أخبار اقتصادية

مساعد وزير البترول : أسواق النفط مستقرة والصخري لا يقلقنا

مساعد وزير البترول : أسواق النفط مستقرة والصخري لا يقلقنا

مساعد وزير البترول : أسواق النفط مستقرة والصخري لا يقلقنا

قال مساعد وزير البترول السعودي اليوم إن أسواق النفط مستقرة تماما والامدادات جيدة. وأكد الامير عبد العزيز بن سلمان أن ارتفاع امدادات النفط الصخري على مدى السنوات القليلة الماضية لا يمثل مصدر قلق للسعودية نظرا للزيادة السريعة للطلب في آسيا. وأبدى في مؤتمر صحفي في دبي ترحيب المملكة بامدادات الطاقة من مصادر جديدة. ## نص كلمة الأمير عبد العزيز بن سلمان أود أن أشكر الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات على دعوته لي للتحدث إلى هذا الحضور المتميز. وأود كذلك أن أعرب عن تقديري للدور الرئيس الذي يؤديه الاتحاد في دعم وتطوير صناعة البتروكيماويات الخليجية، وتنظيم منتدى لمناقشة القضايا المتعلقة بالصناعة. ندرك جميعاً إننا نعيش مرحلة غير مسبوقة من التحولات السريعة، والبالغة التعقيد، في عالم الطاقة. فالاقتصاد العالمي لا يزال يواجه تيارات معاكسة لا يمكن إغفالها، ومن أبرز التحولات تصاعد التغير في ميزان القوى الاقتصادية نحو الشرق، وتزايد حجم الطبقة الوسطى في كثير من الاقتصادات الناشئة، وتبلور أنماط جديدة من تدفقات تجارة الطاقة وعلاقاتها، إضافة إلى استمرار التغيرات على المشهد السياسي في الشرق الأوسط. لكن؛ في مثل هذه المرحلة المتغيرة، ذات الدرجة المتدنية من اليقين، عادة ما تبرز الكثير من الفرص، وهذا الأمر ينطبق تماماً على قطاع الطاقة وصناعة البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي. كان المتحمسون لذروة البترول قبل بضعة سنوات، الذين هيمنوا على مشهد الطاقة، يصرون على أن إنتاج البترول العالمي تجاوز ذروته. لكن الرأي في المملكة العربية السعودية أنه لم يتم بلوغها بعد، وأن التحدي الذي يواجه صناعة الطاقة لم يكن نقصاً في الموارد، بقدر ما أنه تعلّق على الدوام بكيفية استخراج موارد الطاقة، وتوصيلها إلى الأسواق بطريقة تتسم بالكفاءة، والموثوقية، والاستدامة، وفي الحقيقة؛ أثبت الزمن لاحقاً هذا الرأي. في الوقت الراهن حلت تصورات بوجود وفرة في موارد البترول محل القلق من وجود شحٍّ في إمدادات البترول، وكما أوضح معالي وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن ابراهيم النعيمي مؤخراً أنه: "في غمضة عين حلّ حواريو الوفرة محل المنذرين من الندرة". لم يكن هذا التحول في منظور السوق والانتقال من الندرة إلى الوفرة بالأمر المفاجئ، والتجربة في المملكة العربية السعودية تثبت ذلك. فعلى الرغم من مضي سنوات ظلت خلالها مصدراً موثوقاً لإمدادات الطاقة إلى الأسواق المحلية والعالمية، لا تزال احتياطيات المملكة العربية السعودية من البترول والغاز مستمرة في التوسع. ويعود ذلك بشكل كبير إلى التطورات التقنية والابتكارات، التي مكّنَت الصناعة من زيادة توافر موارد الطاقة، وإمكانية استخراجها في كثير من أنحاء العالم. لذلك ظلّت التقنية على الدوام هي المحرك الرئيس الذي يشكّل قطاع الطاقة، وستستمر كذلك. إن