Author

معسكرات رمضان

|
ترسخ في الذهنية أن الإنسان السعودي، غير منتج في شهر رمضان، لأسباب عدة تتعلق بالعلاقات الأسرية في الشهر الكريم والثقافة الدينية، ما يخلّفُ جوا عاما، يسير بالإنتاجية في خط واحد فقط وهو العبادات وعلاقة الإنسان بربه. وتصل العلاقات الإنسانية في المجتمع السعودي إلى ذروتها في الشهر المبارك، مبرزة ملامح أخفاها الانشغال بالدراسة والعمل وبقية النشاطات الحياتية خلال شهور العام الأخرى، ولا أُبالغ إن قلت إن كثيرا من الجيران يتعرفون على بعضهم أكثر من ذي قبل في ليالي وأيام رمضان. وتشير دراسات القياس المعنية بالمتابعة التلفزيونية، إلى أن الأُسر السعودية والأصدقاء يقضون مع بعضهم أوقاتا أكثر من ثلاثة أشهر أخرى مجتمعة في العام، ما ساهم في نشاط سوق الدراما التلفزيونية، والإعلانات التجارية عبر وسائل الإعلام. عمليا، رمضان للسعوديين هو عشرون ليلة، قد يمارس فيها شيئا من الحياة الروتينية، أما العشر الأواخر فتتحول إلى استنفار كامل، من شذ عنه يتلقى التوبيخ بالنظرات إن لم يواجه بسهام الكلمات. ومن سوء حظ الأندية المحلية أن تحضيراتها للموسم الجديد تتزامن هذا العام مع مطلع هلال رمضان، بعد عودة اللاعبين من إجازاتهم، ما يعني أن البرامج التحضيرية المعدة لن تأتي أُكلها على الوجه المخطط له تماما، وستشوبها شوائب تنطلق من ذهنية الإنسان السعودي تجاه الأيام التي يعيشها عندئذ. أغلب الأندية السعودية، أعلنت عن معسكرات تحضيرية خارجية، تتخللها الأيام العشرون الأُول من رمضان، ولا أعتقد أن اللاعب السعودي سيكون في نفسية جيدة، تسمح له بتقديم إنتاجية عالية، بعيدا عن الجو الأُسري المفضل في الشهر العظيم، وربطا بتغير ساعته البيولوجية، فماذا ستفعل الأندية؟ وهل تغامر في سبيل تحضير منقوص؟ في ساعات النهار، سيكون اللاعب السعودي معطلا تماما عن أي نشاط رياضي حقيقي، وتمضي ساعات الليل بين الإفطار والصلاة والسحور، وسيكون موقف المدرب محرجا إن رفض ذهاب لاعب ما لصلاة التراويح مثلا، أو طالب بالمران بعد ساعتين من الإفطار. ليس أمام أنديتنا المحترمة إلا طريقان، الأول هو توفير الأجواء الأسرية المحببة للاعبين في هذا الشهر خلال المعسكرات الخارجية، ويحدث هذا بالسماح للاعبين باصطحاب زوجاتهم وأبنائهم، وهو مسلك تنتهجه أغلب المنتخبات العالمية أثناء المونديال. أو استبدال المعسكرات الخارجية، بالتحضير الداخلي في مقار الأندية مع تحديد برنامج يقتضي بقاء اللاعب في المعسكر ثلاثة أيام من كل أسبوع بلا مغادرة. بالاقتراح الأخير قد تتحاشى الأندية أبلغ الضررين، تمنح اللاعب متعته الأسرية وأجواءه الرمضانية، ما قد ينعكس على إنتاجيته، وتراقب فعاليته البدنية في الأيام الثلاثة التي ينخرط فيها ضمن معسكر مغلق.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها