FINANCIAL TIMES

من الغباء الاعتقاد بغباء حزب الشاي الأمريكي

من الغباء الاعتقاد بغباء حزب الشاي الأمريكي

من الغباء الاعتقاد بغباء حزب الشاي الأمريكي

من الغباء الاعتقاد بغباء حزب الشاي الأمريكي

فوريست جامب خلَّد عبارة ''الغباء هو ما يفعله الغبي''. في أعقاب أحدث عملية إغلاق حكومية، طبّق معظم الأمريكيين هذه العبارة بسهولة على حركة حزب الشاي. هل يمكن أن يكون هناك شيء أكثر غباءً من العبث بإعسار سيادي تطوعي؟ من يقول إن الحركة لن تحاول ذلك مرة أخرى، في الأشهر المقبلة؟ إذا كان الهدف هو هزيمة حزب الشاي، فإن وصفه بالغباء ليس بالعمل الأكثر ذكاءً. أعضاء حزب الشاي مورد لا ينتهي من المواد الهزلية في آخر الليل. لكن إهانة معدل ذكائهم يفضي إلى تحسين فرصة أن يكرر ممثلوهم في واشنطن المحاولة مرة أخرى. هذا من شأنه تعزيز نظرتهم العالمية لبلدة يديرها مصابون بالصلف متخرجون في الجامعات الأمريكية الراقية. كذلك اتهامهم بالغباء يصعب تأييده بالحقائق. خلال السنتين الماضيتين، حوّل حزب الشاي التحفيز المالي لأوباما إلى انكماش حاد في الميزانية – وهو من الأهداف الأساسية للحركة. ربما تكون أحكامها سيئة وتقديراتها خاطئة، لكن نجاح هذه الحركة بالكاد يؤهلها لأن تكون غبية. #2# من الصعب تماماً مقاومة إغراء التقليل من شأن حزب الشاي. في وقت سابق من هذا العام، قال بيل كلينتون إن حزب الشاي مليء بالأشخاص الذين ''يتحققون من دخول أدمغتهم عند الباب''. في حملته الأولى، تحدث باراك أوباما عن الأشخاص الذين يعيشون في البلدات الصغيرة والمحاصرين اقتصاديا، الذين ''يتمسكون بالأسلحة، أو الدين، أو الكراهية لأشخاص ليسوا مثلهم''. وصف أفراد في مؤسسة واشنطن أخيراً أفراد حزب الشاي بأنهم ''جهاديون''، و''أغبياء''، و''قوارض يرتدون أحزمة ناسفة انتحارية''. يا ليت الأمور كانت بهذه البساطة، فالسياسة أيضاً تتعلق بعلم النفس. كان رونالد ريجان قادراً بشكل جزئي على هزيمة ليبرالية ''المجتمع العظيم''، لأنه كان يعرف كيف يفكر الديمقراطيون. لقد كان ديمقراطيا فيما مضى ويحب الاختلاط بهم. في هذه الأيام أصبحت الأشياء أكثر استقطاباً في الولايات المتحدة، حيث يرغب أوباما بحق في إزالة نفوذ حزب الشاي في واشنطن، ذلك أن هذا الحزب، إضافة إلى تعطيل كل بنود أجندته المحلية تقريباً، أظهر نفسه قادراً على التهور المتسلسل، لكن أوباما لا يكشف لنا شيئاً يذكر من البصائر ما يحفز قاعدة دعمهم. #3# التقيتُ بأفراد من حزب شاي يقولون إنهم لا يعرفون أحداً لا يشتم أوباما. وأعرف ليبراليين يعلنون بفخر أنه لا يوجد لديهم صديق جمهوري واحد. معظم جمهور أوباما لديه قواسم مشتركة مع الأوروبيين الذين يتشاركون الدراجات، أكثر مما لديه مع الأمريكيين من البلدات الصغيرة. إنهم موجودون في الإعلام المتشابه المصادق على ذاته والثقافات المنفصلة بشكل متزايد. إنه حوار متوازن للطرشان بشكل يثير الاستغراب. نحو خُمس الأمريكيين يؤيدون حزب الشاي، وما يقارب الخمس يصفون أنفسهم بأنهم ليبيراليون. هناك نوع من الوجاهة في اعتقاد الفئة الأخيرة أن التاريخ في جانبها. يتم قبول زواج المثليين بشكل متزايد وتستمر الولايات المتحدة في الحصول على المزيد من متعددي الأعراق، كل عام، لكنهم يستخفون بقدرة حزب الشاي، على إيقاف كل شيء آخر. بالفعل، يشير