المملكة العربية السعودية ترحب بالموارد الجديدة من إمدادات الطاقة، نظراً للحاجة إليها لمواجهة اتجاه رئيس آخر يعمل على تشكيل صناعة الطاقة والبتروكيماويات، يتمثل في اتساع حجم الطبقة الوسطى الذي سيولّد طلباً قوياً على الطاقة ومنتجات البتروكيماويات النهائية. إن العولمة، والتصنيع، والتحضّر، والتطور السريع، مدفوعةً جميعها بالطاقة، قد أدّت إلى إخراج مئات الملايين من الأشخاص من دائرة الفقر، لتوسّع بدورها حجم الطبقة الوسطى. والعالم الآن يشهد توسعاً كبيراً في الطبقة الوسطى، جاء التوسّع هذه المرة في الأسواق الناشئة. ففي آسيا وحدها يوجد نحو 525 مليون نسمة، يمكن اعتبارهم من الطبقة الوسطى، وهو ما يفوق إجمالي عدد سكان دول الاتحاد الأوروبي. وحتى في الشرق الأوسط الذي لا تنمو فيه الطبقة الوسطى بالوتيرة ذاتها في آسيا، إلا أن توسّعها برغم ذلك كان ملموساً، وأسهم في زيادة الاستهلاك في كثير من بلدانه، خاصة البلدان الغنية بالموارد. ويتوقع خلال العقدين القادمين أن يتزايد حجم الطبقة الوسطى عالمياً من مستواه الراهن البالغ 1.8 مليار نسمة إلى 3.2 مليار نسمة بحلول عام 2020م، وإلى 4.9 مليار نسمة بحلول 2030م، مع تركّز الجانب الأكبر من هذه الزيادة في آسيا. سيُحدث اتساع حجم الطبقة الوسطى تغيراً جوهرياً في المشهد التجاري، وسيتيح فرصاً واسعةً لصناعة الطاقة والبتروكيماويات العالمية، مع تحول أنماط الاستهلاك من الاقتصادات المتقدمة إلى كلٍ من اقتصادات الدول الناشئة الآسيوية، والدول الغنية بالموارد في الشرق الأوسط؛ وستكون الطبقة الوسطى المتنامية، خلافاً لنظيراتها في الغرب، مؤلفة في أغلبها من شريحة الشباب، التّواقة بسماتها الديمغرافية لزيادة الاستهلاك. ومن المنتظر أن يزيد الطلب على كثير من المنتجات البتروكيماوية مع نمو مبيعات الأجهزة المنزلية، والسيارات، وأجهزة الاتصالات، والمعدات الطبية، والملابس. لكن؛ مع الفرص تأتي أيضا تحديات هائلة، فصناعة البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي ستكون عند مفترق بالغ الأهمية، يتطلب استعداداً جيداً، يؤهلها لمواجهة تلك التحديات على أفضل وجه. التحدي الأول: المنافسة المحتدمة في قطاع البتروكيماويات العالمي، إذ ستواجه صناعة البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العقد القادم منافسة أكثر ضراوة، يقف ورائها منتجون جدد، يمتلكون مصانع أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة، ووفرة في الغاز، وأكثر اعتماداً على التقنية المتقدمة، وأعلى قدرة على الابتكار. ففي الولايات المتحدة الامريكية أفضى النمو السريع في مجال الغاز الصخري، إلى زيادة حادة في إنتاج الإيثاين والبروبين، ما أدّى إلى ما وصفه البعض بـ "نهضة في تصنيع البتروكيماويات". وكذا الحال بالنسبة للحكومات في آسيا، التي أظهرت اهتماماً لافتاً على مستوى ما تقوم به من تطوير لصناعاتها البتروكيماوية، بهدف مواكبة الطلب المحلي المتزايد على المنتجات البتروكيماوية. وبالتالي لابد أن يمثّل هذا المستوى من المنافسة العالمية تنبيهاً لصناعة البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي ، من أجل تحسين كفاءتها. التحدي الثاني: ارتفاع موجة الحمائية والحواجز التجارية بصورة متعاظمة في كثير من أنحاء العالم، بهدف حماية الصناعة المحلية أمام المنافسة العالمية. وسوف تزداد هذه السياسة مع تزايد عدد منتجي البتروكيماويات، ووجود خطط طموحة لدى كثير من البلدان الساعية لتطوير صناعاتها البتروكيماوية. ولا يخفى أن زيادة إجراءات مكافحة الإغراق مؤخراً، والتي تستهدف صادرات البتروكيماويات؛ تشكل قلقاً للمملكة العربية السعودية. إذ أن مثل هذه السياسات الحمائية، ستترك تأثيرات عكسية على الصناعتين الإقليمية والعالمية، كازدياد الأسعار على المستهلكين، وانكماش النمو الاقتصادي العالمي، وانخفاض قدرة هذه الصناعة على الإنتاج، والحد من نمو هذه التجارة. لقد كان رأي المملكة دائماً أن الحواجز ليست الحل للمشاكل التجارية، ولذا فهي في مفاوضات دائمة مع شركائها لتطوير علاقات تجارية متينة قائمة على المنفعة المتبادلة. التحدي الثالث: صغر حجم أسواق منتجات البتروكيماويات المحلية والإقليمية. فعلى مدى سنوات مضت، طوّرت صناعة البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي شبكة توزيع عالمية فاعلة من خلال مؤسسات التسويق التابعة وشركائها العالميين. لكن بالإضافة لاعتمادها على الأسواق العالمية، من المهم بالنسبة لهذه الصناعة أن توجِد زيادة في الطلب في منطقة الشرق الأوسط، عبر توسعة شبكة التوزيع، وتطوير صناعات محلية مساندة، مع توفير الفرص الوظيفية للمواطنين، وزيادة دخولهم. إن دول المنطقة تتمتع بإمكانات كبيرة، ففي عام 1950م كان عدد سكان الشرق الأوسط يتجاوز 100 مليون نسمة بقليل، وخلال خمسين عاماً تجاوز العدد 380 مليون نسمة، ويتوقع بحلول 2050م أن يصل عدد السكان إلى مستوى يناهز 700 مليون نسمة، لكن دون جهود ملموسة من جانب الحكومات والصناعة، ودون إصلاحات هيكلية لأنظمة التعليم وأسواق العمل في الشرق الأوسط، الأمر الذي سيبقي غالبية السكان على هامش القوى العاملة، فضلا عن إيجاد فرص عمل لهم. إنّ المنافسة العالمية الحادّة، وسياسات الحمائية المتزايدة، والتركيز الراهن على برامج استحداث الوظائف في دول مجلس التعاون الخليجي يسلط الضوء على تحدٍّ رابع: وهو محدودية مساهمة صناعة البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي في تنويع اقتصاداتها المحلية، وتوسيع نطاق التوظيف لآلاف الشباب الذين يدخلون سوق العمل سنوياً. دعوني أشارككم بعض الإحصاءات التي توضح الصورة، بلغت مساهمة قطاع الصناعة التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي 8.9 في المائة، تساهم صناعة الكيماويات بنحو 1.5 في المائة فقط منها. أما على مستوى التوظيف؛ فلا تستوعب صناعة البتروكيماويات أكثر من 80 ألف عامل يشكلون نحو 6 في المائة من إجمالي القوة العاملة في الصناعة التحويلية في دول مجلس التعاون الخليجي. لنقارن ذلك بالاتحاد الأوروبي الذي على رغم التحسينات المستمرة في إنتاجية العامل، إلا أن شركات الكيماويات وظّفت عدداً إجمالياً بلغ 1.19 مليون شخص حتى عام 2011م، وأوجدت ضعف هذا العدد من فرص العمل غير المباشرة في مجال خدماتها ومنتجاتها