Author

من يساعد أسر أطفال «التوحد» على العلاج؟

|
إن الحياة قد تصادف الإنسان بتجارب من الصعب أن يتكيف معها، ولكن ما أراده الله - عز وجل - وما كتبه وما يقدره للإنسان هو ما سيكون أولا وأخيرا وبلا نقاش أو جدل، وهذا يعني أن من المواقف ما هو صعب وعسير، ومع ذلك فإن رحمة الله - عز وجل - فوق كل شيء. ولا أنسى قصة إحدى الأمهات قبل أسبوع، التي جاءت تحكي حالتها ودموعها تغرق وجهها من الألم، حيث تحدثت عن ابنها البالغ من العمر أربع سنوات وهي سنوات مرت دون أن يتكلم أو يتفاعل إطلاقا، بل هو منعزل تماما حتى لو كان وسط عشرات المحيطين به، فإن له عالمه الخاص واهتماماته الأحادية، وقد حكت الأم أنها كانت تلاحظ ذلك كله وتتساءل باستمرار، إلا أن عاطفتها لم تجعلها جريئة على الإقدام لمراجعة أي طبيب، لأنها كانت تصر خارجيا على أن طفلها طبيعي بينما في داخل نفسها كان لديها إيمان كامل بأن مرضا ما قد أصاب ابنها، ولكنها ربما لا تعرف تشخيص المرض تحديدا، وقد استرسلت الأم تبكي لتقول إن الصدمة كانت عندما شخص الطبيب الطفل على أنه مريض بـ ''التوحد''.. وقتها كانت الفاجعة الكبرى، حيث ذكرت أنها لم تستوعب الأمر إلا بعد أيام، وتقبلت الأمر بكثير من الحزن والألم - كما ذكرت - إلا أن الخطوة التالية كانت أصعب عليها بكثير عندما لم تعرف أين تذهب، من يساعدها، هل هناك جهات حكومية أو مستشفيات من الممكن أن ترعى تلك الفئة المريضة أو تتبنى علاجها.. ذكرت الأم أن الواقع كان أسوأ بكثير من مرض ابنها، حيث لا توجد مستشفيات متخصصة في علاج أطفال التوحد، حتى بعض الجهات كانت كنظام المدرسة لا تأخذ طفل التوحد سوى ساعات محدودة يوميا، وبعضها كان يتبع للقطاع الخاص يمثل ساعات قليلة مقابل مبالغ هائلة ربما لا تستطيع أي أسرة دفعها - كما ذكرت تلك الأم - ثم انفجرت في مزيد من البكاء. ولعل ما رأيته كان محزنا لي بشكل كبير، حتى ظلت صورة الأم ملازمة لذاكرتي أياما بعد المقابلة. حزنت كثيرا لوضعها، وهذا ما جعلني أتساءل حقيقة لماذا لا تكون لدينا مستشفيات كبرى متخصصة بمرضى التوحد ترعاهم ابتداء من العلاج والتنويم، وكذلك تنظيم الغذاء بما يناسب وضعهم الصحي وتحت إشراف طبي عالي المستوى، والسؤال المهم هنا: لماذا تقدم بعض تلك الخدمات التخصصية في دول عربية أقل من المستوى الاقتصادي لدينا، بينما تصرف ميزانيات ضخمة للقطاع الصحي دون أن يتم التفكير أو التخطيط لرعاية تلك الفئة الصعبة، التي ازداد انتشارها بكثرة حتى على مستوى العالم؟ إن الأمر في غاية الأهمية، وهناك أسر تعاني من المشكلة نفسها، فهل من حل في إنشاء مشروع حكومي يرعى تلك الفئة ويحتوي أسرهم؟
إنشرها