Author

«متصدّر لا تكلمني»

|
لا، يا أحبابي.. ليس هذا مقالاً لبتّال القوس. أنا هنا أستخدم فقط الوسمَ الشهير لجمهور نادي النصر لأسرق عيونكم هنا لهذا العمود الذي ضاق ونحل، لأستخدمه للحلة الجديدة التي تتباهى بها "الاقتصادية" منذ أمس. قد يقول البعض إن شهادتي مجروحة، فأنا احتللت هذا العمود حتى التصقتُ به والتصق بي، ويجد أهل "الاقتصادية" كل مرة عنَتاً في إخراجي منه، وهنا تأتي لمعة استخدام كلمة "لزقة" لمَن لا يغادر حتى لو أراد أصحابُ البيت أن يحيّوه مغادراً. أوه، نعم.. قد يقول البعض إن شهادتي مجروحة في "الاقتصادية"، وأنا أقول ولماذا البعض؟ فليكن الكل! شهادتي بها من الجراح أكثر من مساحة القماش. ولكن ما عليكم من شهادتي، خذوا ما يعطي الواقعُ.. فقط. "الاقتصادية" "تصدّرت" من البداية بحركتها، كانت الأرشق، سريعة التناول، سهلة القراءة منذ خرجت. تخصّصت في مواضيع الاقتصاد من اسمها، ولم تكن ثقيلة بالمقالات التحليلية كـ "الوول ستريت" مثلاً، ولكنها خفيفة كافية كجريدة "يو إس توداي"، تحالفت مع "الفاينانشيال تايمز" وهي حركة التفافية "تصدرية" أيضاً من وقتها، ولم تأخذ الجدية الصارمة في الرقم وشمول تغطية الأسواق العالمية من طوكيو إلى نيويورك، دوماً تخاطب الناس الذين يديرون حفنة أموالهم الصغيرة ولابد أن يفهموا ما يُقال ويكتب، وبعبقرية "تصدُّرية" تفرّدت "الاقتصادية" بذلك. قلنا إنها تخصّصت في الاقتصاد، لكنها تخصّصت أيضاً ببراعة الاهتمام في تنوع المواضيع دون أن تضيع السمة الأساس. "الاقتصادية" برشاقتها وخفتها وصغرها جريدةٌ جارت العصر، فأنت لا تقرأ ملفات ثقيلةً ولا مواضيع بحرمٍ أكاديمي، كلها للناس الذين يلتقطون الجريدة مع "سندويشة" الصباح. وكانت هذه هي الفلسفة. "الاقتصادية" لا تكبر.. إنها صغيرة بمجاورة الأعمار لأخواتها في البلاد، وهي تفرح بالعمر الصغير لأنه متجاوب مع قفزات الزمن وبواكير التقنية.. والبارحة وُلدت "الاقتصادية" ليس من جديد تماماً، ولكن مثل امرأة شابة حاربت التجاعيد قبل أن تزورها، ونفحت طاقة في خلاياها ورشاقة عضلاتها وتجاوب أعضائها الفعالة قبل أن تتكيّس العضلات، وترتخي الأوتار المشدودة. حينما ندّعي لـ "الاقتصادية" بالتصدُّر، لا نقصد الفوز على الآخرين، ولا أننا أفضل، ولا أذكى.. "تصدُّر الاقتصادية" هو لمحتها البارقة بالتقاط أي تغيُّر يشير إلى اليباس الزمني، كما يلتقط اللاعبُ صاحب الحضور البارع مع الخفة المهارية كرةً سائبةً ليسجّل منها هدفاً، في مكانه، في زمانه، في احتياجه. الفكرة أن هذه الجريدة لاعب لا يستكين على مهارة الأداء، وإنما يعمد على تنشيط اللياقة التي تغيّر معاً المهارةَ والأداء. نجيب عبد الرحمن الزامل
إنشرها