المساندة . إنّ على صناعة البتروكيماويات في المنطقة الكثير من العمل للتحوّل على مستوى العمليات والمنتجات النهائية، التي تعد أمراً مهماً لتحقيق المزيد من القيمة المضافة، واستحداث الوظائف، وتنويع القاعدة الاقتصادية. فحتى الآن تستحوذ صناعة البتروكيماويات الأساسية (أسمدة، بولميرات) على 80 في المائة من طاقة البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي، في حين لا تتجاوز نسبة المنتجات المتخصصة 0.5 في المائة من إجمالي طاقة صناعة البتروكيماويات. وبهدف زيادة هذه الحصة؛ فإن ذلك يتطلب استراتيجية تنويع مزدوجة، تقوم على التنويع الرأسي في مراحل سلسلة الصناعات التحويلية وصولاً إلى المنتجات النهائية، والتنويع الأفقي المتمثل في قطاعات الخدمات المساندة. ينبغي لصناعة البتروكيماويات، وحكومات المنطقة أن تستعد جيداً لمواجهة هذه التحديات، وأن توجد طرق عمل مناسبة لزيادة مرونة الصناعة أمام الاتجاهات المستجدة. دعوني اقترح بعضاً من هذه الإجراءات المناسبة للفترة المقبلة: أولاً: الابتكار- كونه عاملاً رئيساً لضمان تنافسية الصناعة. على الرغم من بعض التقدم المتحقق خلال الاعوام الماضية، لا يزال أمام صناعة البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي الكثير من الجهود اللازم بذلها في مجالات البحوث، والتقنية، والابتكار. لقد شكّلت الشراكة مع الشركات العالمية مكوناً رئيساً في إستراتيجية صناعة البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي، وستظل كذلك؛ ويجب تشجيع هذه الشراكات واستمرارها، إلا أنّ الاعتماد على تراخيص التقنية مع الشركاء العالميين لا يعد كافياً على الإطلاق. وإذا أرادتْ هذه الصناعة تحقيق خطوات مهمة في مجال الابتكار، فإن عليها المضي قدماً في بناء وتطوير قاعدتها من الكوادر البشرية المحلية. فبرغم الأهمية التي تتمتع بها كلاً من مواد اللقيم والتقنية؛ إلا أن القدرة التنافسية في الأجل الطويل، تعتمد بصورة أساسية على مهارات البشر وقدرتهم على الابتكار. وتبرز أهمية الابتكار بشكل خاص، في مجال إيجاد سبل أوسع تسهم في تقليص التكلفة، وترفع مستوى عمليات المعالجة التحويلية، من أجل رفع كفاءة عملية التصنيع، والأداء الإداري. وعلى رغم توافر موارد الطاقة بصورةٍ هائلة في المنطقة، إلا أنّه يتطلب إعطاء جانب الكفاءة والحفاظ على الطاقة أولوية قصوى. وقد حقق المصنعون الآخرون إنجازاتٍ مهمة في هذا الجانب، ففي الاتحاد الأوروبي، كانت كثافة الطاقة في صناعة الكيماويات عام 2010م أقل بنسبة 53.4 في المائة مقارنةً بمستواها عام 1990م. خلاصة الأمر؛ أن على دول المنطقة تركيز جهودها في مجال صناعة البتروكيماويات، بهدف الحفاظ على قدرتها التنافسية في الأجل الطويل. علماً بأن المركز السعودي لكفاءة الطاقة "كفاءة" يتعاون مع صناعة البتروكيماويات في المملكة، لتطبيق معايير كفاءة الطاقة بما يتفق مع المعايير الدولية. ثانياً: مع تزايد المنافسة العالمية في مجال البتروكيماويات، يتعيّن على صناعة البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي، التأكد من توافق عملياتها مع القوانين التجارية الدولية. فهي بحاجة لأن تكون أكثر انسجاماً مع الاتفاقيات الدولية، مثل منظمة التجارة العالمية، من أجل الالتزام بأنظمة وضوابط "جهاز تسوية المنازعات"، وتجنب الدعاوى القضائية ضد نشاطها التصديري، وإنشاء آليات رصد وتحليل تساعد على تفادي تلك الدعاوى القضائية قبل بدئها. هذه ليست بالمهمة اليسيرة؛ إذ تتطلب تعاوناً وتنسيقاً بين الحكومات، والقائمين على صناعة البتروكيماويات، واتحادات المنتجين، كالاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات. كما تتطلب بناء القدرات، وتطوير الخبرات في مجال التعامل مع القضايا التجارية ذات الصلة. وبالنظر إلى حجم الصناعة البتروكيماوية في المنطقة، وخططها الطموحة لتطوير القطاع محلياً وعالمياً، من المهم جداً للحكومات والصناعة أن تعمل مجتمعة على بناء القدرات، وإيجاد أنظمة ومؤسسات تعمل على تحسين أوضاع الصناعة، وحماية مصالحها. ثالثاً: يتعين على الحكومات والقائمين على صناعة البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي، أن يعملا بجدية لتلبية الطلب الراهن، وإيجاد طلب إضافي في منطقة الشرق الاوسط على المنتجات البتروكيماوية. وهذا سيمكن الصناعة من تنويع أسواقها، وجعلها أقل عرضة للتقلبات المحتملة في الأسواق العالمية، والأهم من ذلك التصدي لبعض الآثار السلبية الناشئة من الحمائية المتزايدة. أخيراً: من المهم بالنسبة لشركات البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي، أن تحصل على قيمة مضافة عن طريق الاستثمار في الصناعة التحويلية وصولاً إلى المنتجات النهائية وتنويعها على سبيل المثال، استثمارات سابك المستقبلية في هذا المجال. وهناك جانب مكمّل لهذه الاستراتيجية يتمثل في تطوير مناطق صناعية، ومجمعات بتروكيماوية، مثل المجمعات الصناعية في المملكة العربية السعودية التي شجعت على تطوير وتنمية قطاعات جديدة، كالصناعة التحويلة للمواد المعدنية والحديد، ومشاريع المركبات، والطاقة الشمسية، والبلاستيك، والتغليف، والأجهزة المنزلية، التي تشير بوضوح إلى رغبة حكومات المنطقة في الاستثمار لإيجاد إطار مناسب لتعزيز تكامل العمليات النهائية، وتطوير قاعدة تصنيع مصحوبة بكل أنشطة الدعم اللازمة، بما في ذلك مراكز ومعامل البحث والتطوير. كما أن هناك مجالاً آخراً، اكتسب في الآونة الأخيرة أهمية متزايدة، وهو مجال التكامل بين عمليات المصافي والبتروكيماويات من خلال إنشاء مجموعة من المنشآت الصناعية الكبرى في هذا المجال، كاستثمارات أرامكو السعودية المشتركة في شركة صدارة للكيميائيات (صدارة) وشركة رابغ للتكرير والبتروكيماويات (بترورابغ). وينبغي تشجيع مثل هذا النوع من التكامل، كونه يمهد الطريق نحو تكامل أكبر، وهو أمر مهم في البحث عن مصادر إضافية لزيادة الطلب على البترول ومنتجاته. إنّ توسيع الصناعات التحويلية، وصولاً إلى المنتجات النهائية، سيساعد على تحقيق أهداف متعددة تشمل إيجاد وظائف جديدة، وتنويع قاعدة الاقتصاد والصادرات، والحصول على مزيد من القيمة المضافة للاقتصادات المحلية، وتوسيع القاعدة المعرفية لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، من خلال تطوير القدرة على إنتاج مجموعة