Author

فترة تصحيح الأوضاع .. تحايل وأنانية

|
حاولت كفيلة أحد العمال وهو بمسمى مربي مواش أن تجد مكفولها لمدة تجاوزت أربع سنوات، لكنها لم تتمكن من ذلك إلا عندما بدأ الضغط على العمالة ''السائبة''. أدى نجاح الحملة إلى عودة أشخاص اختفوا في ظروف غامضة. تحول كل واحد منهم إلى كهربائي وسباك وتاجر شنطة، ووظائف أخرى أكثر خطورة كلها مخالفة لقانون المملكة. مع تمديد المهلة تأتي فرصة للجهات المختصة لتدقيق المعلومات وتضييق الخناق على المخالفين لأي أسباب، و إيجاد الآليات التي تضمن إلغاء هذا الكم الكبير من التلاعب الذي يمارسه الجميع من كفلاء ومكفولين و''مروجين'' للعمالة المخالفة. هذا يستدعي استمرار الحملة وبقوة أكبر بعد انتهاء المهلة. لأن مخرجات الحملة المطلوبة هي عمالة منضبطة وعلاقة قانونية بين صاحب العمل ومكفوليه. على أنه لابد من التأكد من مناقشة أخطاء كبيرة حدثت أثناء عملية تصحيح الأوضاع، يمكن اعتبارها وصفة لمشاكل مستقبلية. لعل أهم المشاكل التي سنواجهها في المستقبل القريب هو وجود أشخاص على مسميات ليست متوافقة مع إمكاناتهم وتأهيلهم العلمي وخبرتهم العملية بسبب الاستعجال وعدم الدقة. هذا مرجعه عدم الاعتماد على الجمعيات والاتحادات المهنية التي تنظم طرق قبول المؤهلات والخبرات لدخول سوق العمل، وتضمن عدم ممارسة أي شخص لأعمال ليست ضمن تخصصه. بل وتضمن عدم حصوله على مسمى ليس مؤهلاً لحمله. إن اعتماد وزارة الداخلية ووزارة العمل على تصنيف العمالة من قبل الجمعيات المتخصصة، مهم جداً في ضمان حماية المواطن من الخطأ والاختلاس والاستغفال الذي يمارسه الكثيرون. يقول المهندس حمد الشقاوي رئيس الهيئة السعودية للمهندسين إن هناك 60 ألف مهندس أجنبي يعملون في السعودية سيضطرون للرجوع للهيئة للتأكد من شهاداتهم قبل تجديد الإقامة أو الحصول على إقامة جديدة. أكد الشقاوي ''إن 15 ألف مهندس يعملون في السعودية، أتوا ''طواعية'' إلى هيئة المهندسين وتبرأوا من مهنة الهندسة، وطلبوا تعديل مهنهم إلى مهن أخرى، على خلفية حملة الهيئة للكشف عن الشهادات المزورة في الهندسة''. و في إطار حملة نفذتها الهيئة تم كشف 1050 شهادة مزيفة حتى نهاية نيسان (أبريل) من هذا العام. ذكر تقرير صدر عن الهيئة السعودية للتخصصات الصحية أن هناك ما يقارب 16 ألف ممارس صحي ممنوعين من العمل في المملكة بسبب تزوير شهاداتهم، وتزييف معلومات الخبرة. هذا يخص من تقدموا للحصول على تصنيف من الهيئة، ولا أدري ما هو التنظيم الذي تعتمده الهيئة للتعامل مع من يتم التعاقد معهم للعمل في القطاع الصحي دون علمها. فرغم أن هناك شهادات لم تعترف بها الهيئة لمواطنين حصلوا على التدريب أو التعليم في منشآت ''لا تحقق النسبة الأدنى من متطلبات الهيئة''، فهناك أضعافهم ممن يعملون في القطاع من الأجانب الذين لم يذهبوا أصلاً إلى معاهد صحية أو كليات طب أو صيدلة، ومع ذلك يمارسون العمل في مستشفياتنا الحكومية والخاصة. بعيداً عن هاتين الجمعيتين، لا توجد جهة مخولة بالتصريح للعاملين في المجالات التي تهتم بها. جمعية المحاسبين السعوديين، وجمعية الإدارة السعودية وهيئات أخرى لم تقدم ما يمكن اعتباره مساهمة في كشف وتوضيح الحقائق عن العمالة التي تستغل شهادات غير معترف بها في مجالاتها. أركز هنا على جمعية الإدارة السعودية التي يبدو أنها في حاجة إلى الدخول في نقاش علمي ومتخصص مع الجهات ذات العلاقة لضمان أن يكون لها دور في تصنيف العمالة التي تحمل مسميات إدارية مختلفة. يجب أن يكون من يحمل مسمى مدير من العمالة الأجنبية حاملاً لشهادة إدارة من جهة معترف بها، ولديه من الخبرة ما يؤهله للعمل الإداري الذي يراد له أن يحمل مسماه. دفعني إلى هذا ما لاحظه الكثير ممن يعملون في مجال التجديد والتصحيح من امتهان لمسمى الإدارة والتخطيط والتسويق والموارد البشرية والمالية والعمليات. يقوم المعقب بعرض مسميات مختلفة على العامل الذي لا يحمل أي مؤهل، ويسمح له بالاختيار منها، الأدهى من ذلك هو أن الموافقة على حمل المسمى الإداري مضمونة. ألم أقل لكم أن لدينا أزمة إدارة! أورد لكم هنا مسميات مضمونة ولكم الحكم: مدير تسويق، خبير تسويق استراتيجي، مدير العمليات الاستراتيجية، مدير إدارة، مدير الموارد البشرية، مدير الإنتاج. مسميات لا يمكن أن يحصل عليها شخص في أي دولة في العالم دون تخصص وخبرة غير قصيرة في المجال. لكن، لماذا يحدث هذا التجاوز تحت سمع وبصر الجهات الحكومية كافة.
إنشرها