Author

المعلمون في الأرض

|
لكل خطة تنمية عناصر تقف عليها، وربما تكون هناك اختلافات بين خطط التنمية بين بلد وآخر، إلا أن هناك عناصر ثابتة تؤثر في فاعلية خطط التنمية في كل مكان، ولا يختلف الوضع بين البلدان النامية أو المتقدمة في هذا المضمار، ومن أهم العناصر في نجاح خطط التنمية الوطنية هو التعليم ومستوى مخرجات العملية التعليمية التي تؤسس لسوق العمل وتدير أدوات الإنتاج وتصنع اللبنة الحقيقية للتقدم الصناعي والتكنولوجي والعلمي. ولنا أن ننظر لواقع التعليم لدينا لنعلم أننا نعاني مشكلة حقيقية تلقي بظلالها على بقية المفاصل التنموية للبلد. وللعملية التعليمة عدة عناصر أيضا تمثل مجتمعة أساسا للنجاح أو الفشل في تحقيق الأهداف المنوطة بها، التي يجب أن تعكس مستوى التخطيط الفعلي للتعليم لتتجلى في مخرجاته. والعملية التعليمية هي لب الاستثمار في العامل البشري لأي دولة، فكل ثروة تعتبر ثروة ناضبة، إلا الثروة البشرية، فهي متجددة، مبدعة، وقابلة للنمو بشكل يفوق تصور البشر أنفسهم، ولنا في نهوض ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية خير مثال على الجدوى العظيمة التي يعكسها الاستثمار في رأس المال البشري. المطلوب من المعلم أن يعي ويتبنى كل أهداف العملية التعليمية، في قطاع التعليم الحكومي أو الخاص، ومما يُطلب من المعلم قبل كل هذا أن يكون مربيا لطلابه، فالعملية التعليمية ليست عملية أوتوماتيكية تنتقل فيها المعلومة من المعلم لتلاميذه، بل هي عملية تواصل إنساني بحت، تؤثر في فاعليتها كل الظروف الشخصية والاجتماعية والاقتصادية. وللمعلم هموم وشجون، بعضها مفهوم، والبعض الآخر يصعب على الفهم والاستيعاب، خصوصا إذا ما قارنَّا أوضاع المعلمين ونظرائهم من بقية موظفي الدولة. ومع تقارب الأجور بين موظفي الدولة، إلا أننا لا نستطيع أن نجد تبريرا يقبله العقل في أن يعامل المعلم بمعاملة أقل من بقية موظفي القطاع الحكومي، مع تحمّله أعباء تفوق أعباءهم. المعلم الذي نطلب منه تأسيس أبنائنا علميا وتربويا يفتقد أقل مقومات الاستقرار النفسي والاقتصادي، فإضافة إلى تدني الأجر، وإلغاء مكافئة نهاية الخدمة، يفتقد المعلم الكثير من المميزات التي ترفع من مستوى أدائه، فليس هناك تدريب للمعلمين بشكل دوري، ولا مؤتمرات علمية، ولا يحزنون. إن المعادلة بسيطة جدا، إذا أردنا من المعلم أن يعطي، فلنبدأ نحن بإعطائه ما يستحق من وضع اقتصادي يؤهله للقيام بالمهام المنوطة به.
إنشرها