كبيرة من المنتجات شديدة التعقيد. والتحدي الأكبر بالنسبة لنا جميعاً، حكومات، ومصنّعين، هو كيف نحوّل إمكانات الشباب، ومواهبهم، إلى أصول تؤدي إلى تحقيق فوائد لاقتصاداتهم، ومجتمعاتهم، عوضاً عن تركْهم عبئاً على الاقتصاد ونظم الرعاية الاجتماعية. وببلوغ هذا الهدف يمكن إرساء دورة تعزيز إيجابية تؤدي إلى إيجاد المزيد من الأفراد الذين تتحسن دخولهم، ما سيؤدي إلى وجود مصدر جديد للطلب، وأسواق جديدة للمنتجات النهائية. في الوقت الراهن؛ تحوّلت المعرفة بصورة متزايدة إلى كونها المحرك الرئيس للإنتاجية، والنمو الاقتصادي، والتنويع. ومعظم المنتجات التي تستهلكها المجتمعات الحديثة، تحتاج من المعارف أثناء تصنيعها أكثر مما لدى الفرد الواحد، وبالتالي أصبح تنويع المعرفة المفتاح الذي يتيح للمجتمعات الحديثة أن تعمل بطريقة منتجة. لكن بناء اقتصاد قائم على المعرفة الإنتاجية مهمة ذات تحدٍ كبير. وكما يوضح أطلس جامعة هارفارد الخاص بالتعقيدات الاقتصادية، المعرفة الإنتاجية أنها "لا يمكن تعلّمها بسهولة مثل أغنية أو قصيدة". فهي تتطلب تغيرات هيكلية واسعة تشمل إيجاد مؤسسات جديدة، وتحولات في أنماط التفاعل داخل المؤسسات والمجتمع. كما أنّ توسيع المعرفة الإنتاجية لا يعني شكل المشروعات ومظهرها، ولا جمال البنايات، بل الأشخاص الذين يشغلون هذه البنايات، ومستوى مهاراتهم وتدريبهم. إنه يتعلق بنظام التعليم القادر على تزويد الخريجين بالمهارات المطلوبة في سوق العمل، وبالسياسات الحكومية الشاملة والمنسجمة، وبالتعاون الوثيق بين المؤسسات المختلفة والصناعة، وبأجهزة حكومية تعمل كفريق واحد لديه مجموعة متنوعة من الكفاءات، والمعرفة، والمهارات، ذات رؤية واضحة ملتزمة بخطة طريق تسير بها إلى الأمام. يحتاج بناء اقتصاد قائم على المعرفة الى عقود عدة. وإلى أن يتم ذلك، على صناعة البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي، أن تستثمر خبرتها ومعرفتها التراكمية، للدفع قدماً نحو استراتيجية تنويع مزدوجة، تقوم على التنويع الرأسي في مراحل سلسلة الصناعات التحويلية وصولاً إلى المنتجات النهائية، والتنويع الأفقي المتمثل في قطاعات الخدمات المساندة. في إمكان الصناعة البتروكيماوية في دول مجلس التعاون الخليجي أن تنظر باعتزاز إلى ما حققته خلال العقود الثلاثة الماضية، إذ جعلت من نفسها منتجاً مهماً في صناعة الكيماويات العالمية، وذلك بما توفر لها من ثروات المنطقة من البترول والغاز. لكن كما أوضحتُ، فإن هذه الصناعة أمام مفترق بالغ الأهمية، ولابد لها من التعاون مع الحكومات الإقليمية لمواجهة التحديات المستقبلية في جميع أشكالها، والقيام بدور أكبر في تنمية الاقتصادات المحلية. وهذا ليس بالعمل السهل، فثمّة صعوبات كثيرة على الطريق، ذات مرة قال وينستون تشرشل: "المتشائم يرى صعوبة في أية فرصة، والمتفائل يرى فرصة في كل ما هو صعب". لذا أجد نفسي متفائلاً، برغم كل ما هو أمامنا من صعوبات، بأن صناعة الطاقة والبتروكيماويات في المنطقة ستسثمر هذه الفرص الجيدة، والإمكانات المتوفرة، لتكون أفضل وأكثر نمواً.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية