Author

معالجة العمالة السائبة وليس أعراضها

|
تناول كثير من الكتاب بالسلب والإيجاب الحملة التي شنتها مجموعة من مؤسسات الدولة على العمالة السائبة، أو من يعملون في غير المهن التي استقدموا لأجلها، وبعد أن رأينا أثر هذه الحملة في السوق وانعكاسها على مبيعات الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتوقف بعض مشاريع البناء، جاء أمر خادم الحرمين الشريفين بإيقاف الحملة، ومنح هؤلاء ثلاثة أشهر لتصحيح أوضاعهم، وأعتقد أن المقصود بتصحيح الأوضاع ليس العمالة السائبة فقط، بل حتى بعض أجهزة الدولة، كوزارة العمل والبلديات ووزارة التجارة. إن إطلاق العنان في النقد على العمالة السائبة وكأنها السبب في خراب السوق، هو مجانبة كبيرة للصواب، فـ "الكفالين" كما أطلق عليهم أحد الكتاب، أو من يتسترون على العمالة السائبة، أو من يستخدمونهم استخدام الرقيق، كل هؤلاء وجدوا فجوة واستغلوها، وإذا توجهت كل الجهود فقط لترحيلهم، فسيأتي من يملأ أماكنهم بالطريقة نفسها، وتعود المشكلة لسابق عهدها. ولكن الأصح هو معالجة المشكلة الأساسية، بدلا من معالجة أعراض المشكلة كالعمالة السائبة. كما يعلم الجميع، فإن العمالة هي أحد أهم الأدوات الاقتصادية التي تؤثر طريقة إدارتها في الأداء الاقتصادي العام لأي دولة، والمملكة لا تشذ عن هذه القاعدة أبدا. الأمر الأهم، أن المشاكل الاقتصادية لا تحل إلا بتشريع اقتصادي عملي، يتناسب مع حركة السوق وطبيعته. والذي أوجد هذه الفجوة الاقتصادية، التي استطاع البعض استغلالها، هو خلل في التشريع الاقتصادي، وهو خلل في التعامل مع أدوات الإنتاج في السوق، وبشكل رئيسي خطأ في تنظيم سوق العمل. ولكيلا أطيل، سأذكر أمرين مهمين، الأول هو نظام الكفالة، الذي أسيء استخدامه بشكل بشع، حتى صار بعض العمال يعاملون كالرقيق، وقد وجدنا أثر إصلاح هذا القانون في دبي، التي لم تلغه تماما، ولكن جعلته أكثر مرونة وواقعية كي يتماشى مع قانون السوق المفتوح. الأمر الآخر، هو الأجور، فعندما لا يكون هناك حد أدنى للأجور للجميع، سعوديين وغير سعوديين، سيكون هناك استغلال سيئ لأصحاب الأجور المتدنية من جهة، ومن جهة أخرى، ستتكون هناك عصابات من أصحاب هذه الأجور المتدنية لاستغلال من يحتاج للعمالة ويكون نتيجتها سعودة وهمية وتسترا.
إنشرها