أخبار اقتصادية

انهيار الذهب فرصة أمام الخليجيين .. والهنود أكبر المستفيدين

انهيار الذهب فرصة أمام الخليجيين .. والهنود أكبر المستفيدين

حالة من الهلع تنتاب أسواق الذهب العالمية جراء التراجع المستمر في الأسعار، ويزداد المشهد تعقيداً مع تواصل التوقعات بأن الأسعار ستتجه لمزيد من الانخفاض حتى نهاية العام على الأقل. هذا الوضع لا يبدو بالدرجة ذاتها من السوء بالنسبة للجميع، بل على العكس، فهناك عديد من "السعداء" جراء هذا الانهيار في أسعار سيد المعادن وأنفسها. ولربما كان السؤال الأول الذي طرح نفسه مع تراجع أسعار الذهب هو "لماذا لا تبيع الحكومات احتياطي الذهب لديها الآن بدلاً من الاحتفاظ به، وخاصة أن الأسعار ستأخذ منحى التراجع مستقبلا؟ الدكتور ديفيد ايوين، أستاذ مادة النقود والمصارف في جامعة لندن، يقول لـ"الاقتصادية"، رغم أن الاحتياطي الدولي من الذهب تضاعف أكثر من ثلاث مرات خلال العقد الماضي، إلا أن بعض الحكومات تتخلص مما لديها من ذهب، فإسبانيا على سبيل المثال باعت نحو 46 في المائة من احتياطي الذهب لديها منذ عام 2000، لكن ما يجعل الحكومات تحجم عن التخلص التام من احتياطي الذهب لديها هو المسؤولية أكثر من تحقيق النفع الاقتصادي المباشر"، ويضيف "أكبر احتياطي من الذهب موجود لدى الولايات المتحدة وهو 8100 طن من الذهب، أي ما يعادل 327 مليار دولار بقيمة أسعار اليوم، والتخلص من هذه الكمية من الذهب مرة واحدة أو على دفعات قد يعني انهيارا شبه تام في أسعار الذهب؛ ما قد يتسبب في عديد من المشاكل الاقتصادية". في جلسة استماع في الكونجرس الأمريكي حول تدهور أسعار الذهب والسبب الذي يدفع واشنطن رغم ذلك للاحتفاظ بتلك الكميات الضخمة من سلعة أسعارها في تدهور متواصل، توجه السناتور رون باول من الحزب الجمهوري بسؤال لبن برنانكي، محافظ المصرف الاحتياطي الفيدرالي، حول لماذا تحتفظ أمريكا بهذه الكمية الكبيرة من الذهب، فلم يكن من محافظ المصرف الأمريكي سوى الإجابة بكلمة واحدة " التقاليد". مع هذا، فإن بعض الحكومات ترى أن التراجع في الأسعار يمثل فرصة ذهبية لها لتصحيح أوضاعها الاقتصادية. وتصب في هذه الفئة بالأساس كل الحكومات التي لا تنتج الذهب، وإنما تستورده من الخارج، ومن أبرزها طبعا الهند ومصر، ومع الفجوة الدائمة بين الطلب المحلي والكميات المنتجة محليا من الذهب، فإن الاستيراد يصبح الحل الوحيد لسد هذه الفجوة؛ ما يؤدي إلى توسيع نطاق العجز في الميزان التجاري، وهو ما يعد مؤشرا على التدهور الاقتصادي، خاصة إذا ترافق مع مديونية ضخمة. الدكتور راهول سينج، الأستاذ الزائر في مدرسة لندن للاقتصاد يشرح الأمر للاقتصادية قائلا "أعتقد أن وزير المالية الهند كان تعبيره صائبا تماما عندما قال إن تراجع أسعار الذهب بلسم للاقتصاد الهندي، فبذات الكمية من الدولارات يمكنا أن نحصل الآن على كمية أكبر من الذهب، وهذا يحسن وضع الميزان التجاري الهندي، وينطبق هذا على الهند وغيرها من البلدان المستوردة للذهب"، ومع ذلك فإن الدكتور راهول يحذر قائلا "المشكلة تكمن في أن هذا الانخفاض الكبير في الأسعار، يشجع على زيادة الاستهلاك، وبالتالي زيادة الطلب؛ ما قد يجعل الوضع أحيانا أسوأ مما كان عليه قبل انخفاض الأسعار". وحول اتهام بعض كبار تجار الذهب الهند بالمسؤولية في انهيار الأسعار، وذلك من خلال رفع الضريبة على وارداتها من الذهب من 3 في المائة إلى 6 في المائة؛ ما أثار حالة من الذعر في الأوساط التجارية بأن الطلب الهندي علي المعدن النفيس سينخفض، لا ينفي الدكتور راهول هذه التكهنات أو يؤكدها لكنه يضيف " ليس لدي معلومات كافية، ما اذا كانت نيودلهي قد قامت بإجراء رفع الضريبة على الواردات الذهبية وهي تدرك أبعاده الدولية أم لا أو أنها قامت بهذه الخطوة متعمدة لتحدث انهيار في الأسعار تكون أحد المستفيدين منه لاحقا، لكن ما استطيع أن أؤكده أن هناك عددا من العوامل ورأي هذا التراجع، وأعتقد أنه لا يمكن أن يتم دون أن تقذف المصارف المركزية ـــ أكبر مكتنز للذهب ـــ بكميات ضخمة من مخزونها إلى الأسواق". وعلى الرغم من التساؤل حول لماذا تحتفظ الحكومات بالذهب يظل استفسارا مشروعا، إلا أن عددا من الخبراء الاقتصاديين يعتقدون أن الانخفاض يمثل فرصة لبعض البلدان الخليجية. ويقول صالح سراي، المحلل الاقتصادي العربي في لندن، لـ"الاقتصادية": "الانخفاض الراهن انخفاض تاريخي بكل المعايير، والدول الخليجية تتمتع بسيولة مالية ضخمة للغاية، ويمكن لمصارفها المركزية الاستثمار في الذهب على نطاق واسع الآن؛ لأن الأسعار لن تظل منخفضة للأبد، فالسوق ستسعى لتصحيح ذاته، ومن ثم مع ارتفاع الأسعار مرة أخرى ستحقق البلدان ذات الاحتياطيات الضخمة من الذهب أرباحاً ضخمة"، ويضيف "لكن الأمر سيتطلب سلسلة من الحسابات المعقدة بين معدلات الربح الناجمة عن الاستثمار في الذهب الآن وبيعه مستقبلا مقارنة باستثمار ذات المبالغ المالية في بدائل استثمارية أخرى والعوائد التي ستتحقق منها خلال ذات الفترة الزمنية".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية