أخبار اقتصادية

3.5 تريليون دولار خسائر الاحتيال المالي سنويا .. 5 % من دخل الاقتصاد العالمي

3.5 تريليون دولار خسائر الاحتيال المالي سنويا .. 5 % من دخل الاقتصاد العالمي

قدَّر اقتصادي سعودي مختص في مكافحة الاحتيال المالي الخسائر المترتبة على عمليات الاحتيال المالي على المستوى العالمي بما تقارب 3.5 تريليون دولار سنويا، تعادل نحو 5 في المائة من دخل الاقتصاد العالمي. وقال خالد الغدير، رئيس وحدة مكافحة الاحتيال المالي والتحقيقات في البنك السعودي البريطاني "ساب"، في حوار مع "الاقتصادية": إن وسائل الاحتيال المالي متشابهة من حيث المبدأ في جميع دول العالم، مع احتفاظ كل مجتمع بوسائل احتيالية خاصة مختلفة عن غيره من المجتمعات بصفة نسبية، لأسباب اجتماعية وثقافية واقتصادية ومعطيات تتعلق بمستوى الوعي والمهارة فيه. وأضاف الغدير وهو عضو الهيئة الأمريكية لخبراء مكافحة الاحتيال المالي المعتمدين، أن توجه المجتمع السعودي إلى الاستخدام الإلكتروني للتعاملات المصرفية، واضح وقوي يفرض تبني معايير أمان عالية، وأن المصارف السعودية تستخدم المعيار الثنائي للتحقق من الهوية، كأحد أهم المعايير التي تضمن إتمام العمليات المصرفية بطريقة أكثر أمانا. فإلى تفاصيل الحوار: في ظل تطور الآليات والتقنيات المصرفية، ما حجم خسائر عمليات الاحتيال المالي عالميا؟ تبلغ الخسائر المترتبة على عمليات الاحتيال المالي على المستوى العالمي نحو 3.5 تريليون دولار سنويا، تعادل نحو 5 في المائة من دخل الاقتصاد العالمي، المقدّر بنحو 70 تريليون دولار، الأمر الذي يفسر الجهود المتنامية لمكافحة أساليب الاحتيال المالي وتضافر جهود المجتمع الدولي لعرقلة تفشيها في أسواق العالم، في ظل التطور المتسارع الذي تشهده التقنيات المصرفية، والنمو اللافت في معدل الاعتماد على الشبكة العنكبوتية من قبل الأفراد والمؤسسات في تنفيذ العمليات المصرفية والمالية. ورغم أن حجم عمليات الاحتيال المالي على الصعيد الدولي لا تتعدى 1 في المائة من إجمالي العمليات المالية الكلية المنفذة، إلا أن تلك النسبة تبقى مصدر قلق بالنظر إلى حجم الخسائر المالية الجسيمة المترتبة على حقوق ومدخرات عملاء المصارف في العالم، ما يدعو إلى ضرورة مواصلة الجهود الكفيلة بالتصدي لأساليب التحايل المالي، التي لا يقتصر وجودها على العمليات المصرفية الخاصة بالمصارف فقط، وإنما يتعدى نطاقها ليشمل مختلف مجتمعات الأعمال ومنظماتها الخاصة والعامة والفردية، حتى الأسرة كذلك، لارتباطها بعنصر "المال والمادة" وضعف العنصر البشري أمامه. ما عمليات الاحتيال المالي؟ ما تعريفها وصورها؟ عمليات الاحتيال المالي مهما تعددت واختلفت أساليبها إلا أنها تتحد في هدفها النهائي الذي يتمثل في الحصول على أموال الآخرين بشكل غير قانوني، وبعض صور الاحتيال المالي تقوم على خداع الضحية للحصول على المعلومات المصرفية السرية الخاصة بها، التي تمكن المحتال من الحصول على المال بنفسه دون علم العميل. وأيضا عمليات التحايل الإلكتروني التي يعمد إليها المحتال باستخدام أساليب الهندسة الاجتماعية، التي تتجسد بانتحال شخصية أحد موظفي المصرف تحت ذريعة تقديم عروض الوظائف الوهمية، أو طلب تحديث بيانات العملاء عبر اتصالات مشبوهة. ومن صور الاحتيال الأخرى القائمة على أساس تنفيذ المحتال عمليته دون تدخل من الضحية؛ التزوير، وسرقة بطاقات الائتمان والسحب الآلي، أو تتبع حاملي النقد وسرقة ما معهم من أموال. في ظل عولمة وسائل الاتصال، هل يمكن الحديث عن وسائل احتيال مالي متشابهة بين الدول؟ وما دوافع وأسباب هذه الظاهرة؟ طرق الاحتيال المالي متشابهة من حيث المبدأ في العالم أجمع، مع احتفاظ كل مجتمع بوسائل احتيالية خاصة ومختلفة عن غيره من المجتمعات بصفة نسبية، لأسباب اجتماعية وثقافية واقتصادية، ومعطيات تتعلق بمستوى الوعي والمهارة فيه. وأغلب محاولات الاحتيال تستهدف بشكل رئيس المصارف والعملاء وترتبط عضويا بالمال، ومن أبرز العوامل المحفزة لانتشار هذه الظاهرة الجشع وضعاف النفوس الذين يفتقدون الأمانة والوازع الديني والأخلاقي، ويدفعهم ذلك إلى الحصول على أموال الآخرين بأقصر الطريق غير الشرعية، ومن ثم إخفاء الدليل على ارتكاب جرمهم. وفي المقابل، فإن بعض المستهدَفين لتلك المحاولات يساهمون بدور فاعل في إتمام عمليات الاحتيال عبر إهمالهم وعدم جديتهم في تعاملاتهم المصرفية، وتهاونهم في تداول واستخدام بياناتهم الشخصية والمصرفية وأرقامهم السرية، الأمر الذي يمهد الطريق أمام المحتال لإيقاعهم في المصيدة. لقد واكب تسارع وتيرة تطور وسائل الاتصال وقنوات التواصل الاجتماعي تطور وسائل الاحتيال المالي وتعدد أبعادها، وأسهم تطور التقنيات الحديثة وسهولة اقتنائها والتعامل معها إلى حد بعيد في ظهور طرق مبتكرة للتحايل لم تكن معروفة من قبل. ولا تزال الثقة المفرطة في الآخرين، والعاطفة الدينية، وتصديق ادعاءات الآخرين والغرباء، وانخفاض مستوى الوعي بأساليب التحايل المالي، وطرق التعامل الصحيحة مع التقنيات المصرفية، وعدم الجدية في التعامل مع الأمور المالية وأخذ الحيطة والحذر؛ البوابة الرئيسة لمساعدة المحتال للوصول إلى أهدافه وتحديدا في منطقتنا العربية، والسعودية على وجه الخصوص. وتبيّن الدراسات الاجتماعية والنفسية أن المحتالين لا يكتفون بالقيام بعملية احتيال واحدة فحسب، بل إن العملية الأولى للاحتيال تعد مجرد "بالون اختبار" قبل أن تتحول تلك المحاولة إلى مهنة يمتهنها المحتال، ما يرفع من احتمالية وقوعه فيما بعد. وتعتبر فكرة أن الحاجة هي الدافع الأول للقيام بعملية الاحتيال حقيقيةً إلى حد بعيد، لأن الإحصائيات تدل على أن الرغبة في الحصول على مستوى أعلى من الرفاهية هي من أهم محفزات الاحتيال. بالإشارة إلى السعودية، ما الإجراءات التي استحدثتها المصارف السعودية للتصدي للاحتيال المالي؟ لقد بيّنت هيئة الاتصالات السعودية أخيرا أنه في كل يوم يدخل نحو أربعة آلاف مستخدم جديد للإنترنت في السعودية، ما يعني أنه مع تنامي مستوى التعليم واتساع نطاق الخدمات الإلكترونية وجودتها؛ فإن توجه المجتمع بأسره إلى الاستخدام الإلكتروني للتعاملات التجارية والمالية ومنها المصرفية؛ واضح وقوي، نظرا للسهولة والثقة والسرعة التي تتيحها الخدمات المقدمة عبر التعاملات الإلكترونية. إلا أن هذه التعاملات، ولأنها مصرفية تتعلق بأموال ومدخرات، فإن هذا يفرض تبني معايير أمان أعلى من تلك المستخدمة في التعاملات الإلكترونية الاعتيادية حماية للعملاء من مخاطر الاحتيال المحتملة التي قد لا يدركها البعض. ولا بد من الإشارة إلى أن المصارف السعودية تستخدم المعيار الثنائي للتحقق من الهوية، كأحد أهم المعايير التي تضمن إتمام العمليات المصرفية بطريقة أكثر أمانا، وبالتالي فإن العميل يملك الخيار في توفير الحماية لنفسه ولعملياته المالية عبر عدم إفشاء معلوماته السرية للآخرين، وتوفير أفضل شروط الأمان وبرامج الحماية في أجهزة الحاسب الآلي المستخدمة في تنفيذ العمليات المصرفية. ولمزيد من مستوى الأمان لاستخدامات بطاقات الائتمان والصرف الإلكتروني، التي تعد من وسائل الدفع المهمة والحيوية للعملاء؛ فإن المصارف السعودية عمدت إلى استبدال البطاقات المزودة بالشريط الممغنط ببطاقات مزودة بشريحة مشفرة توفر مستوى أعلى من أمن المعلومات. وعلى نحو مواز فإن مؤسسة النقد العربي السعودي تتابع تطبيق المصارف السعودية لأعلى مستويات أمن المعلومات، عبر تطبيق أحدث الأنظمة التي يتم اختبارها بصفة دورية، للتحقق من قدرتها وكفاءتها في التصدي لمحاولات اختراق أو احتيال من الخارج. ما النصائح التي تقدمها لعملاء المصارف السعودية، لتجنب وقوعهم في عمليات احتيال مالي؟ ينبغي المحافظة على سرية البيانات المصرفية والمعلومات الشخصية وعدم إفشائها للآخرين، كما ينبغي الحذر من التجاوب مع الأشخاص الغرباء أو الاتصالات المشبوهة التي تسعى للحصول على معلومات العميل السرية، وأيضا عدم حمل النقد بمبالغ كبيرة خلال التنقل، ما قد يعرض حامله للضرر الجسدي والمادي. ويجب التعامل مع الرسائل النصية المرسلة من قبل البنك بالجدية اللازمة وإبلاغ البنك عن أي عمليات غير صحيحة أو غير معروفة، وكذلك إبلاغ البنك فورا في حال فقدان العميل البطاقة الائتمانية أو المصرفية لإخلاء مسؤولية العميل. وعلى العميل عدم التجاوب مع رسائل البريد الإلكتروني أو الاتصالات مجهولة المصدر التي قد تدعي الفوز بجائزة أو تعرض وظائف مغرية وهمية مع الحرص على عدم إرسال المعلومات المصرفية أو رقم الحساب عبر البريد الإلكتروني لأية جهة غير معروفة بدقة. ويجب عدم استخدام الخدمات الإلكترونية للمصارف عبر الحاسب الآلي إلا من خلال أجهزة مزودة بأنظمة مكافحة فيروسات محدثة، والحذر من التعامل مع مستغلي العاطفة في الأمور المالية، خصوصا الأشخاص غير المعروفين. وينبغي أيضا الحرص على رفع الوعي المصرفي فيما يخص عمليات التحايل عبر متابعة المستجدات في العالم والمنتشرة في الإعلام.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية