«هادي العبد الله».. الشجاعة على هيئة رجل

«هادي العبد الله».. الشجاعة على هيئة رجل

مجرد تصور وجودك في مكان هذا الرجل كفيل ببث القشعريرة في الجسد، شعورٌ يتعزز بإدراك حجم المهمة الملقاة على عاتقه من جهة، واللا إنسانية التي تميّز الأعداء الذين يواجههم من جهة أخرى. ''هادي العبد الله'' الاسم الذي تكرر كثيرا في وسائل الإعلام، وذاعت منشوراته على ''فيسبوك'' و''تويتر'' بين جماهير العرب والمسلمين المتابعين للشأن السوري عموما والوضع المأساوي الذي عاشته بلدة القصير السورية على مدى ثلاثة أسابيع خصوصا. من داخل البلدة الصغيرة والمحاطة بجيوش مجيشة من القتلة على الهوية والذين لا يفرقون بين مقاتل أو طفل أو امرأة، لا يدفعهم سوى هوس سادي باحث عن الدم، بث هادي تفاصيل الحدث لحظة بلحظة غير مكترث مطلقا بالتهديدات التي تلاحقه رغم أنه مجرد إعلامي غير حامل للسلاح. وسبقت المعلومات التي بثها هذا الناشط الإعلامي الموثوق عبر مواقع التواصل الاجتماعي نشرات الأخبار في كبريات القنوات، وتسابقت المحطات لالتقاط تصريحاته خلال نشراتها. وتكفل العبد الله بتجميع أخبار 17 فريقا مقاتلا داخل القصير لينقل للناس حجم المعركة، وبث صورا عن الجوع والمرض والدمار الذي خيم على البلدة الحدودية مع لبنان، الأمر الذي جعله هدفا مركزيا في نظر النظام وحلفائه. ووسط تفاقم المعركة في القصير والتي حاول النظام تصويرها كأم المعارك، غاب صوت هادي الذي بث دوما الهدوء والطمأنينة في قلوب متابعيه لمدة خمسة أيام كانت كفيلة بخلق صورة مرعبة عما حصل في القصير. آخر تغريدات العبد الله يوم الرابع من يونيو وهو يوم نزوح المدنيين من القصير كانت تحمل كلمة واحدة.. ''دعواتكم''، وعقب عودته بعد أيام خمسة مريرة كان ما ذكره هادي من كوارث يوضح أن الأكف المتصاعدة إلى السماء ربما أسهمت بنجاته مع آلاف المدنيين من هجوم لا مثيل له في التاريخ المعاصر تصادمت فيه القذائف الكثيرة بعضها ببعض في الجو. وتحوز تغريدات العبد الله انتشارا واسعا وغالبا ما يكون إعادة التغريد لها كبيرا يتجاوز الألف، ويتابعه نحو ربع مليون شخص على ''فيسبوك'' و''تويتر''. وأثار بث الناشط الإعلامي صور قتلى حزب الله هيجان أفراد الحزب فتوعدوه بالقتل لكنه واصل طريقه غير آبه إلا بواجبه المهني في نقل الحقيقة. وكغيره من الإعلاميين يعتبر العبد الله فردا شديد الخطورة على النظام السوري الذي حاول دوما التكتم على جرائمه عبر منع المراسلين والصحفيين من دخول البلاد. إثر هذا دفع عدد كبير من النشطاء الإعلاميين للثورة السورية دماءهم ثمنا للحقيقة التي لم تعد تخفى على أحد بمن فيهم مؤيدو النظام نفسه.
إنشرها

أضف تعليق