Author

بين محجوزات «أرامكو» وساحات الحرم

|
لشركة أرامكو السعودية قيمة اقتصادية كبيرة تتمثل في أنها أكبر شركة نفط في العالم، وقوتها جزء لا يتجزأ من قوة اقتصاد السعودية، وعليها مسؤولية اجتماعية بتقديم النموذج الاقتصادي الأفضل الذي يعد قدوة ومثلا لجميع الشركات الوطنية يحتذى به، فليس هناك في الواقع من ينكر دور ''أرامكو'' التنموي ومسؤوليتها الاجتماعية منذ تأسيسها وحتى اليوم، رغم بعض الاختلاف معها في التعاطي المنهجي بموضوع ''محجوزات أرامكو'' على الأراضي التي تطولها بحكم أنها مناطق إنتاج نفطي حيث أوجدت أزمة عقارية حقيقية بامتناع الشركة عن ابتكار أي حلول أو الدفع بأي مقترحات لتسوية قضايا عقارية معلقّة. تستحوذ ''أرامكو'' على كثير من الأراضي التي أصبحت هدفا استثماريا وتنمويا يصعب على إدارتها إيجاد حلول وتسويات لفكه، والمفارقة تكمن في شكل وطبيعة التسويات التي تتم في مثل هذه الحالات التي تقوم بها جميع الشركات العالمية العملاقة لتقدير الضرر الذي قد يلحق بمواطني المجتمعات المحلية قبل تنفيذ مشروعاتها، وهو ما تتعامل معه ''أرامكو'' بسلبية من خلال سياسة وضع اليد وفرض الأمر الواقع على أصحاب عقارات لا يملكون الكثير لمقاومة نفوذها الإداري. وإذا ما قارنا ما فعلته وتفعله الدولة في أطهر بقاع الأرض ''مكة المكرمة والمدينة المنورة'' مع أصحاب الممتلكات الذين تم تعويضهم عن قيم ممتلكاتهم بأسعار ترضيهم من أجل أهداف دينية هي ''توسعة الحرمين الشريفين'' التي تعد أسمى بكثير من أهداف ''أرامكو''، علما بأن هذه التوسعات تخدم الإسلام والمسلمين في شتى بقاع الأرض. وهذا التعويض يدل على اهتمام ووفاء من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لإعطاء كل ذي حق حقه من أبناء هذا الوطن من جانب، ورفعة شأن الاسلام على الجانب الآخر. وإذا ما نظرنا الى ما تفعله ''أرامكو'' فإنها تؤمّن مصالحها على حساب مصلحة المواطنين، علما بأننا كلنا من أبناء هذا الوطن نعمل له جميعا ونقدر أهمية هذه الشركة الوطنية العملاقة لما تقوم به من خدمات تدعم بها اقتصاد المملكة. إنه نداء في آذان المسؤولين في إدارة الشركة الوطنية الكبيرة ''أرامكو'' لا بد من الحوار الجاد في سبيل الوصول لحلول عاجلة لفك المحجوزات من الأراضي التي تستحوذ عليها مما يسبب معاناة وضيقا على المواطنين. ومنظومة التطوير العقاري في المملكة وخاصة في المنطقة الشرقية قدمت الكثير ولديها الكثير، وإذا ما أتيحت لها الفرصة على هذه المساحات الهائلة من المحجوزات التي تتحفظ عليها شركة أرامكو لصنعت خطوطا عريضة من الحضارة الحديثة حول حقول الذهب الأسود لتتناغم وقيمة المنطقة الاقتصادية، ولكن جمود ''أرامكو'' في عدم إيجاد الحلول والتسويات لمحجوزات الأراضي أضر كثيرا بالسوق العقارية وساعد في ارتفاع أسعار الأراضي الذي لا يتماشى مع قرارات الحكومة الرشيدة الأخيرة لإيجاد حلول إسكانية للمواطن. وكلما كان هناك قرار بالبدء في التطوير اصطدم بنفق المحجوزات القاتم بلا تسويات أو تعويضات للمواطن، وهذا لا يتفق مع مهنية إدارة شركة وطنية عملاقة كشركة أرامكو، لذلك يحدونا الأمل في أن تسارع الشركة إلى ابتكار حلول ومعالجات سريعة لقضية المحجوزات لما تسبب من أضرار على الأفراد بصفة عامة والقطاع العقاري بصفة خاصة، وطالما أننا نعمل جميعا في إطار اقتصاد وطني واحد، فمن الضروري أن ننسق الجهود من أجل الخروج بتسويات منطقية ومناسبة وحلول حاسمة وحرفية تناسب التنمية والتطور الذي يعيشه وطننا.
إنشرها