Author

هل السعادة مُعدية في الإنترنت؟

|
بهذا السؤال بدأ بحث من معمل أبحاث الشبكات الاجتماعية التابع لجامعة دالهاوسي الكندية، يقول البحث إنه من الطبيعي والمثبت علميا أن تنتقل السعادة حين يلتقي شخص ما سعيد بآخر وجها لوجه، لكن هل يحدث الأمر نفسه خلال التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت؟ قد يبدو من الطريف أن أكتب عن السعادة عبر الإنترنت في هذه الأيام التي يشد فيها ''تويتر'' - ملتقى السعوديين - بسبب الأوضاع المتأزمة في مصر. لكن لو ضمنت أنه سيأتي وقت عربي بدون أزمة لكان لي أن أؤجل شأن الكتابة عن السعادة. من تجربتي الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، الرسائل الإيجابية المقنعة تعديني والحوار المبتهج تنتقل لي عدواه. رُب رد عميق يفتح لك ما كان مغلقا عنك. التواصل في الشبكات الاجتماعية خصوصا مع من يشتركون في الاهتمامات وأسلوب التفكير هم بالنسبة لي ''كنز'' حقيقي من الأصدقاء، ومشاركتهم في المواضيع التعيسة سعادة بحد ذاتها، بسبب ''نوع'' التفاعل الحاصل والذكاء والفهم في التعاطي مع الأفكار. يحصل في عالم الافتراض أن نناقش فكرة أو شعورا بالتفصيل دون الحاجة للإفصاح عن سبب الشعور، فهم على مستوى من الفهم ما يمكنهم أن يحاوروك وقد تصل لحل لمشكلتك دون أن تحتاج لذكرها بعينها، بسبب مساعدتهم القيمة في التفكير تجاه المشكلة. هذا الشأن مع أصدقائي الافتراضيين تكرر كثيرا حتى أضحى مصدرا لي للسعادة والارتياح. وحين أتأمله أجده أشبه ما يكون بالمعجزة أن يشاركك من لا تكاد تعرف اسمه بالكامل ولم ترَه طوال حياتك، لكن ردوده وتعليقاته في الصميم وفي العمق الذي يسمح لك بالاسترسال في فكرتك والتفاعل معها بشكل عظيم و''مجد'' في حياتك. كتب الدكتور عمار بكار في جريدة الوطن بتاريخ 12 أغسطس 2013 مقالا يتساءل فيه: إن كانت التكنولوجيا تمنحنا السعادة؟ وذكر فيه بعض محاولات الغرب ومشاريع رائعة لقياس السعادة، رغم أنهم لم يهتموا بشأن السعادة كثيرا. أثناء البحث مررت بمواقع تقيس المزاج العام لأمريكا وأوروبا من خلال التغريدات التي يتم ضخها يوميا في ''تويتر''. يوجد موقع يعرض فيديو لتحليل 300 مليون تغريدة خلال اليوم يتم تحليلها وعرض نتائجها من خلال الكلمات الأكثر استخداما في التغريدات، يتم تخمين المزاج العام للمستخدمين ويضعونه بعنوان المزاج العام لأمريكا مثلا. خريطة أمريكا تتلون خلال اليوم بعدة ألوان بحسب التغريدات، فإذا أخذت اللون الأخضر كان هذا مؤشر الشعور الجيد في ''تويتر''، بينما الأحمر يعرض الشعور الأقل سعادة. من خلاله عرفوا أن الأمريكان يكونون أسعد مزاجا خلال الصباح وآخر المساء. في أمريكا والدول الأوروبية توجد معامل للشبكات الاجتماعية تتبع الجامعات لتقيس وترصد وتبحث ما يقوم به مستخدمو الشبكات الاجتماعية في تلك الدول. الغريب رغم كل ما حصل من أثر للشبكات الاجتماعية على الربيع العربي لم تتحرك جامعة عربية واحدة لفتح معمل يقوم بمهمة الرصد والبحث بشكل مؤسسي، وكل الأبحاث الموجودة جهود فردية متناثرة. تناول بحث كندي سؤالين مهمين: هل يميل مستخدمو ''تويتر'' لنشر الإيجابية المتفائلة أم المتشائمة؟ وهل الرسائل الإيجابية يتم تداولها ونشرها كالسلبية؟ ووصل البحث إلى نتيجة أدهشتني أن أصحاب الشهرة في ''تويتر'' يميلون لنشر السلبية أكثر وذلك لجذب المزيد من المستخدمين! توقعت أن الحالة السوداوية في ''تويتر'' هي حالة عربية فقط. لكن يبدو أن الحالة أشبه ما تكون إنسانية في الاحتفاء بالسلبي وتجاوز الإيجابي. السؤال: لماذا؟ هل السلبي يبدو مقنعا أكثر. والإيجابي يحتاج دائما لحجة قوية ليتم قبوله. لا أعلم، لكنه في الحالتين ''الإنسان'' إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا.
إنشرها