FINANCIAL TIMES

الطائرات الذاتية تحلّق بصداقات راسخة في الكونجرس

الطائرات الذاتية تحلّق بصداقات راسخة في الكونجرس

في العام الماضي، وجّه المفتش العام لوزارة الأمن الداخلي إدانة لاذعة لاستخدام الوزارة لطائرات ذاتية "درونات" في دوريات على حدود الولايات المتحدة. مع أسطولها المؤلف من عشر طائرات بريديتر، فإن وحدة حماية الحدود التابعة للوزارة واحدة من عدد قليل من أسلحة الحكومة الأمريكية المتاح لها تشغيل المركبات الجوية الذاتية، في المجال الجوي الأمريكي. لكن وفقاً للمفتش العام، فإن وزارة الأمن الداخلي تخصص الموارد إما لتشغيل الطائرات بأمان أو لصيانتها. ونتيجة لذلك، حلقت الطائرات إلى الثلث فقط من الساعات التي كانت متوقعة. ومع ذلك، عندما ناقش مجلس الشيوخ تشريعات الهجرة في تموز (يوليو)، كان مشروع القانون من المفاجآت السارة لحرس الحدود - وهو التعديل الذي شمل 4.5 مليار دولار من الأموال لشراء المزيد من طائرات ذاتية، وغيرها من التكنولوجيات المرتبطة بها لتأمين المراقبة على مدار 24 ساعة للحدود. هذا التعديل الذي حظي بموافقة الحزبين كشف الكثير عن عوامل الضغط والمماحكات وراء سياسة الهجرة في الولايات المتحدة. تم التغلب على المقاومة النهائية في مجلس الشيوخ، ليس من خلال الجدل حول التركيبة السكانية، ولكن من خلال مشروع قانون جديد كبير للإنفاق والوعد بحل تقني لمسألة الدخول غير المشروع. ما زال على مشروع القانون اجتياز العقبة الأكثر صرامة في مجلس النواب. لكن الأمر أثبت أيضاً الطريقة التي أصبحت فيها الطائرات الذاتية وصانعوها لاعبين أساسيين مركزيين لما لا يزال النقاد يصفونه "المجمع الصناعي العسكري"، وهي عملية خلف الكواليس، والتي يتم بموجبها تخفيف القبضة في خزانة الكونجرس بخصوص البنود الضخمة، وأحياناً حتى رغم اعتراضات أجزاء مهمة من البيروقراطية. وفقاً لتوم باري، الباحث في مركز السياسة الدولية، يجري دفع الطلب من خلال مزيج من "صقور الحدود والمتشددين في مجال الهجرة والأصوات في الكونجرس لصناعة التعاقد العسكري"، وكثير منهم "يأتي من المناطق التي لديها صناعات أو قواعد الطائرات الذاتية". ويقول باري: "هذه هي الطريقة التي يعمل بها متعهدو الدفاع على مدى عقود، من خلال الضغط والتبرعات السياسية والعلاقات الشخصية الوثيقة مع شخصيات رئيسة في البيروقراطية". على مدى العقد الماضي، حلت الطائرات الذاتية محل شريحة مهمة من العمود الفقري الصناعي لـ "البنتاجون". منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كان جنوب كاليفورنيا موطناً للدفاع الجوي. ومع ذلك، فمع تخفيضات "البنتاجون" في التسعينيات، مع نهاية الحرب الباردة، إلا أن أكثر من 120 ألف وظيفة متعلقة بالدفاع، فُقدت في منطقة لوس أنجلوس وحدها. مع ذلك في أوائل هذا القرن، أقنعت الحرب في أفغانستان والعراق "البنتاجون" بأن الطائرات الذاتية، يمكن أن تلعب دوراً رئيساً في الحرب الحديثة، بسبب قدرتها على إجراء المراقبة عبر أراض وعرة وإطلاق صواريخ على مجموعات من الإرهابيين المشتبه بهم. قال الرئيس جورج بوش في عام 2001: "من الواضح أن الجيش لا يملك المركبات غير المأهولة بما فيه الكفاية". تقع في لوس أنجلوس أو سان دييجو - معظم الشركات المصنعة للطائرات الذاتية - بما في ذلك شركات جنرال أتوميكس، نورثروب جرومان، وإيرو فيرونمنت. ومع