلهم وانشغالهم بمتطلبات الحياة، فأصبحوا لا يذكرون من العلم إلا قليلا. نعود لموضوع القرضاوي فنقول أين يصنف الشيخ القرضاوي؟ هل هو بالفعل من العلماء الذين لحومهم مسمومة، أم أنه من الصنف الثاني الذي بنى علامة تجارية عبر سنين من الأحداث وأصبح يتاجر بها، أم هو من الذين لديهم القليل من العلم حصلوا عليه من نافلة أوقاتهم؟ نريد هيئة مستقلة على مستوى العالم الإسلامي - ولعلها رابطة العالم الإسلامي - تعيد الأمور إلى نصابها وتعطينا تصنيفا لمن يطلق عليه "عالم" كي نتجنب الخوض فيه أو القدح أو التشكيك في نيّاته وأن تكون هذه الهيئة عبارة عن مرجعية للعالم الإسلامي. حمانا الله من الفتن وألهم علماءنا وأهل الحل والعقد فينا طريق الصواب حتى تحقن الدماء وتصان الأعراض.
إنشرها