Author

دروس من الحج .. التنظيم والإدارة والتطوير (2)

|
عندما تم تلمس العديد من الظواهر السلبية في الحج سواء السلوك أو العمل أو الأنظمة أو المشروعات والتفكير في تطوير الآليات التي تعين على القضاء على غالب تلك المظاهر، ومن خلال تبني حملة وطنية مشتركة بين مختلف الإدارات والأجهزة العاملة في الحج من حكومية وغير حكومية، مدنية وأمنية التي أخذت مسمى حملة ''الحج عبادة وسلوك حضاري''، وكانت انطلاقتها بعد عقد ورشة عمل دعا إليها أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل وبحضور كل المعنيين بشؤون وشجون الحج والعمرة، وكانت الكلمة الأولى له عن كيفية الارتقاء بخدمة ضيوف بيت الله - سبحانه وتعالى - خصوصاً عندما نكون مجتمعا يعتز بقيمه ومبادئه الإسلامية التي قال عنها المصطفى - عليه الصلاة والسلام: ''إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق''، وهو - عليه الصلاة والسلام - الذي وصفه الله - سبحانه وتعالى - بقوله: ''وإنك لعلى خلق عظيم''، هذا الخلق الإسلامي وما يصاحبه من رغبة صادقة وقوية من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وحكومته وشعبه في تقديم الغالي والنفيس لخدمة ضيوف بيت الله وتسخير كل الإمكانات المادية والبشرية لتحقيق ذلك، إضافة إلى الرغبة الصادقة الأمينة لدى كل مواطن سعودي في خدمة ضيوف بيت الله - سبحانه وتعالى. التقاء كل ذلك وغيره كثير جعل إمكانية الارتقاء بخدمة ضيوف بيت الله أمرا حتميا، وتلمس الظواهر السلبية مسؤولية ميدانية أمنية في أعناق العاملين تحت مظلة هذه القيادة، وكان التلمس للمشكلات وتقديم العلاج لها هو السبيل للتطوير الفكري والإنشائي والتنظيمي والإداري لإدارة الحج. إن ما تمت الإشارة إليه في المقال السابق حول بعض الظواهر السلبية وعلاجها ومنها: 1 - منع المركبات أقل من 25 راكبا من دخول المشاعر. 2 - نقل الإدارات الحكومية من مشعر منى. 3 - منع الحج دون تصريح. يضاف إليها جهود موازية في هذا المجال ومنها: 4 - تطوير صالة قدوم ومغادرة الحجاج في مطار الملك عبد العزيز وتحقيق التشغيل المنضبط لها؛ وهو ما جعلها تحصل على المركز الأول بين أفضل عشرة مطارات في العالم لعام 2011 وفقا لاستطلاع جريدة US Today والتطوير والتحديث جارٍ في الصالة ويدعمها المشروع الجديد العملاق المتمثل في إنشاء صالات حديثة في مطار الملك عبد العزيز ودعم ذلك بالكفاءات الإدارية والأمنية والفنية المتميزة. 5 - اعتماد المسار الإلكتروني لقدوم ومغادرة الحجاج، وهو ما يضمن بعد توفيق الله - سبحانه وتعالى - للحجاج سهولة القدوم والتنقل في مختلف المواقع والمغادرة دون أي تأخير أو ضياع لمعلوماتهم، كما يساعد على معرفة الحاج مكان إقامته وكل ما يتعلق به من معلومات شخصية وغيرها من معلومات الحج والمطوفين وشركات الطيران والنقل ومواعيد الرحلات والتفويج، وتقوم وزارة الحج مع جهات أخرى بتطويره وتطبيقه بشكل متكامل للأعوام المقبلة بما في ذلك البوابات الإلكترونية بعد نجاح تطبيقه في موسم العمرة وشهر رمضان الكريم. 6 - تجريم شركات الحج الوهمية التي يقوم أصحابها مع الأسف الشديد بإيهام المواطنين والمقيمين بوجود تصاريح حج لديهم ويقومون بتسلم مبالغ مالية منهم ثم محاولة إدخالهم لمكة المكرمة ثم التخلي عنهم أو التخلي عنهم من مدنهم والهروب بالأموال؛ وهو فعل يوقع جميع الجهات المعنية بأعمال الحج في حرج مع الحجاج، وهنا جاء الأمر السامي بتجريم هذا الفعل وتغليظ العقوبة على من يقوم بهذا الفعل المشين. 7 - تغليظ العقوبة على من يقوم بتهريب ونقل الحجاج غير النظاميين؛ ومثل هذا التصرف أيضا يوقع الجميع في حرج، ومع الأسف أن أكثرهم من المقيمين في السعودية نظاميين وغير نظاميين. 8 - المنع والحد من تخلف الحجاج والمعتمرين، حيث بلغ عدد المتخلفين بعد حج وعمرة عام 1427هـ أكثر من 450 ألف حاج ومعتمر من عدد من قدم للمملكة وهم أقل من ثلاثة ملايين حاج ومعتمر، حيث أصبح العدد في نهاية عام 1433هـ أقل من ستة آلاف متخلف من أصل أكثر من تسعة ملايين حاج ومعتمر؛ وذلك بعد توفيق من الله بجهود الزملاء في وزارتي الداخلية والحج من خلال تطبيق نظام الغرامة والشطب للشركات. 9 - تصحيح وضع الجاليات المقيمة في مدينة مكة المكرمة؛ وهم من استوطن مكة خلال الأعوام الماضية ويشكلون أحد المعوقات لأعمال الحج، ولعل مثال تصحيح وضع الجالية البرماوية الطريق الصحيح لاستكمال تصحيح وضع بقية الجاليات بما يضمن تنظيم وضع المقيمين بشكل نظامي. 10 - التأكيد على أهمية التفويج والانضباط في تنفيذه بكل دقة لمختلف رحلات الحج من مكة إلى منى يوم التروية أو من منى إلى عرفة يوم التصعيد أو من عرفة إلى مزدلفة ثم الجمرات يوم النفرة وحتى الطواف وطواف الوداع ومغادرة الحجاج، وكلها رحلات وتحرك جماعي ضخم يشابه تحرك إحدى المدن المليونية في أوقات محددة. إن الجهود المذكورة وغيرها تقف خلفها كوكبة من القيادات السعودية المدنية والأمنية في التفكير والتخطيط والتطوير والتنفيذ والمتابعة والتقويم والإضافة والتعديل؛ للوصول للصورة التنموية الإدارية لإدارة وتنظيم الحج بما يخدم راحة وطمأنينة الحجاج وتمكينهم من أداء شعيرة الحج بالروحانية المأمولة، وقد حقق رجال الأمن في هذا المجال العلامة الكاملة في حسن الأداء والتطوير وهو موضوع المقال المقبل من دروس من الحج، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
إنشرها