Author

«مصر في أيد أمينة» .. مصلحتها تستدعي الوقوف مع قيادتها

|
مرَّ العالم العربي خلال السنوات الثلاث الماضية بفترة من عدم الاستقرار والنزاع والاختلاف الذي تطور إلى أعمال عنف وتدمير أدت إلى تحول الجميع إلى فئات وتجمعات تهدف كل واحدة منها إلى السيطرة على مقاليد الأمور، وتسير البلاد حسب ما تراه صحيحا من وجهة نظر واحدة تلغي الآخر، بل وتنهي دوره في بقاء الدولة وحماية مكتسباتها. لا تزال الحالة في ليبيا واليمن وسورية تستدعي وقفة موحدة من الدول العربية للإصلاح بالوسائل المتوافرة وبالصدق الذي يتطلبه الموقف، لأن الصديق من صدقك ونصح لك وواجهك بعيوبك وأخطائك التي يمكن أن تدمر البلاد والعباد. ليس هناك ما يمنع أن تتم مواجهة المخطئ، وإفهامه بخطر أخطائه على مستقبل الدولة، بل إنها ضرورة في الكثير من الأحيان. إن انتشار الخوف وانعدام الهدوء والسلم الأهلي الذي تمر به هذه الدول، ما هو إلا مقدمة للمزيد من الخسائر على مختلف فئات ومكونات الدولة. وكلما ابتعد السياسيون عن محاولة تسيير الأمور بما يحقق مصالحهم الشخصية أو الحزبية، ورفعوا راية الحوار، واعتنوا بوحدة بلدانهم بغض النظر عما يمكن أن يخسروه شخصيا، كلما اقتربت بلادهم من السلم الأهلي والمصالحة والوئام. طول مدة الاختلاف والعداء بين مكونات المجتمع سواء السياسية أو الفئوية أو المناطقية أو الدينية هو مؤشر خطير على طول المدة التي ستحتاج إليها الدولة للتعافي والخروج من أزماتها. ولعل هذه القاعدة تنطبق على مصر التي استمرت الثورة فيها 18 يوماً فقط، وهي اليوم أقرب الدول العربية للتعافي. ولكن ما زال هناك من يحاول أن يفرض رأيه وتوجهه ضاربا بالمصالح العليا للدولة عرض الحائط. ليس مهما في مرحلة كهذه أن يكون المرء على حق أو أن يرى نفسه كذلك، فيتمادى في محاولة إثبات الذات من خلال إثارة القلاقل والدعوة للمظاهرات التي ستؤدي إلى المزيد من الانقسام بين مكونات المجتمع. إن تشكيك أي إنسان في نوايا الآخرين، هو وصفة لتدمير ما يمكن أن نعتبره محاولة لاستنقاذ الوضع ومحاولة إصلاح ما أفسدته "سنة أولى ديمقراطية" في دول تحتاج إلى سنين لاستيعاب المفهوم وإعطائه حقه من المسؤولية والانضباط والالتزام الأخلاقي والفكري والإداري. حدث الكثير في مصر خلال السنوات الماضية، وبدا أن هناك حاجة ماسة لوضع الأمور في مسار جديد. هذا المسار لا بد أن يحافظ على هوية مصر المتسامحة القائدة. لا بد أن يعطي الحقوق لأهلها دون النظر للانتماء الحزبي. مسار يجب أن يكون تحت سيطرة ومراقبة ومحاسبة الجهات الرقابية والشعبية التي تقرر ما يريده المواطن وتحمي ما اكتسبه الوطن. لم يكن من الممكن أن تستمر مصر العروبة الشامخة تحت سيطرة فئة أو مجموعة أو شخص مهما كان هذا الشخص، لأن مصر ببساطة أكبر من هذا كله. دعمت المملكة استقرار مصر. وقفت مع كل المحاولات التي رأت فيها الصدق والإخلاص، لأن السعودية تحب مصر ببساطة. إن اهتمام قيادة المملكة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين بمصر وأهل مصر ليس بالأمر المجهول، بل إن لمصر معاملة خاصة لدى قيادتنا، وهناك اتفاق بين القيادة والشعب على أن مصر دولة لا يمكن أن نقبل أن يمسها سوء من أي شخص أو فئة. مصلحة مصر تستدعي أن نقف جميعا مع القيادة الانتقالية لتسهيل لم شمل المصريين، واستعادة ما فقدته الثورة من معطيات الوحدة والتفاؤل والعدالة في التعامل مع مكونات الشعب المصري. هذا ما أكده خادم الحرمين الشريفين للرئيس المؤقت أثناء استقباله له بحضور أركان الدولة في المملكة وعلى رأسهم الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. كما أنه هو الأمر ذاته الذي أكده ولي العهد وهو يودع الرئيس المصري قائلا: مصر في أيد أمينة. هذه الأيدي الأمينة التي تقف معها القيادة السعودية بكليتها، يجب أن يقف معها الشعب المصري بكليته، سواء اتفق معها أو اختلف، وهو ما تحتاج إليه مصر اليوم. هذا المنعطف المهم يستدعي الكثير من التنازلات من قبل الجميع ليسود الوئام ويسود الأمن في كل أنحاء مصر العروبة، ويعود المصريون موحدين تحت هدف ورسالة موحدة تضع مصر أولا وأخيرا.
إنشرها