Author

لن يناصفك أحد مقعدك في الجنة

|
تعج وسائل التواصل الاجتماعي هذه الأيام بلوائح طويلة من السباب والشتائم تتناول شخصيات عامة وأفراداً تحت عنوان "حرية الرأي". عندما طرحنا مبادرة قيادة المرأة، وأرسلنا المشروع لمقام خادم الحرمين ومجلس الشورى والجهات التنفيذية والتشريعية الأخرى فُتحت أبواب اللطم والتنديد، ووصلت في بعض الأحيان إلى درجة التهديد. التهمة هي تغريب المرأة وتعريضها للمفاسد والفسق والفجور من ضمن تهم أخرى لا مجال لنشرها هنا. عندما دخلت المرأة مجلس الشورى بموجب أمر ملكي، تناول البعض هذا الأمر وكأنه اعتداء على الحرمات حتى أنهم وصفوا "الشوريات" بأكثر الألفاظ بذاءة. ومع ذلك، فإن الأمر أصبح الآن عادياً وتشارك المرأة بكل شجاعة وحكمة وحنكة أخاها الرجل في مناقشة أمور الشأن العام. عندما طرحنا مبادرة "الشريط الأبيض" لنبذ العنف ضد المرأة، قلنا إننا نعمل بما لا يخالف القرآن والسنة. مع ذلك، كرّس البعض جهودهم لإحباط هذا الهدف النبيل بكل استعداء وإقصاء ناهيك عن استخدام لغة لا يجوز إعادتها على مسامعكم. ورغم أن فكرة الشريط الأبيض تقوم على مساندة الرجل لمبدأ إنهاء العنف ضد المرأة بكل أشكاله الجسدية والجنسية واللفظية والنفسية أو التهديد بهذه الأعمال عن طريق الإكراه، إلا أن أحد الدعاة الأفاضل شن هجوماً عنيفاً على المبادرة ووصفها في شريط فيديو مطول بــ "التغريبية التي لا تقوم على أسس صحيحة"، وأنها تهدف إلى "إلغاء شخصية المرأة وإسقاط الأحكام الشرعية"، إضافة إلى تجريم القائمين على المبادرة ووصفهم بالمضللين والمفسدين. أريد أن أطمئن هؤلاء إلى أن مبادرة نبذ العنف ضد المرأة لا تتعارض مع القرآن والسنة أو الشريعة الاسلامية السمحة. المهم في نهاية الأمر أن يعمل المرء بما يرضي ربه ثم عقله وضميره. عودة إلى وسائل "التناحر" الاجتماعي، الحوار من طرف واحد دون هدف واضح والذي يتضمن القذف والسباب لا يمثلنا. تأكد يا أخي أنني لن أناصفك مقعدك في الجنة، فاترك لي علاقتي بربي واهتم بشأنك. قال الله سبحانه وتعالى: "وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك". ليس من المنطق أو العدل التعميم، فليس كل داعية متشدداً ولا كل ليبرالي فاسقاً. من أكثر الفقهاء الذين قابلتهم اعتدالاً ووسطية عضو مجلس الشورى الشيخ عيسى الغيث. الشيخ الغيث ــــ رغم اختلافنا في الرأي في بعض الأمور ــــ إلا أنه كان بارعاً في خطف انتباهي بأسلوبه الهادئ ونقاشه المتزن. كذلك استجبت قبل بداية الشهر الفضيل لدعوة للحوار من الداعية عبد الله الداود. لديّ اقتناع ـــــ رغم اختلافنا في بعض وجهات النظر ــــ أن الحوار سيتم قريباً بأسلوب إيجابي، متكافئ ومحترم. *عضو جمعية الاقتصاد السعودية
إنشرها