Author

نساؤنا في العمل

|
الحكم على نجاح برامج السعودة ضبابي بشكل كبير، ما عدا قطاع المستلزمات النسائية، الذي يشهد سعودة حقيقية وناجحة؛ لأنه يبعد العامل الأجنبي بشكل واضح، ويعين بدلا منه نساء سعوديات كن ينتظرن العمل لسنوات، وفعلا بدأت كثير من الأسر تتنفس الصعداء بعد أن اندرج بناتها في العمل، وخرجن من صف البطالة إلى طابور العيش الكريم بعرق الجبين. وكلنا يعلم أن القضاء على بطالة النساء يمس أكبر قطاعات البطالة في المجتمع، ولذلك نشد على يد وزارة العمل وندعم جهودها الطيبة في عمل النساء، فهن الفئة الأقل دخلا وعملا في بلادنا، وهن الأكثر حاجة للعمل، وهن الأفقر بين أفراد المجتمع، ومن تستلب حقوقهن، والأجدر بفتح باب المشاركة لهن، فكثير منهن مسؤولات عن أُسَر، وبعضهن لا يستطعن تدبير أمور معيشتهن وأولادهن في بلد ترتفع فيه نسبة تعدد الزوجات والطلاق، ويغيب فيه كثير من قوانين الأحوال الشخصية، ويستهتر الرجال بحقوقهن واستقلالهن. النساء في بلادنا أكثر من نصف المجتمع، وأي فرص لهن هي دعم للتنمية الاجتماعية وليست مِنَّة تعطى لهن، فما يحصلن عليه يؤثر مباشرة في تحسن معيشة الأسرة واستقرارها وتماسكها، ودعم تماسك الأسرة هدف نبيل حري بالدعم والمؤازرة، ولهذا نقول لا تستخسروا الدعم للناس، فجدواه تصب في قاع بئر المجتمع، وتؤثر أكثر من غيرها، ولا بد من تغيير الصور التقليدية عن وضع النساء، الذي فرضه التغير من القرية للمدينة، فثقافة القرية وتقاليد القبيلة غير قابلة للتطبيق في المدينة. كل المطالبين بإقصاء المرأة من العمل يفترضون ظروفهم وأحوالهم المستقرة ماديا هي نفس الظروف والأحوال لبقية الناس، وهذا غير صحيح، فهناك أُسَر تعاني وتحتاج الدعم من أي فرد من أفرادها يستطيع العمل والمساهمة في معيشة الأسرة، فتكاليف الحياة اليوم ليست كما كانت سابقا، والحياة أصبحت مكلفة بما يستدعي مشاركة وجهد الجميع. لا بد من إيجاد أفكار للسعودة تؤدي إلى نتائج ناجحة، مثل فكرة تأنيث العمل في المستلزمات النسائية التي سندت بإصرار ودعم من الجهات الحكومية، رغم اعتراض المنتفعين من بقاء الأجنبي، أفكار مثل هذه تستحق التقدير والاحترام. بقي أن تتحرك وزارة التجارة بخطوات تقضي على التسيب التجاري، الذي أخرج مفهوم التجارة من كونها حرة لأن يجعلها في باب الفوضى، وهو أقل ما توصف به التجارة هذه الأيام، إذا أخذنا في الاعتبار التستر وتجارة الأجانب الذين يحصلون على نسبة كبيرة من تجارة التجزئة، جدير بها أن تكون في يد السعوديين، كفانا تأجيلا، ولنبدأ العمل فيما يجعل السعودي يعمل ويعيش بكرامة. وزارة العمل تعطي الوزارات الأخرى المثال في فرض القرار، فهل نرى مزيدا من الجدية في فرض قرار الحكومة، وعدم التردد فيه.
إنشرها