Author

الطاقة المتجددة.. السعودية تستشرف المستقبل

|
يدفع تحديد ثلاثة مواقع لإنتاج الطاقة الحرارية في المملكة، الخطوات بصورة متسارعة نحو الطاقة المتجددة بمفهومها العام. فالسعودية وضعت هذا الأمر ضمن نطاق استراتيجي طويل الأمد، لا يتناغم مع متطلبات البيئة وإشكالياتها على الساحة العالمية فحسب، بل يضع البلاد في مقدمة الدول التي اعتمدت الطاقة المتجددة، ويعطي المشروعات المرتبطة بهذا الجانب، زخماً قوياً متجدداً، كما أنه يعزز مكانة المملكة في قائمة الدول الأكثر التزاماً بمشروعاتها الاستراتيجية والتنموية. ولا سيما الاقتصادية منها. فالمملكة - على سبيل المثال - احتلت المركز الأول في مجموعة العشرين، من حيث الالتزام بتعهداتها والتزاماتها، على الرغم من صعوبة هذه التعهدات والالتزامات، في حين تخلفت دول راسخة في هذا المجال. والطاقة المتجددة تحولت في السعودية من مرحلة الخيار، إلى حالة الالتزام، بكل روابطها. بعض الدول لا تزال في المراحل النظرية لهذا القطاع المستقبلي الحيوي. ستكون الطاقة المتجددة ''النظيفة'' في غضون السنوات القليلة المقبلة، جزءاً رئيساً من حراك الاقتصاد العالمي. وهذا يتطلب تجدداً في الرؤى والمشروعات والتخطيط الاستراتيجي. والنضج المبكر في هذا المجال، يزيل الكثير من العقبات في الطريق. وكلما كانت الاستراتيجية متماشية حراكاً وقيمة مع الاستحقاقات البيئية والاقتصادية المستقبلية، كلما كان الطريق آمناً وسلساً. ومن هنا تأتي أهمية التحديد المبدئي للمواقع الخاصة بالطاقة الحرارية. وهذه المواقع ستستقطب موادها اللازمة من أكثر من جهة، بما في ذلك النفايات البلدية الصلبة، المنتجة في المراكز المدنية. وهذه وحدها، تمثل نقلة نوعية على صعيد توليد الطاقة وتقليل الآثار الضارة للبيئة. لقد خصصت المملكة قرابة 109 مليارات دولار أمريكي باتجاه الطاقة الشمسية. وهذا يدخل في صلب استراتيجية الطاقة المتجددة، خصوصاً إذا ما عرفنا أن السعودية تتحرك لإعادة توليد الطاقة الشمسية بنسب عالية في غضون العقدين المقبلين، تصل إلى ضعف الطاقة نفسها التي تولدها دولة كألمانيا حالياً، في حين تتقدم هذه الأخيرة دول العالم في هذا المجال. المخططات السعودية في مجال الطاقة المستدامة المتجددة، تشمل الأعمال والمشاريع الحالية بالطبع، لكنها تركز بصورة كبيرة على المشروعات الجديدة. وهذا تحرك مهم جداً، على صعيد التمكين في كل المجالات، ولا سيما الخدمات الصناعية منها. ومن هنا، يكتسب السعي لتأسيس منظومة اقتصادية متكاملة للطاقة الذرية والمتجددة، لتوليد الطاقة وتحلية المياه، وتوليد الكهرباء، أهمية كبرى، خصوصاً أنه يشمل أيضاً إنشاء قطاع صناعة وخدمات لدعم هذه المنظومة. والسعودية (بذلك)، تدخل بالفعل في مرحلة مختلفة متطورة ومتناغمة مع المتطلبات العالمية، النظرية والعملية. والنتائج التي أعلن عنها الدكتور هاشم يماني، واعدة ومبشرة، خصوصاً تلك التي ترتبط بإمكانية توطين أكثر من 60 في المائة من مجمل الاستثمارات التي ستخصص لبناء منظومة الطاقة الذرية في الاقتصاد الوطني، وأكثر من 80 في المائة من مجمل الاستثمارات التي ستخصص لبناء منظومة الطاقة المتجددة. ومن أهم ما في الأمر، أن الطاقة بنوعيها الذرية والمتجددة، تعتمد أساساً على وقود مجاني كأشعة الشمس، والوقود النووي. هذه الخطوات العملية ''لا النظرية''، ستجعل السعودية في مرحلة لاحقة مصدرا للخبرات في هذا المجال، ليس فقط على صعيد المنطقة بل وبعض دول العالم الأخرى. في الوقت الذي يعاني فيه عديد من الدول، أزمات التراخي والتقاعس ''بل التلكؤ'' في مجال سيكون السمة السائدة على صعيد الطاقة في العقود القليلة المقبلة وما بعدها. إن المملكة تقدم مثالاً يحتذى في حماية البيئة والتوليد الأمثل للطاقة والاستغلال الأفضل لها، ليس فقط بمشروعاتها المتطورة الواعدة في هذا المجال، بل من جهة كونها المصدر الأكبر للنفط في العالم أجمع.
إنشرها