Author

الإعلان تكلفة أم استثمار؟

|
يرتكز مثلث الإعلان على ثلاثة أعمدة أساسية: معلن، وكالة الإعلان، والوسيلة الإعلانية، التي تعتبر مكونات أي إعلان، سواء كان مرئيا أو مسموعا أو مقروءا، وبما أن صناعة الإعلان – المحلية - لدينا تظل في بدايتها وفي حاجة إلى تأصيل، خصوصا في ظل عدم وجود مشرع لهذه الصناعة الواعدة التي طالما طالبنا في توطينها وتنظيمها لتصبح تحت مظلة تضمن حقوق المعلن في المهنية والاحترافية للإعلان والبعد عن النمطية وتكرار المحتوى – الاستنساخ. وبطبيعة الحال، الإعلان فن كغيره من الفنون يحتاج إلى إبداع في الفكرة أولا وهو الأهم وانتقاء في الرسالة التسويقية ثانيا وحسن اختيار في المفردات والألفاظ ثالثاً. وكما نشاهد الفرق بين إعلانات شركات دون الأخرى في الإعلان والترويج من حيث الفكرة والرسالة والمحتوى الذي يرجع إلى خلل في أي من تركيبة الإعلان وخروجها عن القاعدة وأركانها. وفي المقابل هناك من مسؤولي التسويق والإعلان في الشركات من يعانون عدم تفهم الإدارات العليا تخصيص الميزانية الكافية للتسويق والحملات الإعلانية معتبرين إياها تكلفة، حيث ينظرون إليها من منظور المصروفات كما تظهر لديهم في القوائم المالية في آخر العام، وليس استثمارا تنمو معه المبيعات وزيادة في الحصة السوقية. وشاهدنا بعض الإعلانات، التي لا تعكس مستوى وحجم المنشأة وتصنيفها الذي لا يطابق الواقع ويتمثل في عدم محاكاة مفاهيم وثقافة المجتمع وضعف في الرسالة التسويقية، وذلك ناتج عن عدم الإنفاق الكافي على مصروفات الإعلان، فوكالات الإعلان تفصل وتخرج الإعلان على قدر المدفوع لها. وفي ظهور شبكات التواصل الاجتماعي وانتشار الوعي بين المستهلكين الذين أصبحوا يتابعون من كثب ما يظهر من إعلانات مكررة وتقليدية ويقارنون ويحللون المحتوى الخاص بها أصبح المستهلكون يميزون بين الإعلان التقليدي الممل والإعلان الإبداعي. وبغض النظر عن تكرار الإعلان أكثر من مرة وظهوره في أكثر من موقع والذي ليس له الأثر الكبير في الصورة الذهنية لدى المستهلك، لكن في الوجه الآخر كم أنفقت على الإعلان ذلك هو الفيصل الذي أظهرته الدراسات، الذي يحاكي قيم وثقافة المجتمع ومتوافق مع الذوق العام. وفي خلاصة القول، واقع الإعلان في سوقنا يرثى له الحال وما زلنا في حاجة إلى مزيد من الخبرات المتراكمة لبناء هذه الصناعة الواعدة وتوطينها وتأصيل أبجديتها، وهذا لن يتم إلا من خلال مظلة تشريعية تقوم بتقييم ما يعرض من إعلان ومدى توافقه مع المجتمع لحفظ حقوق الطرفين المعلن كشركة ووكالة الإعلان كمنفذ للحملات الإعلانية. وفي المقابل، متخذو القرار وكبار التنفيذيين لا بد أن يدركوا أن الإعلان سلاح ذو حدين واستثمار غير ملموس في الوقت نفسه وليس تكلفة، كما يشار إليها، لذلك الإعلان إما أن يرفع الهوية المؤسسية أو يذهب بها للهاوية.
إنشرها