Author

إلى مبتعثينا: لا خوف عليكم ولكن ..

|
- أهلا بكم في مقتطفات الجمعة رقم 470 *** - حافز الجمعة: الخوفُ حالة ذهنية، والتغلب على الخوف حالة ذهنية أيضا. وترادفا تكون الشجاعةُ والثقةُ والحرصُ والحذرُ كلها حالات ذهنية نستطيع أن نتحكم بها متى احتجناها بشدة! *** - لا نعلم، ولا أظن أننا سنعلم على وجه الدقة، حتى إذا انقشع الضبابُ الكثيفُ عن حادثتي تفجير بوسطن وتكساس، كل شيء. يُدمي القلبَ أن يموتَ الأبرياءُ، ويجب أن نخبر العالم كله أن ديننا دعا لحماية غير المسلمين متى كانوا تحت مسؤوليتنا وحمايتنا، وسيسألنا عنهم إن غُدِر بهم أو ظُلموا، وهذا مثبت ساطعا في سيرة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأنا لسنا من المتعصبين الكارهين، بل نؤمن بمحبة الإنسان للإنسان طالما لم يعتد علينا. والتعصب يخلق الكرهَ والقسوةَ في القلوب، ومع الوقت الهيجان للدم. التعصب في كل مكانٍ وفي كل عقيدةٍ وفي كل مذهبٍ، بل وفي مدارس فكرية بالذات السياسية. إنى أرى التعصبَ عقيدةً مستقلة ينتمي إلى قساة المتعصبين من كل دين ومِلّة. ومع معرفة هذه الحقيقة العدلية الإنسانية، يجب أن نكون الآن قريبين لبناتنا وأبنائنا المبتعثين، ونتوحد يا ناس من أجل الله تعالى أولا، ثم من أجل مُهَج قلوبنا الدارسين في جامعات أمريكا بولاياتها الواسعة. أعرف جيدا حرص السفارة السعودية هناك على أبنائهم وبناتهم، فهي مسؤوليتهم الأولى التي لا تقارن بها مسؤولية، وأعرف حرص ومتابعة الملحقية بقيادة الصديق الدكتور محمد العيسى.. ومع ذلك أتوقع أنهم سيبذلون جهودا مضاعفة ومتواصلة لا تهدأ في متابعة أحوال الطلاب عموما، وخصوصا في المدن التي وقع فيها الحادثان المؤلمان. وأتوقع أن تقف الدولة بوزاراتها ومصالحها المختلفة للمؤازرة العامة في هذا الموقف الذي قد تحدث فيه مفاجآت وإشاعات وتحقيقات وتفتيش وقبض فيدرالي. ونخاف من عوام الناس في أمريكا الذين تُلوِّثُ عقولَهم محطاتٌ متعصبة وجرائد تابلويد ملتهبة.. لذا أرجو رجاء يحمل كل أنواع الرجاء، أن نضع الآن قضية مبتعثينا في الخارج، ليس في أمريكا فقط، بل حتى في بريطانيا وأستراليا وغيرهما مما قد ينتقل من إشاعات وتحريض عبر المحيطات بسرعة البرق. وأقول لمُهَج قلوبنا هناك لا أتوقع أن يحدث شيء بإذن الله، ولكن خذوا كل حرصكم.. خذوا كل حذركم. ابقوا متواصلين معنا، مع سفارتكم وملحقيتكم وفروعها، مع بلدكم، مع عائلاتكم. *** - بعثنا أكبر دفعاتٍ طلابية في العالم، بل ربما في تاريخ العلم كله دفعة واحدة للخارج، وكانت الحماسة غالبة، والحماسة مهما بلغت طيبتها، تغْفَل أيضا بطبيعتها عن أشياءٍ كثيرة وهي في اندفاق التحمّس، قتمرق أشياءٌ وأمورٌ مهمة لا تتنبه لها الطبيعة الحماسية، كنا نقول إننا بعثناهم بلا خطط استفادة كبيرة منهم وهو بعلم وتقنية وتفهم جديد.. الآن لن أناقش هذا، ولكن تنبهنا الدروس الواقعية، فلا بد من حصر مشاكل المبتعثين وتبويبها وتصنيفها وقياس حجمها، ومقدار زيادتها أو نقصها لنعرف المجتمعات السعودية الشابّة التي تخلّقت هناك بطبائع جديدة، بعضها استيعابا متدرجا محمودا، وبعضها صدمة انتقالية تهز كيان الشبيبة الصغار. منها أن يعرف المبتعثون أساسيات طبيعة العمل العام في الخارج، ولا أقول الطبائع والعادات والفهم، بل خطوط النظام الكبرى التي تنظمها نصوصٌ قانونية حتى يسيروا هناك على أرض قوية من الفهم القانوني فلا يتجاوزونه، ويعرفون حقوقهم القانونية ويتمسكون بها، ويطلعون دوما بدون انقطاع على الأنظمة الموجودة والمستجدة لتكون كشافات لهم تقودهم في دروب المجتمعات الجديدة. أطلب برجاء من وزارة التعليم العالي أن تقدم تقريرا للأمّة عن الملاحظات السلوكية التي تكونت خلال سنوات عدة من الابتعاث وتراكمت لديهم الخبرات، ولا شك أن عندهم إدارة رصد لحالات المجتمعات الشبابية بالخارج.. فمن فائدتنا جميعا أن نعلم، وأن تُقدم الحلول، تشارك عقول المجتمع فيها، وأن يدرك ذلك كل أبٍ وكل أمٍ في البلاد فيعكفان على نقله لأولادهما الذين سيتابعون الترحل بقطار الابتعاث. وأتمنى أن تكون هناك مكاتب إرشادية في كل مدينة فيها تجمع كبير من طلبتنا، يزورونهم، ويتناقشون معهم، ويبحثون معهم المواضيعَ الشاغلة.. وهنا سنتحكم بكل شرارةٍ قد تنزّ قبل أن تلتهب نارا. *** - أطلب من شبابنا بالداخل وكلنا، التواصل مع إخوانهم في الخارج ومن لديه خبرة قانونية وإدارية وسلوكية، خصوصا من تخرجوا في جامعات أمريكية، بكل الوسائل المتاحة، كلها قوية وفعالة. *** - والمهم: لنعمل هذه المرة ونضع كل خلافاتنا جانبا، ونرسم البلادَ قلبا كبيرا واحدا يرسل إشعاع محبته إلى كل مكان في العالم يوجد فيه بناتُنا وأبناؤنا. في أمان الله..
إنشرها