FINANCIAL TIMES

قطر تلعق جراحها وتعيد التفكير في دورها الإقليمي

قطر تلعق جراحها وتعيد التفكير في دورها الإقليمي

بدأت قطر بتبني طريقة تصالحية في سياستها الخارجية تحت قيادة أميرها الجديد، بعد فترة أقلقت فيها هذه الدولة الغنية بالنفط بعض جيرانها، بتقديمها الدعم لمحمد مرسي، الرئيس المصري الإسلامي المعزول، ومساندتها للثوار في سورية. أنفقت قطر أثناء مسعاها للاعتراف بها على المستوى العالمي، مبلغاً يقارب ثلاثة مليارات دولار في السنتين الماضيتين وهي تدعم الثوار في سورية، وكانت أكبر مانح للمعارضة السياسية فيها. ولكن دعمها للمجموعات الإسلامية في العالم العربي، مثل الإخوان المسلمين في مصر، جعلها على خلاف مع جيرانها. يقول المحللون الآن إن حكومة قطر التي عُينت في تموز (يوليو) بعد تنازل أميرها عن منصبه لمصلحة ابنه، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بدأت تعيد التفكير في دورها في السياسات الإقليمية. يأتي هذا بعد صدمتها الناتجة عن الانقلاب العسكري، بحسب ما يسميه البعض، الذي شهد خروج مرسي من السلطة. مساندة الدوحة للإخوان المسلمين في مصر كان لها رد فعل عكسي، بعد إقصاء مرسي عن السلطة في تموز (يوليو) الماضي. وقد ظهرت برودة العلاقات بين النظام الجديد في مصر وقطر، بعد أن أعادت القاهرة مبلغ ملياري دولار أودعته الدولة الخليجية في البنك المركزي المصري، إثر فشل المفاوضات حول تحويله إلى سندات مدتها ثلاث سنوات. ظهرت هذه الخلافات واضحة أثناء رحلة خالد العطية، وزير الخارجية القطري لمصر في آب (أغسطس)، في محاولة منه للتوسط بين العسكر والإخوان المسلمين، ولكنه تلقى عوضاً عن ذلك اهتماماً قليلاً وإهمالاً مقصوداً. يظل الكثيرون الذين يدعمون التغير الذي في مصر، يستريبون من الروابط المستمرة منذ فترة طويلة بين الدوحة والإخوان المسلمين، مدللين على ذلك بما قدمته قطر من ملجأ آمن لرجل الدين يوسف القرضاوي، وتمويل شبكة إعلام الجزيرة التي يرون فيها داعمة للإخوان المسلمين. أصبحت أجواء عدم الثقة المستمرة واضحة، في الكثير من الأحاديث الدبلوماسية والعامة، حيث يلقي بعضها باللائمة على قطر بسبب الغموض الذي يكتنف علاقاتها ودورها في المنطقة. يجادل المسوؤلون في الدوحة بأن مساندة قطر للإخوان المسلمين هي طريقة لاستيعاب صعود الإسلاميين في المنطقة. وعبر بلدان الخليج، هناك أيضاً إدراك بأن قصة مصر لن تتكرر مرة أخرى. يقول إيميل هوكايم، المحلل الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: ''ربما بدأت الدوحة بلعق بعض جراحها، ولكن تُبين تجربتها، وكذلك تجربة تركيا في المنطقة، أنه لا توجد دولة، قادرة بمفردها، على خوض السياسات المعقدة في العالم العربي''. الواقع أن المحللين والدبلوماسيين يقللون من فكرة أن قطر ستتراجع نحو العزلة تحت قيادة الأمير الجديد، خاصة فيما يتعلق بسورية. ويقول الدبلوماسيون إن طريقة قطر ستصبح أكثر تصالحية ضمن أهداف الخليج المشتركة. يقول أحد المسؤولين الغربيين: ''ستواصل القيادة الجديدة السياسة نفسها، ولكن مع التزام النضج عند الانخراط''. يحتفظ الشيخ تميم في حقائبه بعدة أوراق تتعلق بالسياسة الخارجية، حتى قبل صعوده للجلوس على عرش قطر، وهو من نظّم تزويد الأسلحة لحلفاء قطر من الثوار في سورية. ويقول محللون إنه ربما أوكل هذه المسؤولية لغيره، ولكن لا تزال خبرته الشخصية تحمل ثقلاً في هذا الباب. كذلك فإن خريج ساندهيرست الذي خلال السنوات القليلة الماضية من تخفيف عدد من مواطن التوتر التقليدي بين الدوحة وبعض عواصم الخليج. يقول مسؤول غربي: ''هناك تغير في الأسلوب وليس في المضمون''. والواقع أنه إذا كان هناك تغيراً، فإن الأزمة السورية جددت من إحساس قطر بأن لديها هدفاً. في الأشهر الأخيرة تراجعت قطر قليلاً وراء في إدارة هجوم الثوار ضد نظام الأسد في دمشق. تقول مصادر المعارضة السورية الآن إن جهات خليجية أخرى هي من يعمل بصورة وثيقة في غرف العمليات في تركيا والأردن، حيث يقومون بتنسيق حملة الثوار. لكن وزير خارجية قطر وقف ''كتفاً إلى كتف'' مع جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، حين حاول هذا الشهر استمالة الرأي العام لعمل عسكري ضد نظام الأسد. يقول هوكايم: ''ما تفتقر إليه قطر هو مجال العمق وسعة المجال، وتعمل على أن تعوِّض عنه، ولكن بصورة ناقصة كما يقال، بفضل وحدة الهدف والمجهود في الخليج''.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES