أخبار اقتصادية

أوباما مخاطبا خصومه: لا يوجد «أي رابح» في أزمة الميزانية .. ألحقنا الضرر باقتصادنا

أوباما مخاطبا خصومه: لا يوجد «أي رابح» في أزمة الميزانية .. ألحقنا الضرر باقتصادنا

اعتبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس أنه لا يوجد ''أي رابح'' إثر الأزمة السياسية حول الموازنة والمديونية التي أصابت الدولة الفيدرالية بالشلل طوال أكثر من أسبوعين، مضيفاً في كلمة وجهها من البيت الأبيض أن سوء الأداء السياسي يشجع أعداءنا ويضعف أصدقاءنا، بحسب ''الفرنسية''. وغداة الاتفاق في الكونجرس الذي أبعد موقتا شبح تخلف الولايات المتحدة عن السداد، دعا الرئيس الديموقراطي إلى وقف المجابهة والتصويت على موازنة على المدى البعيد لإعطاء المزيد من ''الثقة'' للمتعاملين الاقتصاديين. وطالب أوباما خصومه بالتخلي عن ''استراتيجية الأوضاع الحرجة'' التي تهدد الاقتصاد وتزعزع ثقة الأمريكيين في حكومتهم، وبشكل أكثر تحديدا، فقد طلب الرئيس من النواب الجمهوريين في مجلس النواب أن ينكبوا على إصلاح قانون الهجرة الذي تبناه هذا الصيف مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الديموقراطيون، كما تطرق أيضا إلى ضرورة تبني قانون حول الزراعة، وهو أحد القوانين المجمدة أيضا. وأضاف الرئيس الأمريكي أنه ''بعد 16 يوما من شلل الدولة الفيدرالية لنكن واضحين، لا يوجد أي رابح هنا. الأسابيع الأخيرة ألحقت باقتصادنا ضررا دون أي مقابل. لا يوجد شيء على الأرجح يضر باقتصادنا ومصداقيتنا في العالم سوى المشهد الذي عشناه في تلك الأسابيع''. ووقع أوباما صباح أمس القانون الذي تم التصويت عليه في اللحظة الأخيرة في الكونغرس الأمريكي لرفع السقف القانوني لدين الولايات المتحدة، ما شكل خاتمة لأخطر أزمة سياسية أثناء ولايته الثانية، وجاء التوقيع بعد أن رفع الكونجرس سقف دين الولايات المتحدة حتى السابع من شباط (فبراير) المقبل. وكان أوباما قد أعلن في وقت سابق في كلمة ألقاها من البيت الأبيض أنه يجب على أعضاء الكونجرس استعادة ''ثقة'' الأمريكيين بعد أسبوعين من المواجهات السياسية، داعيا إلى التوقف عن حكم البلاد ''من أزمة إلى أزمة''. وأقر مجلس الشيوخ ثم مجلس النواب على التوالي مساء الأربعاء وبغالبية واسعة قانون التسوية الذي أعلن عنه قبل بضع ساعات بعد مفاوضات مكثفة وأسابيع من الخلافات النيابية. وتسمح هذه التسوية للخزانة بالاقتراض حتى السابع من شباط (فبراير) وتتيح تمويل الدولة الفيدرالية حتى 15 كانون الثاني(يناير)، كما طلب من الموظفين الفيدراليين كافة الذين وضعوا في إجازة بدون راتب منذ 16 يوما بسبب أزمة الميزانية، العودة إلى العمل اعتبارا من صباح أمس، وستدفع لهم رواتبهم بأثر رجعي. لكن هذه التسوية تبقى مؤقتة لأنها تتيح بضعة أشهر فقط أمام الفريقين للتوفيق بين مواقفهما بشأن الميزانية، وستدعى لجنة من المجلسين لتضع قبل 13 كانون الأول (ديسمبر) أطر ميزانية للأشهر المتبقية من عام 2014، لكن أعضاء الكونجرس المنقسمين بين ديمقراطيين وجمهوريين أبدوا حتى الآن عجزهم عن إيجاد أرضية تفاهم. استباقا لتلك المرحلة الجديدة كرر أوباما أنه ''مستعد للعمل مع الجميع على أي فكرة من شأنها أن ترفع نمو الاقتصاد وتوفر وظائف وتعزز الطبقة الوسطى وتعيد تنظيم الميزانية على المدى الطويل''. وشددت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاجارد على الطابع المؤقت للاتفاق وقالت في بيان إنه من الضروري الحد من التشكيك المحيط بإدارة سياسة الميزانية من خلال رفع سقف الدين بصورة أكثر استمرارية. وقد جاء رد فعل الأسواق الأوروبية أمس فاترا على الاتفاق الأمريكي بزيادة سقف الدين الاتحادي بشكل مؤقت خوفا من تكرار السيناريو نفسه مطلع العام القادم، حيث سجلت بورصة لندن تراجعا بنسبة 0.54 في المائة، وبورصة باريس 0.81 في المائة، وفرنكفورت 0.76 في المائة، وفي آسيا أقفلت بورصة طوكيو على ارتفاع بنسبة 0.83 في المائة، فيما تراجعت هونج كونج وشنغهاي بنسبة 0.57 في المائة، و0.21 على التوالي، وسجلت سيول تحسنا بنسبة 0.29 في المائة، وسيدني بنسبة 0.38 في المائة. كما انخفض مؤشر فاينانشيال تايمز ببورصة لندن بنسبة 0.2 في المائة، في حين انخفض مؤشر داكس الألماني وكاك في بورصة باريس بنسبة 0.6 في المائة لكل منهما، وفي شمال أوروبا، تراجعت بورصة ستوكهولم بنسبة 0.35 في المائة، بينما انخفض مؤشر