Author

أمانة جدة.. تدخل عالم الطاقة الشمسية

|
إن أمانة مدينة جدة وقعت عقداً حضارياً مع البيئة الصديقة والنظيفة، فقد فاجأت الجميع وباشرت أولى تجاربها في استخدام الطاقة الشمسية لإنارة بعض شوارع مدينة جدة، وأنا شخصياً قمت بزيارة إلى الشوارع ورأيت بأم عيني اللوحات الشمسية التي تستقبل الطاقة الشمسية وتحولها إلى تيار طبيعي. وفي صيف العام الماضي كنت في زيارة إلى جامعة نوتنجهام البريطانية، ولاحظت أن الجامعة لا تستخدم الطاقة الكهربائية التقليدية، وإنما تستخدم الطاقة الشمسية في كل مرافقها، بل رأيت الشوارع في مدينة نوتنجهام البريطانية وهي تضاء بالطاقة الشمسية ولا تضاء بالطاقة التقليدية التي تلوث البيئة وتمتص كميات هائلة من البترول. القضية ليست قضية أمانة مدينة جدة، وإنما هي قضية الوطن بأكمله، ونعرف جميعاً أن السعودية تعد من أكثر الدول في العالم استهلاكا للنفط، وقد نشرت وزارة البترول والثروة المعدنية الكثير من البيانات والإحصاءات التي تقول إن استهلاك المملكة من النفط في عام 2032 سيقفز إلى نحو تسعة ملايين برميل يومياً، أي أن إنتاج المملكة من البترول سيتجه في عام 2032 بنسبة 95 في المائة نحو الاستهلاك المحلي! وفي ضوء هذه الأرقام المخيفة أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أمراً ملكياً بإنشاء مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، وتهدف هذه المدينة إلى البحث عن طاقة متجددة غير البترول، منخفضة التكلفة ومتوافرة ضمن قائمة الموارد المحلية المتاحة. طبعاً الشمس التي تغطي كل أراضي المملكة وتلسع بسياطها المحمومة أجسامنا الغضة تعتبر مورداً رخيصاً ومتاحاً. ولهذا وقَّعت مدينة الملك عبد الله العقود مع الشركات العالمية المتخصصة في إنتاج واستخدام الطاقة الشمسية على نطاق واسع. ولذلك سرني جداً أن تباشر أمانة مدينة جدة في استخدام الطاقة الشمسية، وأزعم أن الأمانة ستكون ــــ في المستقبل القريب ـــــ نموذجاً لنجاح تجارب استخدام الطاقة الشمسية في المملكة بدلاً من إنتاج الطاقة الكهربائية التقليدية التي تستهلك كميات هائلة من البترول. وأرجح أن الأمانة ستنجح في هذا المشروع كما نجحت في الكثير من المشاريع التي قامت بتنفيذها في السنوات الثلاث الماضية. ومن أجل تنفيذ مشاريعها حول الطاقة المتجددة خصصت المملكة اعتمادات مالية بلغت 108 مليارات دولار لإطلاق مشاريع عملاقة تمكِّن المملكة من تشغيل محطات الطاقة الشمسية بقدرة إنتاجية تصل إلى 41 جيجاواط بحلول عام 2032، وهي المشاريع التي من المفترض أن تلبي أكثر من 30 في المائة من حاجات المملكة من الكهرباء. إن استخدام الطاقة الشمسية في مشاريع البلديات ستحد من المبالغة في تكسير وحفر الشوارع، وتمنع ظاهرة سرقة الكابلات، كما أنها وسيلة مناسبة وآمنة لمنع الإصابة بالتيار الكهربائي في حال لمس الكيبلات والأسلاك المكشوفة، كما أن استخدام الطاقة الشمسية في مشاريع البلديات سيساعد على إيقاف سرقة التيار الكهربائي من قبل ضعاف النفوس، ويحد من تلوث الهواء عند توليد الطاقة الكهربائية، إضافة إلى كونه مشروعاً اقتصاديا مربحاً، إذ يتم الحصول على الطاقة الشمسية دون تكاليف، في حين ستعمل الأمانة على التوسع في المشروع وتحسين البيئة عن طريق زراعة الأشجار والشجيرات في كل أزقة وشوارع جدة باستخدام مضخات مياه تعمل بالطاقة الشمسية. والشيء الذي يبعث على الغبطة أن مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة أعلنت أنها انتهت من وضع مشروع أطلس خاص بكل موارد الطاقة المتجددة التي تتوافر في السعودية، وهي الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وطاقة تحويل النفايات، وطاقة باطن الأرض. وبهذا الإنجاز يدخل ملف "الطاقة المتجددة" في المملكة مرحلة عملية جديدة يتوقع أن تنعكس إيجاباً على مستقبل استخدامات الطاقة النظيفة، وفي ضوء ذلك يعتبر أطلس الطاقة المتجددة بمثابة خريطة طريق لمستقبل الطاقة المتجددة في السعودية. ولذلك فإن انطلاق أطلس الطاقة المتجددة يعتبر نقلة نوعية في مجال اهتمام المملكة بمشاريع الطاقة المتجددة ودفع المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية نحوها، وهكذا فإن المملكة تضع نفسها جنباً إلى جنب مع الدول الكبرى. إن السعودية تخطط لإنتاج 10 في المائة من طاقتها الكهربائية من الشمس بحلول عام 2020، وصولا إلى 25 في المائة بحلول عام 2032. ولقد أصدرت مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة تقريراً حول برنامجها المخصص لمشاريع الطاقة المتجددة، وأوضحت أن برنامجها يسعى إلى بناء محطات للطاقة الشمسية تجعل المملكة من أكبر مصادر الطاقة على مستوى العالم. وبالنسبة للخيار الأفضل للطاقة، فإن المنظمات الدولية المسؤولة عن البيئة ترحب بالطاقة الشمسية كمصدر رئيس للطاقة، بل إن كل المجتمعات في جميع أنحاء الدنيا يفضلون الطاقة الشمسية كخيار رئيس للطاقة، لأن مصادر الطاقة الشمسية من أكثر المصادر المتصالحة مع البيئة النظيفة.
إنشرها