Author

المنشآت الصغيرة .. تحدٍّ جديد يواجه وزارة العمل

|
المنشآت الصغيرة في السوق السعودية أصبحت محوراً دائماً لمعالجة ملف السعودة، حيث تركزت القرارات الأخيرة لوزارة العمل من أجل إعطاء الأولوية للشباب والشابات السعوديين في شغل فرص العمل في تلك المنشآت التي تعتمد على الأيدي العاملة الوافدة في تشغيل تلك المنشآت، حيث رأس المال هو العمل والمواظبة والرضاء بالدخل اليسير مع طول ساعات العمل وتناوب الأيدي العاملة فيه بما لا يستطيع السعودي غالباً مواجهته والقيام به، وهو ما جعل الأفضلية للعامل الوافد على حساب العامل السعودي الذي تخلى منذ زمن عن الأعمال البسيطة، واكتفى بتشغيلها من قِبل العاملين على كفالته أو غير العاملين على كفالته مقابل مبالغ مالية أقرب ما تكون للرمزية. لقد تراكمت أخطاء تشغيل العمالة الوافدة في المنشآت الصغيرة، فبعد أن نجحت برامج السعودة في الشركات والمؤسسات الكبيرة والمتوسطة تبقّى تصحيح أوضاع المنشآت الصغيرة، فهي متعدّدة ويفوق عددها 700 ألف منشأة، وهذه الإحصائية هي حصيلة إدراج تلك المنشآت الصغيرة في برنامج نطاقات الذي حصر ما تبقى مما يجب إنجازه من أعمال في ملف السعودة على مستوى القوى العاملة في سائر المناطق والمحافظات. ومن جانب آخر، فإن هذه المنشآت الصغيرة يتم دفع السعوديين للعمل فيها دفعاً وبما يشبه الزج بهم في مجال غير مرغوب لديهم، لعل هناك مَن يلتقط تلك الفرص التي تراها وزارة العمل فرصاً حقيقة وممكنة ولا بد من شغلها بشيء من الفرض والإجبار. نعم، تبنت وزارة العمل فكرة التفتيش الذكي على المنشآت الصغيرة بوسيلة تقنية في غاية الدقة والوضوح فكل منشأة مهما تضاءل حجمها يجب أن يكون لها سجلٌ في التأمينات الاجتماعية يرتبط برقم سجلها التجاري واسم مالكها وهو سعودي في جميع الأحوال، حيث يجب في حالة عدم تسجيل صاحب المنشأة في التأمينات أن يسجل سعودياً واحداً على الأقل، وهذا يعني توظيف شخص سعودي واحد على الأقل مقابل كل سجل تجاري لكل منشأة صغيرة في المملكة، وبالتالي فإن هذا يعني توفير 700 ألف فرصة عمل يقيناً بالحد الأدنى، وهي خطوة لا يمكن الاستهانة بأثرها الإيجابي في خدمة ملف السعودة الذي بات في أولويات معظم الجهات الرسمية، وفي مقدمتها وزارة العمل وبمتابعة من المجلس الاقتصادي الأعلى، حيت يتم رسم سياسة تؤدي إلى تحقيق نتائج ملموسة وواقعية. إن التحدي الجديد أمام وزارة العمل هو المنشآت الصغيرة، أما التحدي أمام الشباب والشابات السعوديين فهو تغيير ثقافة العمل لديهم فقد مضى الزمن الذي كانت فيه الوظيفة مكتبا ومرتبا ثابتا وبحثا عن الأمان الوظيفي، وتسجيل فترة زمنية لغرض التقاعد في القطاع العام أو الخاص، وفي الحقيقة أن من الواجب أن تعيد وزارة العمل ومعها الغرف التجارية والصناعية فكرة تقديم النماذج الرائدة لرجال الأعمال السعوديين الذين بنوا منشآت تجارية ضخمة هي اليوم من أركان الاقتصاد الوطني في المملكة، سواء مصارف أو شركات مقاولات أو وكالات سيارات وفي غير هذه الأنشطة أيضا يحكي تاريخ نهضة اقتصادنا الوطني لرجال انطلقوا من الصفر ليصلوا إلى القمة. ولأن مصلحة أصحاب تلك المنشآت الصغيرة تقضي بقاءها واستمرارها في السوق؛ فإن عليهم سرعة التجاوب، فمن الواضح أن وزارة العمل نذرت على نفسها نذراً لن يحلها منه سوى الوفاء به؛ لذا فالأغلب أن يبادر مُلاك المنشآت الصغيرة إلى تحقيق شرط السعودة في حدها الأدنى بموظف سعودي واحد على الأقل لتحظى تلك المنشآت بفرصة البقاء في السوق والخروج من النطاق الأحمر قبل أن يحكم عليها بالإغلاق والخروج من السوق بشكل نهائي.
إنشرها