تاريخ الولايات المتحدة إلى أن هذا العرض قد يستمر. أقرب تشابه للحزب الجمهوري في هذه الأيام هم ديمقراطيو أواخر القرن التاسع عشر - حزب الجنوب المهزوم. على الرغم من خسارته للحرب الأهلية، فقد نجح في استعادة الكثير من واقع مجتمع الرقيق من خلال قوانين ''جيم كرو'' (الفصل العنصري). في ذلك الحين، كما الآن، كان الأمريكيون يعيشون مرحلة تكنولوجيا جديدة باعثة على الاضطراب، وانعدام المساواة على مستوى بارونات السلاح والقطارات، والهجرة الجماعية المثيرة للقلق من المجتمعات التي لا تتحدث اللغة الإنجليزية. استمر عناد ما يسمى بحزب ديكسيكرات وصولاً للستينيات. هناك تشابه تحذيري آخر وهو فشل باري جولدووتر في الرهان الذي وضعه الجمهوريون في عام 1964 لهزيمة ليندون جونسون - الرئيس الذي جلب أخيراً الحقوق المدنية للجنوب. وجولدووتر المحافظ الأكبر كان النموذج السابق لحزب الشاي. أقنعت هزيمته الساحقة العديد بأن الصفقة الجديدة والمجتمع العظيم أصبحا ثابتين. خلال أربعة أعوام استعاد ريتشارد نيكسون البيت الأبيض، جزئياً عن طريق تحويل التابعين لحزب الديكسيكرات إلى جمهوريين. وخلال 16 عاماً، كان ريجان المتألق يعيد صياغة كتاب القواعد. يخبرنا الماضي بأن المستقبل لا يمكن التنبؤ به. لا يوجد شيء محتوم فيما يتعلق بزوال حزب الشاي. شعوره بالظلم الحارق ليس فريداً من نوعه في عالم اليوم. إن نمو الأحزاب مثل الجبهة الوطنية في فرنسا وحزب الاستقلال في المملكة المتحدة يشبه نهوض حزب الشاي. كل دولة لديها الحامض النووي السياسي الخاص بها. في الولايات المتحدة، من الصعب دائماً الفصل بين العِرق والطبقة. لكن الأمر واضح أيضاً هو أن أعضاء حزب الشاي، مثل العديد من الأمريكيين، يتلقون دخولاً منخفضة ويواجهون رهبة متنامية تتعلق بأمانهم الاقتصادي. بالتالي فإن من المحتم أنهم يستخدمون غيرهم ككبش فداء. هذا لا يعني أن مخاوفهم وهمية. معظم أفراد حزب الشاي يقولون لمستطلعي الرأي إنهم يعتقدون أن أطفالهم سيكونون أسوأ حالاً منهم. كذلك يفعل معظم الأمريكيين. كان أوباما محقاً الأسبوع الماضي بقوله إنه يأمل أن يستبدل الحزب الجمهوري تكتيكاته الحدية القاطعة بشيء بنّاء أكثر. إن إمكانية مرور ثلاثة أو أربعة أشهر أخرى من استنزاف المالية العامة على يد حزب الشاي - يتبعه موعد أخير، عندما يفشل الطرفان في الاتفاق - بالكاد يرفع المعنويات. قد تكون هذه قصة ولايته الثانية. لكن الأمل لا يُعَد استراتيجية. يتحدث حزب الشاي عن عشرات الملايين، غالبيتهم من البيض الذي لا يعيشون في المدن، ومعظمهم من متوسطي الأعمار وكبار السن، الذين يعتقدون أن أوباما يعيد توزيع ما اكتسبوه بصعوبة على الأمريكيين الصغار في السن والأقل استحقاقاً. شعورهم بالمرارة من فكرة الاستبعاد، أدى بهم إلى اتباع سياسة أنانية ومدمرة في واشنطن، لكن هذا ليس غباء. انظر إلى الأمر كما يلي: كل التخفيضات المحلية في الميزانية الأمريكية حتى الآن – وهي تخفيضات حادة للغاية - تقع على عاتق الأجيال الصغيرة. لم يتم المساس بالرعاية الطبية والضمان الاجتماعي. بهذا المقياس فإن حزب الشاي يحقق النجاح. على أي حال، يجب عدم افتراض فشلهم أبداً، كما يقول جامب: ''الحياة مثل علبة من الشكولاته، لا تعرف على ماذا ستحصل''.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES