تحفل حفلات الأعراس في السعودية وخاصة في منطقة الحجاز بكثير من العادات والتقاليد، التي توارثتها الأجيال عبر العقود، ومنها ضيافة الأعراس بما تتضمنه من صب القهوة و''المباشرية'' على الضيوف والقيام على خدمتهم. وذلك خلافاً لما كان يحدث في الماضي، من أن أصحاب الأعراس هم الذين يقدمون القهوة للمعازيم، حيث يتصدى الأهل والأصدقاء لـ ''ضيافة الأعراس'' ويتسابقون عليها.
ولكن مع مرور الأيام اختفت هذه العادة أو على الأقل تغير مفهومها، بالتزامن مع المتغيرات التي طرأت على المجتمع، التي أسهمت في إخفاء أو تغيير هذه المشاهد، فأصبح هناك مجموعة من الجنسيات المختلفة تمتهن عملية الضيافة، فيما يكتفي أهل العرس باستقبال الضيوف.
وقبل عقد من الزمن كان الأهل والأصدقاء يقومون على الضيافة دون الاعتماد على أي أحد في ذلك الوقت، بل إنه كان يعد عيبا أن يقدم وافد القهوة للمعازيم، ومع مرور الوقت والحداثة أصبحت الجنسيات الوافدة هي التي تقدم القهوة للضيوف كنوع من ''البرستيج''.
وأصبحت قصور الأفراح في مكة المكرمة حالياً تعج بهؤلاء في تقديم القهوة وخصوصا من الجالية البرماوية، حيث إنهم يرتدون زيا معينا متعارفا عليه في صب القهوة أو الشاي أو ماء زمزم، بينما يكون أهل العرس في استقبال الضيوف فقط.
وحول ظاهرة استحواذ الوافدين على ''ضيافة الأعراس'' يقول عبد الله أحمد، الذي يرأس مجموعة من الشباب الذين لم تتجاوز أعمارهم 22 عاما: ''يعمل هؤلاء في فن تقديم الضيافة للمعازيم، حيث يأخذ الشخص الواحد مبلغ 200 ريال تقريبا في العرس الواحد، فهذه المهنة لا تحتاج إلى تدريب سوى أنه يشاهد الشخص كيف يصب القهوة ومن ثم يقلد ويباشر العمل، ويرتدون زيا موحدا، وخصوصا في وضع العمة المكية ذات اللون الأصفر لتمييزه بين الناس في صب القهوة، وقد اعتاد الناس أن يطلقوا لقب القهوجي أو المباشر على هؤلاء، وعملهم في قصور الأفراح في العاصمة المقدسة يبدأ من بعد صلاة العشاء''.
وأوضح أن هناك بعض الأشخاص يأتون بالقهوجية والمباشرية في المناسبات الخاصة في منازلهم، مبيناً أنه أصبح كثير من شباب الجالية البرماوية في المرحلة المتوسطة أو الثانوية يقبلون على هذه المهنة؛ لأن مدة العمل تستغرق ست ساعات تقريبا، وليس فيها مشقة كبيرة، وفي نهاية الحفل يأخذون المبلغ المتفق بينهم.
وتابع عبد الله أحمد: ''أصبح الناس يرغبون في طلب القهوجية، وهؤلاء ليس لهم مكاتب معينة، بل يقوم رئيس المجموعة بتوزيع البطاقات الخاصة به لتقديم القهوة في المناسبات التي يقوم بضيافتها، حيث تدر دخلا جيدا في يومي الأربعاء والخميس من كل أسبوع لكثرة الأعراس في قصور الأفراح، وخاصة في فصل الصيف الذي تكثر فيه الزوجات والمناسبات، وبالتالي ينشط الطلب على القهوجي.
من جهته، يرى العم محمد الطلحي أن الجيل الحالي أصبح لا يهتم بتقديم القهوة للضيوف، بل يعتمد على القهوجية ويعتبرها نوعا من أنواع البذخ في المجتمع.
وأضاف: ''كان من المعروف في حالة وجود زواج يقوم مجموعة من الشباب من الأقارب والأصدقاء بهذه المهمة دون اللجوء لصبّابي القهوة، وكانت الفزعة بين الشباب التنافس في ذلك الوقت في صب القهوة من الأمور المحمودة بين الشباب، ولكن الأمور تغيرت هذه الأيام''.
