Author

«التعليم العالي» يمنع الجامعات من التعاقد والجامعات تخالف

|
في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة التعليم العالي إيقاف التعاقد من خارج المملكة مع أعضاء هيئة التدريس في تخصصات اللغة العربية والدراسات الإسلامية في خطوة لتوطين الوظائف الأكاديمية واستيعاب مخرجات برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي سعت بعض مؤسسات التعليم العالي إلى مخالفة هذا القرار ومنها جامعة الأمير سلمان بن عبد العزيز في الخرج التي قامت بطرح عدد من وظائفها الأكاديمية في تخصصات اللغة العربية والدراسات الإسلامية على المتعاقدين، وذلك عبر إعلاناتها في أكثر من ملحقية ثقافية حسب المعلومات التي نشرتها صحيفة ''الوطن'' ضمن تقريرها الصحفي في 21 كانون الأول (ديسمبر) 2013. وتعليقا على ذلك، أكد الدكتور محمد الحيزان المتحدث الرسمي لوزارة التعليم العالي منع التعاقد مع أعضاء هيئة تدريس من خارج المملكة في تخصصي اللغة العربية والعلوم الشرعية ما زال ساري المفعول قائلا: ''إن القرار سار ومازال التعاقد مع هذين التخصصين موقوفا'' إلا أنه رفض التعليق على طرح جامعة الأمير سلمان بالخرج لوظائف أكاديمية في تخصصات اللغة العربية والدراسات الإسلامية للتعاقد من خارج المملكة قائلا ''اسألوا إدارة العلاقات العامة في الجامعة''. وقد أعلنت جامعة الأمير سلمان بن عبد العزيز في الخرج عن حاجتها للتعاقد مع أعضاء هيئة تدريس لشغل تسع تخصصات باللغة العربية والعلوم الشرعية منها ستة تخصصات بالعلوم الشرعية وثلاثة تخصصات باللغة العربية، ومنحت الفرصة لأساتذة غير سعوديين للتقديم على هذه الوظائف، الأمر الذي يعد مخالفة واضحة لقرار وزارة التعليم العالي. ورغم أنني أرى أن ما أقدمت عليه جامعة الأمير سلمان يعد تحديا لوزارة التعليم العالي وإحراجا لها إلا أنني وفي الوقت نفسه أرى أنه من الصعب أن تقيد وزارة التعليم العالي الجامعات وتمنعها من التعاقد فأعضاء هيئة التدريس خصوصا الذين يحملون درجة أستاذ مشارك ودرجة أستاذ لا يمكن أن ينظر إليهم على أنهم موظفون يمكن تعويضهم أو سعودتهم بسهولة. فقد نقبل منع التعاقد على وظائف المعيدين والمحاضرين والأساتذة المساعدين أما الأساتذة المشاركون والأساتذة ''البروفيسورات''، ومن في حكمهم فأرى أنه من الخطأ منع الجامعات من ذلك لندرة هذه الفئة بين السعوديين في الجامعات السعودية. فالإحصائيات تقول أن أكثر من 55 في المائة من أساتذة الجامعات السعودية ما زالوا بدرجة أستاذ مساعد علما أن أعدادا كبيرة منهم شارفوا على التعاقد فكيف تغذي الجامعات نقصها من الأساتذة المشاركين والأساتذة. ونحن لا نعفي وزارة التعليم العالي ولا نعفي الجامعات من تسببها في هذه الفجوة بوضعهم العراقيل أمام أعضاء هيئة التدريس خلال العقود الماضية ولم يتم تشجيعهم على البحث والترقية ولا نريد أن نخوض في هذا الموضوع حتى لا يخرجنا عن صلب المقال. كما أن الدرجة العلمية ليست هي السبب الوحيد الذي يجبر الجامعات على التعاقد مع أعضاء هيئة التدريس من غير السعوديين بل نوعية التخصص أيضا. فإذا كانت وزارة التعليم العالي تمنع الجامعات من التعاقد مبدئيا على التخصصات العربية والشرعية فنخشى أن يسري في يوم من الأيام على التخصصات الأخرى وبهذا تكون جامعاتنا مقتصرة على مواطنيها وهذا سيؤثر سلبا في البيئة الأكاديمية للجامعات فليس من الحكمة أن تكون الجامعات حكرا على المواطنين ليس فقط أعضاء هيئة التدريس بل حتى الطلاب فمن الأجدر أن يكون هناك نسبة من غير السعوديين بين أعضاء هيئة التدريس وبين الطلاب وبين الموظفين أيضا حتى تتشكل الثقافة التنظيمية للجامعات بطريقة تخدم العلم والمعرفة والذي سينعكس على خدمة التعليم العالي في الأمد الطويل. نرى بعض الجامعات في بعض المناطق بدت وكأنها أنظمة ثقافية مغلقة فقاطنو المنطقة يمثلون أكثر من 99 في المائة من منسوبي الجامعة، وهنا ترى الفئوية بكامل صورها من مناطقية وقبلية ونحوها فترى نفسك غريبا في بيئة أكاديمية كنت تعرفها وكانت تعرفك إلا أن المعايير اختلفت، فالدرجة العلمية والتخصص الأكاديمي لم يعودا من ضمن معايير التقييم ومثل هذا يمثل خللا ثقافيا وتنظيميا وأكاديميا. نظريات التنظيم لا تحبذ أن يكون جميع أعضاء المنظمة من فئة بعينها أو من جنسية بذاتها بل تنادي بالاختلاف والتباين ويبقى التآلف مبنيا على رسالة المنظمة ورؤيتها الاستراتيجية. أما منع التعاقد من أجل الضغط على الجامعات حتى ترضخ وتستقطب مخرجات مشروع خادم الحرمين الشريفين للابتعاث فالجامعات ترى أن برنامج الابتعاث لم يعد أصلا لتغذية مؤسسات التعليم العالي وترى أن ليس لها دور في الإشراف على البرنامج ولم تشارك في وضع سياسته ولا تعلم كيف تتم إدارته؟ وما الأهداف الجوهرية من ورائه؟ ولماذا يتم التمديد له رغم إخفاقاته؟ فالجامعات ليس لها مساهمة فعلية وليس لديها أي إشراف أكاديمي أو إداري أو حتى استشاري على البرنامج. كما أن هناك ملاحظات عدة تشوه مخرجات البرنامج، من أبرزها أن من لم يجد له مقعدا في الجامعات السعودية من خريجي الثانوية العامة ومن لم يجد له وظيفة بعد التخرج من خريجي الجامعات فليس له مأوى سوى برنامج الابتعاث. أي أن أصحاب النسب المتدنية في الثانوية العامة وأصحاب المعدلات الضعيفة بعد التخرج في الجامعات السعودية هم مدخلات برنامج الابتعاث.. فكيف تتوقع أن تكون مخرجات برنامج هذه مدخلاته؟ كما أن تباين التخصص يعد من أبرز عيوب البرنامج. فقد تجد من يحمل البكالوريوس في اللغة العربية بمعدل مقبول، وفي الوقت نفسه لديه ماجستير في إدارة الأعمال. وهنا أريد أن أختم فأقول إن على وزارة التعليم العالي ألا تضغط على الجامعات في قبول مخرجات برنامج لا يناسب خططها ومناهجها وإن أرادت أن تَخرج من النفق الذي أدخلت نفسها فيه فعليها ''التعليم العالي'' أن تبحث لمبتعثيها عن وظائف تناسب مؤهلاتهم.
إنشرها