Author

لجم شركات التحصيل

|
لا يهم إن كنت تملك المال الكافي لسداد ما عليك من ديون، ولا يهم إن كنت تقر بمبالغ الأموال التي تدين بها للبنوك. ولا يهم إن كنت تمر بضائقة مالية أو اقتصادية تحول بينك وبين سداد المستحق عليك للمصارف التي توسعت في إقراضك وتحميلك ديونا دون أن تعير أي اهتمام لملاءتك المالية. كل ذلك لا يهم، ولن يحول بيننا وبين تحويل حياتك إلى جحيم لا يطاق. فنحن الأقدر على إزعاجك والاتصال بك في كل الأوقات، وإذا لزم الأمر سنستخدم التهديد والوعيد معك حتى تقضي ما تدعي المصارف أنك مدين لها به. هذا لسان حال كثير من شركات التحصيل في ولاية نيويورك، التي بلغ عدد الشكاوى ضدها إلى أكثر من 13000 شكوى، كلها تخص الطريقة الفجة والوقحة التي تستخدمها شركات تحصيل الديون في ولاية نيويورك الأمريكية. بدأ بنجامين لوينسكي التحقيقات قبل نحو أسبوعين، التي تهدف في الأساس إلى تنظيم هذه المهنة التي تشهد ازدهارا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها ولاية نيويورك. والهدف كما قال بيان الحاكم المالي للولاية إنهاء المكالمات المتكررة والمزعجة للمحصلين. كما تهدف المراجعة الشاملة إلى منع المقرضين من استهداف العملاء عن طريق ''الخطأ'' الناتجة من أخطاء حفظ دفاتر الديون. فوفق الشكاوى المقدمة للولاية، عدد كبير من المستهدفين من قبل المحصلين لم يتعثروا في ديونهم من الأساس، ويتم الاتصال بهم ومضايقتهم بسبب سوء حفظ المعلومات لدى المقرضين. والجديد الإيجابي في عملية المراجعة الشاملة على صناعة التحصيل، أن المقترضين سيعطون الحق في اختيار البريد الإلكتروني كوسيلة اتصال وتذكير بما هو مستحق عليهم. كما أن المراجعة الشاملة ستنظم عملية بيع الديون الاستهلاكية لطرف ثالث وفرض مزيد من التنظيم والقيود على مثل هذه الممارسات الشائعة. إن عمليات المراجعة الشاملة للقطاع المالي التي تقودها سلطات المال في نيويورك إيجابية بكل المقاييس. فمراجعة قطاع المصارف وعملياتها المالية أثمرت عن تسليط الضوء على العمليات المالية المشبوهة التي تقوم بها المصارف مع الدول الإرهابية التي تخالف كل القوانين الدولية التي تهدف إلى تحجيم الإرهاب، كما كشفت عن ممارسات مخزية لمصارف كبرى لتسهيل التدفقات النقدية للدول الداعمة للإرهاب. كما كشفت المراجعات الشاملة عن ممارسات شركات التأمين التي لا تعير القوانين الدولية أي وزن. فعدد لا بأس به من شركات التأمين وإعادة التأمين قامت بتقديم تغطية تأمينية لمؤسسات واجهة لدول إرهابية. كما كشفت المراجعة الشاملة عن ممارسة أحد بيوت الاستشارات المالية التضليل والكذب على المشرعين وعن سبق إصرار، كما أماطت التحقيقات اللثام عن ممارسة أحد بيوت الاستشارات المالية بتقديم معلومات سرية لأحد زبائنها لمنافس لها من القطاع نفسه. واليوم يأتي الدور على كشف ممارسات الابتزاز وإزعاج مواطني ولاية نيويورك من قبل شركات تحصيل الديون التي لا تتورع عن تحويل حياة المتعثرين إلى جحيم من خلال إيقاظ مضاجعهم وملاحقتهم بطرق استفزازية. إن النتائج الإيجابية لعمليات المراجعة المالية التي تقوم بها سلطات المال في نيويورك لتنظيم القطاع المالي دافع ومحفز قوي لمزيد من العمل لتصحيح عدد كبير من الممارسات السيئة التي تحدث والتي استمرأها القائمون على الشركات العاملة في هذا القطاع، وما زال هناك الكثير لإصلاحه. والمأمول أن تحذو الولايات الأخرى نفس خطى الولاية المالية الأهم في العالم كله. فالأخطاء الكارثية التي وقعت في الولايات المتحدة والغرب الناتجة عن الممارسات المالية غير المهنية يدفع العالم كله ثمن وقوعها. وإصلاحها في هذا الوقت يأتي كتطمين للعالم كله أن المستقبل لن يكون بالصورة المظلمة للماضي. إن إصلاح وتنظيم قطاع المال الغربي ضرورة لمستقبل أكثر أمانا واستقرارا ووضوحا وشفافية.
إنشرها