Author

صناعة السيارات .. التجربة الماليزية

|
عندما نتحدث عن صناعة السيارات على وجه العموم لا بد أن نسلط الضوء على التجارب السابقة الناجحة في هذا القطاع وحتى لا نعيد صنع العجلة، بل نبدأ من حيث انتهى الآخرون. وكما هو متعارف عليه في أي صناعة جديدة تحتاج للرجوع إلى التجارب الناجحة بقياس وتحليل الإطار المرجعي أو ما يسمى بالمقارنات المرجعية Bench mark في هذا المجال ورصد أفضل الممارسات في هذا القطاع Best practice والاستفادة منها، الذي يساعدنا في وضع نموذج عمل Business model متناسب مع الوضع الراهن للصناعة في المملكة بشكل عام وصناعة السيارات وملحقاتها بشكل خاص. ولو نظرنا إلى التجربة الماليزية لصناعة السيارات كدولة مسلمة واستلهمنا قصة نجاحها والتفكير الاستراتيجي لقائد نهضتها مهاتير محمد عندما ترأس وزارة الصناعة في أوائل الثمانينيات التي بدأت بالدخول التدريجي في صناعة السيارات من التجميع للمواد الأولية والقطع الاستهلاكية ومحاولة اكتساب الخبرة والتجربة من اليابانيين إلى نقل المعرفة والخبرة كاملة في صناعة السيارات وترويجها محلياً ثم تصديرها إلى الخارج، التي تعتبر قصة نجاح لخصتها ماليزيا بجدارة في الاستفادة من الشراكة مع اليابانيين في تحويل ونقل تقنيات وخبرات شركة ميتسوبيشي موتورز في تجميع القطع الأساسية لسيارة برتون الماليزية التي تشمل المحرك والهيكل وأضافت عليه بعض التعديلات واستغلت وفرة المطاط لديها كأكبر مصدر عالمي للمطاط في صناعة القطع الاستهلاكية للسيارة، ثم بدأت في التنويع في طراز السيارة نفسها والدخول في الصناعة كاملة ومن ثم تسويقها محليا وتصديرها للخارج. وعلى الرغم من الجهود التي تقوم بها وزارة التجارة والصناعة ممثلة في هيئة المدن الصناعية باستقطاب وتحفيز الاستثمارات الصناعية للمملكة التي تشمل مصانع السيارات العالمية كدخول ''أيسوزو'' في صناعة المحركات الثقيلة ''الشاحنات''، ودخول الشركة الهندية ''تاتا'' المالكة ''للاند روفور'' و''جاكور'' في إنتاج وتصنيع السيارات بشكل متكامل، التي ستبدأ من الصفر على أرض المدينة الصناعية في المملكة، الذي سيخدم التوجه الاستراتيجي للمملكة في تنويع مصادر الدخل، وفي المقابل سيخلق قيمة مضافة للمواطنين في إيجاد فرص وظيفية وافرة ناهيك عن تأسيس قاعدة صناعية قوية تساهم في الاقتصاد القومي للمملكة. وفي مختصر الكلام، أعتقد أن قصص النجاح في صناعة السيارات كثيرة وأرضية المملكة جاهزة لاستقبال مصانع سيارات كثر، ولكن ما يهمنا هو ما حجم الخبرات والمعارف التي يتم نقلها للكوادر الوطنية التي ستعمل بهذه الصناعة سنويا، وهل ستقاس نسبياً بجدول زمني وإلا لن يتم الاستقلالية بالصناعة لتصبح كتجربة الاستثمار الأجنبي للمملكة التي سنتها هيئة الاستثمار منذ سنوات ولم تؤتِ أكلها حتى الآن.
إنشرها