Author

«وُلِدَ الهُدَى»

|
روى أبو سعد الواعظ، قال: لمّا كانت الليلةُ التي وُلِد فيها رسول الله ــــ صلّى الله عليه وآله وسلم ــــ ارتجس إيوان كسرى "أي اضطرب وتحرّك وسُمع له صوت"، فسقطت منه أربع عشرة شُرفة، وخَمَدت نيران فارس ولم تخمد قبل ذلك منذ ألف عام، وغاضَت بحيرة ساوة.. فلمّا أصبح كسرى راعَهُ ذلك وأفزَعَه، وتصبّر عليه تشجّعاً، ثمّ جمع وزراءه وأخبرهم بما هاله، فبينما هم كذلك، إذ أتاه كتابٌ بخمود نار فارس. لما وُلِدَ النبي رأت أمه آمنة بنت وهب، نوراً أضاءت له قصور الشام. حدثٌ عظيمٌ هزَّ الكون وأعلن ظهور النبي الرحمة المُهداة، أعظم خلق الله، محمد بن عبد الله ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ، خاتم النبيين وسيد المرسلين وإمام المتقين، ذو معجزات وكرامات لم تكن لغيره من أنبياء الله ورسله. لم يبق في العالم دولة إلا وفيها مَن يصلي عليه. وافقت ذكرى مولده ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول. اختلفت الدول والمذاهب والعلماء في قضية الاحتفاء بالمولد، فمن مسرفٍ أطلق العنان للغناء والطقوس الغريبة، إلى محتفلٍ بإجازة من العمل والدراسة، وذاهبٍ للمساجد لسماع المحاضرات في فضل النبي وتاريخ حياته. بقي المجتمع السعودي حبيس الخلافات نفسها التي نراها كل عام حول تخصيص ذكرٍ أو عملٍ لهذا اليوم. يرى كثيرون أن التطرُّف للجهتيْن لا يخدم الدين. التوسُّط هو ما نتفق عليه كأغلبية حتى وإن كان بعضنا لا يملك الشجاعة الكافية لقول رأيه. نحن نذكر الرسول الأعظم ونصلي عليه في كل يوم في أذكار الصباح والمساء وقبل الصلوات وبعدها، وكلما جاء ذكره العطر ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ. لكن ما المانع أن نخصِّص حصةً دراسيةً نعلِّم فيها أبناءنا سيرة النبي، ونعرِّفهم بأفضاله ومعجزاته وكراماته وحقه على كل مسلمٍ هداه الله للدين على يد النبي ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ. ألسنا نجعل يوماً للوطن، ويوماً نذكر فيه الأم، ويوماً لحقوق المرأة، وآخر لكل مرضٍ نخشاه. فما أجدرنا أن نخصِّص حصةً نعرِّف خلالها أبناءنا وبناتنا على نبينا أبي القاسم، بأبي هو وأمي وروحي.
إنشرها