Author

كريستينا و«نزاهة» السعودية

|
بثت وكالات الأنباء الأسبوع الماضي صورة للأميرة كريستينا ابنة الملك الإسباني خوان كارلوس الصغرى وهي تبكي، بعد أن اتهمها قاض بالتهرب الضريبي وغسل الأموال، مما قد يمهد الطريق لمحاكمة غير مسبوقة لأحد أفراد العائلة المالكة. لم يكترث القاضي بدموع الأميرة الحسناء ولا بمكانتها الاجتماعية، وقرر استدعاءها في آذار (مارس) المقبل للإدلاء بأقوالها حول التهم الموجهة إليها، بعد أن كشفت التحقيقات عن مؤشرات قوية لضلوعها في جرائم التهرب الضريبي وتبييض الأموال وتحريض ومساعدة زوجها في اختلاس ستة ملايين دولار. أيضا في الصين أطلق الحزب الشيوعي الحاكم حملة تجاه كبار المسؤولين الفاسدين، وقالت صحف صينية حكومية الأسبوع الماضي إن القضاء أجرى خلال العام المنصرم تحقيقا مع أكثر من 37 ألف مسؤول حكومي بتهمة الفساد، وتوعد الحزب الحاكم كل من تثبت عليهم التهم بالعقاب الصارم، بعد أن قال إن الفساد تسبب في خسائر للشعب تقدر بنحو 5.51 مليار يوان. هذا ما حدث في الصين وإسبانيا، ولكن ماذا عما حدث في السعودية..؟! منذ نحو شهر وهيئة مكافحة الفساد مشغولة في "عراك" مع إدارة جسر الملك فهد الواصل بين السعودية والبحرين حول زحام مركبات رصدته فرق "نزاهة" سدد الله رميها فيما هو أكبر من الزحام. العراك "الإعلامي" الدائر بين نزاهة وإدارة الجسر انضمت إليه أخيرا إدارتا "المرور" و"الجوازات"، وغدت القضية التي أراها مضيعة لوقت "نزاهة" كالكرة ترمى من طرف لطرف وتدور في حلقة مفرغة، فلم يحدد المسؤول عن الزحام، ولم تنته القضية وتتفرغ هيئة مكافحة الفساد لعملها المنوط بها وهو رصد "الفاسدين" ومعاقبتهم، كما فعل في الصين وإسبانيا وفي كل دولة ترى في الفساد خطرا يهدد المجتمع ومؤسسات الدولة. في كل المؤسسات الخدمية في السعودية والملاصقة للجمهور هناك "زحام" للمركبات وللبشر أيضا، حتى شوارعنا تعاني زحاما يفطر "الكبد" ويتلف خلايا "المخ"، ومع ذلك لم تتحرك "نزاهة" وتقفز على طبيعة عملها إلا مع زحام الجسر الرابط بين البحرين والسعودية. كنت أتمنى من هيئة مكافحة الفساد ملاحقة الفاسدين كما فعلت الصين مع مسؤوليها وكما فعل القضاء مع ابنة الملك الإسباني، والتحقيق معهم قبل تقديمهم للعدالة ومعاقبتهم، أو أن تعلن بعد بحث وتحر أنها لم تجد في السعودية فاسدا واحدا، وأن البلد "خال" من الفساد والفاسدين، وتعلن أيضا أن لا عمل من اختصاصها يمكن أن تقوم به وتتفرغ للمساعدة على فك الاختناقات المرورية.
إنشرها