بورصة هلسنكي بنسبة 0.65 في المائة. وأشار خبراء إلى أن الخسائر لم تكن مفاجئة؛ إذ إن الأسواق كانت قيمت بالفعل حلا مؤقتا لكن لا تزال تتخوف من عدم التوصل لاتفاق دائم، وقال عشاق صديقي محلل في استراتيجيات السوق لدى ''إي تي إكس كابيتال'' إن السوق تشعر بعدم ارتياح بشأن توقعات بالكفاح مع اللعبة نفسها من سياسة حافة الهاوية في واشنطن مجددا مطلع العام القادم، مضيفاً أن الأمر أكثر غموضا بشكل غير مبرر في توقيت يشهد فيه النمو الاقتصادي على مستوى العالم ضعفا في أفضل الأحوال. لكن سيمون أوكونور المتحدث باسم المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية قال إن الاتفاق كان انتصارا للمسؤولية على حافة الهاوية، وأن هذا ما شهدناه بشكل واضح، لذا فنحن نرحب للغاية بالاتفاق الذي تم التوصل إليه، الذي يزيل ظلالا كثيفة كانت تظلل الاقتصاد العالمي والتعافي الوليد هنا في أوروبا أيضا''. كذلك سجل اليورو ارتفاعا كبيرا في مقابل الدولار الأمريكي، حيث تم تداول العملة الأوروبية بنحو 1.3628 دولار مقابل 1.3530 دولار أول أمس. وتزامنت خاتمة الأزمة، مع نكسة كبيرة للفريق الجمهوري وزعيمه رئيس مجلس النواب جون باينر الذي طالب خلال أسابيع السلطة التنفيدية بتقديم تنازلات خاصة بشأن النفقات الاجتماعية قبل أي تصويت على الميزانية، وذلك قبل أن يتراجع عن موقفه. وأشار باينر لإذاعة دبليو الـ دبليو من معقله في أوهايو''خضنا معركة من أجل قضية عادلة، لكننا لم نكسب''. ووعد بمواصلة العمل لمنع ''الكارثة المتمثلة بالقانون المتعلق بإصلاح النظام الصحي'' الذي أصدره أوباما في 2010 وبدأ تطبيق شق أساسي منه مطلع تشرين الأول (أكتوبر). وستترك المعركة ذيولها داخل الحزب الجمهوري الذي تدهورت شعبيته إلى مستوى تاريخي هذا الخريف، وقال السناتور الجمهوري جون ماكين المعارض لاستراتيجية التشدد المعتمدة من قبل زملائه في مجلس النواب، بأسى: ''قلت منذ البداية إنني أعلم كيف سينتهي ذلك''. أما التيار المحافظ المتشدد المعروف باسم حزب الشاي ''تي بارتي'' الذي يتهم نوابه بالتسبب في هذه الأزمة، فلم تكن شعبيته مطلقا بهذا التدني، حيث أشار استطلاع لمعهد بيو إلى أن 49 في المائة من الأمريكيين عبروا عن موقف معارض لحزب الشاي، مقابل 43 في المائة في آب (أغسطس) 2011 أثناء مواجهة سابقة بشأن الدين. ورغم ما واجهه الاقتصاد الأول في العالم من خطر التخلف عن سداد ديونه على الأجل القصير بسبب عجزه عن الاقتراض، إلا أن الأسواق المالية رفضت التفكير بسيناريو كارثي كهذا، واقفلت بورصة وول ستريت الأربعاء على ارتفاع بدون أن تتأثر بالتحذير الذي أطلقته وكالة التصنيف الائتماني فيتش التي أعلنت عزمها على خفض علامة الدين السيادي للولايات المتحدة. وفي هذا الإطار أعلن الاحتياطي الفيدرالي أن اقتصاد البلاد واصل نموه بشكل متواضع إلى معتدل في أيلول(سبتمبر) ومطلع تشرين الأول (أكتوبر). لكن شلل الإدارات الفيدرالية الأمريكية سيترك وقعا على الاقتصاد، وبحسب وكالة ستاندارد اند بورز للتصنيف الائتماني فإن الشلل سيكلف النمو الاقتصادي الأمريكي 0.6 نقطة مئوية في الربع الأخير من العام، أي ما يساوي خسارة 24 مليار دولار من الثروة المنتجة. وأشار الاحتياطي الفيدرالي إلى ''الريبة'' التي تسببت فيها أزمة الكونجرس في مجال التوظيف في حين ما زالت نسبة البطالة مرتفعة 7.3 في المائة في آب(أغسطس). وفضلا عن التكلفة الاقتصادية كانت لهذه الأزمة المالية أيضا انعكاسات يصعب تقييمها على صعيد الريادة الاقتصادية الأمريكية، حيث أعرب وزراء مالية مجموعة العشرين المجتمعون في واشنطن عن قلقهم حيال هذه المسألة. وجاء في بيانهم الختامي أن ''على الولايات المتحدة أن تتحرك بشكل طارئ لتسوية الشكوك المالية على المدى القصير''. وقد تعرضت الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي الذي تخللته اجتماعات كثيرة في صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، إلى توبيخ الأوساط المالية الدولية. وأعلن وزير المالية الروسي أنتون سيلوانوف عن ذلك بقوله: ''بودي أن أعرب عن أملنا في أن يجد شركاؤها الأمريكيون حلا في أقرب وقت''، فيما أقر وزير الخزانة الأمريكي جاكوب ليو أنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تعتبر ريادتها الاقتصادية ''أمرا مفروغا منه''.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية