Author

سيارات الأجرة و«الحبل على الغارب»

|
لا تزال الفوضى تخيم على خدمات ''سيارات الأجرة'' أو ''التاكسي'' أو ''الليموزين'' كما تُسمى من قبل البعض، فلا تزال مجالاً للتفاوض، ومرتعاً للتلاعب، وضياع حقوق الراكب! وبذلك لا تعكس مظهراً مشرفاً لبلادنا! لا أدري لماذا التأخر في تفعيل الأنظمة وضبط الأمور، فدائماً لا يكون التحرك للمعالجة، إلا حين يستفحل الأمر وتصل الأمور إلى مرحلة خطرة، ليتم بعد ذلك البحث الجاد عن الحلول، كما هو الحال في كثير من القضايا! ولكون سيارات الأجرة هي أول الخدمات التي يحتاج إليها الزائر والسائح لأي بلد، تحرص الجهات المسؤولة في بعض البلدان على حضور ممثليها في المطارات وأماكن تجمع السياح والمسافرين وتزويدهم بالتعليمات اللازمة للتعامل مع سائقي سيارات الأجرة وتعريف الزائرين بتكاليف الرحلات، ما يعطي السائح انطباعاً جميلاً ومريحاً عن الدولة التي يزورها. أما بالنسبة إلى خدمات سيارات الأجرة لدينا، فلا تزال في حاجة إلى التفاتة جادة وإصلاح شامل. ويمكن إيجاز بعض الملاحظات حول ''سيارات الأجرة'' فيما يلي: أولاً: لا يلتزم سائق سيارة الأجرة باستخدام ''العداد''، ما يجعل أجرة المشوار تخضع لمفاوضات لا ضرورة لها، خاصة مع عدم وجود غرفة عمليات تابعة للشركة التي تمتلك سيارة الأجرة، للمتابعة وضمان حقوق الراكب وسلامته. ثانياً، أغلب الشركات تمارس ما يُسمى بـ ''التستر'' لأنها تفرض على السائق أجرة شهرية تصل إلى ''ستة آلاف ريال'' أو أكثر، ولا يهمها ماذا يفعل بعد دفع هذا المبلغ! ولكن هذا الوضع ''المتسيب'' لا ينبغي أن يُخلي مسؤوليتها أمام الجهات الأمنية والرقابية، خاصة عند حدوث أي جريمة أو مخالفة للأنظمة! عموماً، فإن عدم وجود غرفة عمليات لإدارة سيارات الأجرة الخاصة بأي شركة يفتح الباب على مصراعيه لارتكاب عديد من المخالفات والجرائم، ما يزيد خطورة استخدام سيارات الأجرة على الأطفال والقصر، وكذلك المرأة، بل لا يسلم سائق سيارة الأجرة ـــ في بعض الأحيان ــــ من السلب أو الضرب! والسؤال المطروح هنا: هل سلامة هؤلاء لا تحظى باهتمام الجهات المعنية حتى تترك ''الحبل على الغارب'' هكذا؟! ثالثاً، نظراً لعدم وجود متابعة من قبل الشركة المالكة للسيارة، يتعرض الراكب للابتزاز أو حتى العنف، وتضيع حقوقه ويفقد أغراضه ــــ لو تركها سهواً في سيارة الأجرة ـــ بخلاف الوضع في بعض الدول التي يتمكن الراكب من استعادة ما يفقده من أغراض، نتيجة ضبط سيارات الأجرة وربطها بغرفة عمليات تتابع تحركاتها. رابعاً: عدم وجود أرقام هاتف لطلب خدمات سيارات الأجرة يزيد من معاناة طالب الخدمة داخل الأحياء، لعدم وجودها بالقرب منه، خاصة بالنسبة إلى المرأة أو العاجز، أو الحاجة إليها في وقت متأخر، علاوة على ذلك يُسبب تجول سيارات الأجرة في الشوارع بحثاً عن الركاب مزيداً من الزحام والاكتظاظ والتلوث في الشوارع. لكن يبدو أن هناك مراعاة للشركات المالكة لسيارات الأجرة أكثر مما ينبغي، على الرغم من أن هذه الفوضى تجعل الأمر في منتهى الخطورة على المرأة والأطفال، بل على الوضع الأمني بوجه عام، فقد يُستغل هذا الوضع ''غير المنظم'' لارتكاب جرائم المخدرات أو الاغتصاب أو السلب دون رادع! وبناء عليه، أدعو مجلس الشورى الموقر أن يضع حداً لهذا الوضع حفاظاً على سمعة المملكة، وحفاظاً على مستخدمي هذه الخدمة من جرائم العنف، وحفاظاً على شوارعنا من الازدحام والتلوث. فلا ينبغي أن تستمر مراعاة مصالح شركات سيارات الأجرة على حساب المصلحة العامة التي تمس سمعة المملكة وأمن مواطنيها وزائريها! يتطلب الأمر ربط كل سيارة أجرة بغرفة عمليات تتابع تحركاتها إلكترونياً من خلال الأقمار الصناعية، ومن خلال الهاتف، وإلزام الشركات بتوفير أرقام لطلب خدمة سيارات الأجرة دون تجولها في الشوارع، وإلزامها باستخدام ''العداد''، وإلزامها بتركيب جهاز تحديد الأماكن GPS، إضافة إلى التأكيد على وضع صورة السائق ورقمه ورقم هاتف الشركة في مكان بارز أمام الراكب.
إنشرها