Author

تشغيل التقنية الخضراء

|
إن الطاقة الشمسية تعتبر من قصص النجاح الباهر على معظم الأصعدة فالاختراقات التقنية والتحسينات المستمرة في الفعالية قد خفضت سعر الألواح الشمسية من 100 دولار أمريكي للواط الواحد في السبعينيات إلى أقل من دولار أمريكي واحد للواط اليوم. مع كل ذلك لا تزال الطاقة الشمسية تشكل أقل من 1 في المائة من استهلاك الطاقة العالمي، وبالنسبة للطاقة الشمسية وكما هو الحال في عديد من التقنيات الخضراء الواعدة الأخرى فإن التقدم التقني لم تتم ترجمته إلى تبنيها على نطاق واسع. إن المشكلة تكمن في تركيبة السوق، وحتى نفهم السبب فإن على المناصرين للطاقة الخضراء تعلم بعض الدروس من تقنية أقل بكثير من حيث الفخامة والمكانة؛ وهي تقنية السيارات المستعملة. إن التبني البطيء للطاقة الشمسية عادة ما يعود إلى تكلفتها فتركيب ألواح شمسية في منزل واحد يكلف نحو 30 ألف دولار أمريكي تقريبا، وبفضل المكاسب في الفعالية التي تتم الإشادة بها فإن ما يتم تركيبه حديثا سيصبح قديما بسرعة. بالنسبة للجيل القادم من التقنيات فإن العائق أمام الدخول ليس التكلفة الأولية بقدر ما هو عدم وجود سوق للجيل القديم. إن من المؤكد أن سوق الطاقة الشمسية ستتوسع لو كان للمستهلكين الخيار في شراء ألواح شمسية أقل فعالية (موديل العام الماضي) بنصف القيمة على سبيل المثال. إن المخططين الحكوميين لن يواجهوا صعوبة في تبرير صرف مبلغ كبير على تقنية ستدوم لفترة طويلة - حتى لو أصبحت قديمة بسرعة - لو تأكدوا أن بإمكانهم أن يستعيدوا بعضا من إنفاقهم خلال سنوات قليلة كما أن احتمالية قيام المستثمرين بتمويل انتشار واسع للألواح الشمسية ستزيد لو استمرت قيمة التقنية لفترة تتجاوز التعديل القادم في تصميم الخلية الشمسية. إن الطلب على الألواح الشمسية المستعملة يبدو واضحا بالفعل في الدعوات المتكررة لتقنية شمسية أرخص. إن هناك اهتماما حقيقيا بفكرة إعادة تدوير التقنية الخضراء ولكن السوق الثانوية لتقنية الطاقة الشمسية لن تنشأ حتى تتم معالجة قضية أخرى وهي "سرعة التجديد". لو نظرنا لعملية استبدال السيارات القديمة بالجديدة لوجدنا أن العملية سريعة وسهلة للغاية فأنت بإمكانك أن تأخذ سيارتك إلى وكالة السيارات وتخرج من وكالة السيارات بسيارة أخرى لأن جميع السيارات تستخدم البنية التحتية نفسها للطرق. على النقيض من ذلك فإن تجديد الألواح الشمسية هي عملية بطيئة بشكل مؤلم ومثل عديد من التقنيات الخضراء فإن الطاقة الشمسية تحتاج إلى بنية تحتية خاصة بها وكل مصنع يصمم أنظمة بتخطيطات ميكانيكية وقواعد ووصلات كهربائية فريدة ونتيجة لذلك فإنه لا يمكن ببساطة استبدال الألواح الشمسية القديمة بألواح جديدة مما يعني أنه من أجل التحديث فإنه يجب على زبائن الطاقة الشمسية ليس فقط شراء السيارة ولكن أيضا إعادة بناء الطرق. على سبيل المثال فإن تكلفة تبني الطاقة الشمسية يمكن أن تنخفض بشكل كبير لو قمنا بتوحيد أحجام الألواح الشمسية وتركيبات القواعد، علما بأن توحيد المقاييس سيسهل إلى حد كبير استبدال الألواح القديمة بألواح جديدة مما يخفض من نفقات المعاملة لكل تطوير من 40 في المائة من تكلفة النظام إلى صفر تقريبا. إن كلا من الأسواق الأولية والثانوية للألواح الشمسية ستتوسع وتنقسم إلى طبقات وتصبح أكثر مرونة. بشكل عام فإنه يجب على الحكومات أن تستثمر في البنية التحتية التي تسهل نشر التقنيات الشمسية وغيرها من التقنيات بأسعار أقل. إن مثل هذا الاستثمار يوجد منابر للابتكار والتجارة التي تحقق عوائد أكبر بكثير مما يمكن أن تحققه تقنية واحدة أو صناعة واحدة. إن استثمار الحكومة في الطرق وإشارات المرور والبنية التحتية للمواقف شكل الأساس لنشوء صناعة سيارات عالمية، وهذا يدعم اليوم التطوير المستمر في المركبات التي تعمل على الغاز والديزل والكهرباء بالإضافة إلى المركبات الهجينة، وبالنسبة لقيمة الأموال فإن مثل هذا الاستثمار كان أكثر فعالية من دعم شركة مصنعة للمركبات أو تقنية واحدة. إن وجود قاعدة صلبة موحدة للتقنية الخضراء سيمكن المبتكرين من التخطيط على المدى الطويل، وطبقا للوضع الحالي يجب على أصحاب المبادرات الخضراء اختيار تقنية واحدة من أجل الاستثمار فيها ولو لم يربحوا تركيبات كافية باستخدام تلك التقنية فإنهم يصبحون خارج اللعبة، فليس لديهم الفرصة لمحاولة تقنية أخرى أو أن يعرضوا خصومات على موديلات السنة الماضية أو توفير عقود خدمة على معدات قديمة وهي استراتيجيات موجودة في صناعة السيارات وهي تساعد في التخفيف من الانخفاض في الموارد التي تتسبب فيها التقلبات في مبيعات السيارات الجديدة. إن عديدا من الشركات الجديدة في مجال الطاقة الشمسية قد وقعت ضحية لهذه الديناميكية المتمثلة في تحقيق نجاح أولي فقط. إن التقنية الخضراء لديها القابلية لأن تصبح اللاعب الكبير القادم في السوق العالمية ولكنها بحاجة لمكان في هذه السوق حتى تنطلق. خاص بـ «الاقتصادية» حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2013.
إنشرها