Author

على طاري الزلزال

|
زارنا صبيحة يوم في مقر عملي قبل أكثر من 15 سنة رئيس البلدية مدعوماً بمجموعة من المهندسين، وكمٍّ غير قليل من الخرائط. كان هدف الزيارة تعريف إدارتنا بالخطة الخمسينية للبلدية الموقرة. احتوت المخططات أنفاقاً وجسوراً لم نعرف أنها ستكون موجودة.. لكن نجم الجلسة كان القطار الذي سيمر وسط المدينة. اختلف رؤساء الدوائر الحكومية مع البلدية على مسار خط القطار، فاعتبره البعض عائقاً لحركة البناء، وآخرون رأوه محاولة من البلدية لاقتطاع أراضٍ من أملاك الإدارة، واكتفى البعض بالفرجة وابتسامة ساخرة. كنت من الفئة الأخيرة، لكن كلا من الفئتين السابقتين كان على حق، ففي المحافظة خط سكة حديد أنُشئ قبل أكثر من 60 سنة، تحوّل إلى عائق لكل عمليات التطوير وتوفير الخدمات، لدرجة أن أسعار الأراضي تختلف قبل السكة وبعدها، كأن العالم لم توجد فيه ممرات علوية أو سفلية عندما يتعلق الأمر بالقطارات. كانت الزيارة لجس النبض، حيث وصل إداراتنا "بالذات"، طلب الموافقة على منح جزء من أراضيها للبلدية، ما أثبت رأي المجموعة الثانية. انتظرنا وانتصف العقد الثاني بعد تلك الحملة "التوعوية" دون أن نرى "قمحة ولا شعيرة ". هذه سيئة تعيشها قطاعات الدولة بشكل عام، وينجو منها البعض، تلكم هي الخطط الطموحة التي لا تبنى على معلومات رقمية وتوقعات مالية سليمة، والتي تهدف لتجميل الذات البعيدة عن الجمال، وهو حال أغلبية مدننا وبلدياتها. يقول الواقع إن هناك مَن يستخدم وسائل تجميل معقولة وبسيطة لتزيين المستقبل أمام المواطن والمسؤول. وهناك مَن يستخدم المساحيق بإسراف، ليكشف عن بساطة تفكيره وعدم فهمه أساليب استخدام "الماكياج" وبُعده عن واقع الموضة. إليكم ما أتوقع أنه حدث في اجتماع بلدي جازان بعد الزلزال: اسمح لي بمداخلة سعادة الرئيس، يقول العضو. تفضل، يقولها الرئيس. يداخل العضو: أعتقد أن اليابان ليست أفضل منا ونحن لدينا من الإمكانات والعلم والتنظيم ما يسمح لنا بأن نطبق أفضل كود بناء في العالم، وما دام حدث زلزال عندنا، أطالب بتبني كود البناء المقاوم للزلازل. يستشير الرئيس البقية: ما رأي الإخوان؟ يرد الجميع: موافقون. يقرر الرئيس: يعتمد تطبيق كود البناء المقاوم للزلازل!
إنشرها