مساعدة الساسة من كاليفورنيا، عملت مبيعاتها على سد بعض الفراغ الذي خلفته التخفيضات في صناعة الطيران والفضاء. لقد بنت صناعة الطائرات الذاتية هذا النوع من العلاقات السياسية الذي يعتمد قطاع الدفاع عليه دائماً لإبقاء العقود تتدفق إليه. في مجلس النواب، هناك "تجمع الطائرات الذاتية" الذي يضم 50 عضواً من الحزبين، يصف هدفه بأنه الضغط في سبيل "التطوير والحصول على المزيد من الأنظمة". (في السنة الماضية أعيدت تسميته باسم "تجمع الأنظمة العاملة من دون البشر"، وهو علامة على اللغة التي تستخدمها الصناعة.) ويقود الفريق باك مكيون، عضو الكونجرس الجمهوري من منطقة لوس أنجلوس، وهو رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، والديمقراطي هنري كويلار، من منطقة حدودية من ولاية تكساس، الذي كان مؤيداً كبيراً لاستخدام طائرات ذاتية في الدوريات على الحدود مع المكسيك. في انتخابات عام 2012، كان مكيون المتحدث الرئيس في المؤتمر السنوي لصناعة الطائرات الذاتية، وأكبر متلق للتبرعات في مجلس النواب من شركة جنرال أتوميكس، التي تصنع طائرات بريديتور. كانت شركة نورثروب جرومان أيضا من بين الجهات المانحة له. أكبر مثال لافت للنظر من النفوذ السياسي لهذا القطاع تبين في طائرة جلوبال هوك من شركة نورثروب جرومان. في عام 2011، عندما كشفت وزارة الدفاع النقاب عن ميزانيتها، كان أحد البرامج القليلة التي تم تقليصها هو استخدام سلاح الجو للموديل الجديد بلوك 30 من طائرة جلوبال هوك. قال السلاح الجوي الأمريكي إنه سيعلق نشاط الطائرات المشتراة والحفاظ على استخدام طائرات U -2 للتجسس لإجراء عمليات المراقبة نفسها، والذي قال إن ذلك من شأنه أن يوفر مبلغ 2.5 مليار دولار على مدى خمس سنوات. وقال مسؤولو سلاح الجو إن الطائرات الذاتية قد أظهرت سلسلة من المشاكل، بما في ذلك عدم موثوقيتها وتجاوز التكاليف. على الرغم من التصريحات العلنية المساندة للقرار من تشاك هيجل، وزير الدفاع ومارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة اضطرت القوات الجوية الأمريكية إلى الاستمرار في استخدام الطائرات الذاتية "جلوبال هوك" وشراء طائرات أخرى جديدة بعد ضغوط من أعضاء الكونجرس، الذين أعادوا تمويلهم للطائرات الذاتية إلى الميزانية في أيار (مايو) كتب مكيون وجيم موران، وهما ديمقراطيان حيث تضم دائرتهما الانتخابية في فرجينيا مقر شركة نورثروب جرومان، خطاباً شديد اللهجة إلى هيجل لحثه على الامتثال للميزانية التي أقرها الكونجرس، التي تطالب القوات الجوية الأمريكية بشراء ثلاث طائرات أخرى منها. وقالا إن الخدمة قد تجاهلت تعليمات "لا لبس فيها" من الكونجرس لشراء الطائرة. برنامج جلوبال هوك لديه أعمال في 22 ولاية، حيث يتم التجميع النهائي للطائرات في بالمديل، في منطقة مكيون في كاليفورنيا. وتقول شركة نورثروب جرومان إن لديها موظفين في كل من 53 مقاطعة من مقاطعات ولاية كاليفورنيا الانتخابية. يقول جيم زورتمان، أحد كبار التنفيذيين في شركة نورثروب جرومان للأنظمة غير المأهولة: "الكونجرس له دور الإشراف، ونتيجة لذلك يسأل الكثير من الأسئلة. إنهم يتساءلون لماذا يوقف سلاح الجو طائرات جديدة؟ في الوقت نفسه الذي يرسل فيه المال لإعادة تجهيز طائرات عمرها 40 إلى 50 سنة".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES