Author

الآمال ومشغّل الأموال

|
يقضي "برنارد مادوف" عقوبة السجن لمدة 150 سنة، مع دفع مبلغ 17 مليار دولار. وُلد مادوف عام 1938م؛ أي أنه تجاوز الـ 75. عاش في مدينة نيويورك، وشاهد فورة الأسهم والسندات التي نشأ في كنفها شارع "وول ستريت"، وهو أكبر تجمُّع لشركات إدارة وبيع وشراء الأسهم والسندات في العالم. قرّر مادوف عام 1960م أن ينشئ شركة تستثمر الأموال في الأسهم والسندات. بنى الرجل على خبرته في وول ستريت ورئاسته مجلس إدارة مؤشر NASDAQ التقني المعروف. أسَّس شركة برئاسته ومجلس إدارة مكوّناً من أبنائه وبناته وأقاربه. استمر مادوف في تجميع الأموال والاحتيال على المستثمرين ليصل مجموع الأموال التي يتم تداولها من قِبل شركته نحو 65 مليار دولار. تم عام 2008م، وبعد مرور 48 سنة من عمليات الاحتيال الاحترافي، القبض على مادوف بتهمة التلاعب بأموال المستثمرين وممارسة الخداع ومخالفة القوانين الفيدرالية فيما يتعلق بتشغيل الأموال. كشفت الأزمة المالية العالمية مادوف الذي وصل مرحلة لا يستطيع فيها تسديد حقوق المساهمين البالغ عددهم 4800. استخدم مادوف حيلة مشهورة تسمّى Ponzi Scheme أي حيلة بونزي، وهي تنسب إلى تشارلز بونزي. هذا الأسلوب الإجرامي مبني على تعظيم أرباح المستثمرين من خلال دفع جزء من أموال المستثمرين الجدد على شكل أرباح أو استخدام أموال المساهمين الجدد لسداد مساهمين سابقين. يتم تدوير الأموال في عملية تتعاظم مع الوقت حتى تصل قمتها. عندما يصل حجم المبالغ هذه المرحلة، تبدأ إشكالية الشعور بالخطر لدى المستثمرين الذين يبدأون بالمطالبة بالأرباح، فيواجهون بالتردّد والتعطيل والرفض. تنتشر الإشكالية لتؤدي إلى سقوط العملية برمتها فيما يُعرف بنظرية "الشموع اليابانية". تمكّن مادوف من خداع المستثمرين على مدى قارب 50 سنة، وعلى الرغم من وجود رقابة شديدة على الاقتصاد الأمريكي من قِبل الجهات المالية، فإن مادوف لم يُكْشَف إلا بسبب الهلع الذي أصاب المستثمرين معه عندما حلّت الأزمة المالية العالمية. أهدي مقالي هذا لمَن ينتظرون السداد من قِبل اللجان التي لا تنتهي والمصارف التي تَعِد ولا تفي، ومشغّل الأموال الذي ننتظر منه المزيد كل شهر ليختفي فجأة في ظروف غامضة.
إنشرها