Author

إيقاف تداول السهم ضرر يعم

|
يعتبر سوق الأسهم السعودي من الأسواق التي تفتقر إلى العمق في عدد الأسهم المدرجة فيه، وتنوع قطاعات الأعمال لتلك الشركات المتداولة خصوصاً حين ينظر إلى الاقتصاد السعودي كواحد من الاقتصادات العالمية المؤثرة، وذلك من واقع حجمه ومقدراته. وفي مسيرة السوق بتاريخيته منذ النشأة، تعرض لعدد من الأزمات والإخفاقات التي كانت ضحالة العمق في السوق أحد العوامل الرئيسة المسببة لتلك الانتكاسات التي شهدها. والعمق هنا يقصد به سواء عدد الشركات المطروحة وتنوعها في القطاعات المختلفة أو حجم الشركات ذاتها والأسهم الحرة التي يمكن تداولها. فالحكومة أو الصناديق الحكومية وما شابهها كانت وما زالت تمتلك نسبا كبيرة من أسهم الشركات خصوصاً المؤثرة في السوق، وحين تم إدراج وإضافة أسهم جديدة للسوق سواء شركات عائلية، أو شركات كانت قائمة، أو شركات جديدة جاءت بأحجام متباينة، لكن غالبيتها تعتبر شركات صغيرة الحجم بمقاييس الاقتصاد والقطاع الخاص بالذات. وبغض النظر عن علاوات الإصدار وما يدور ودار في فلكها وأساليب الطرح وخلافه، غير أن الأحجام للشركات والعمق في السوق كانا سبباً رئيساً نحو ميل السوق إلى النزعة المضاربية واستمرار هذا النهج في التداول، على الرغم من التعديلات والتحسينات التي عملت في هذا المجال بدلاً من الاستثمار الذي هو الهدف من وجود السوق في الأصل. وفي غمرة هذه الفورة نحو التسابق إلى إدراج شركات جديدة، دخلت إلى سوق الأسهم شركات ليست على درجة ولو معقولة من الكفاءة العملية، سواء في مواردها المالية أو البشرية وربحيتها، مما آل بها إلى إيقاف تداولها نظراً لخسائرها الكبيرة التي وصلت إلى تآكل نسب كبيرة من رأسمالها. ولا شك أننا لا ننتظر دوماً ضمان الربحية في الأعمال، لكن خسارة الشركات حين تتكرر وبنسب كبيرة يدل على أن مثل هذه الشركات لم تكن في الأصل أهلا للإدراج، بل مجالاً أرحب للتشجيع على المضاربة. إن السوق يجب أن يحمي المتداولين وذلك من خلال القيود والضوابط التي يفرضها حين تدرج الشركة ويتم تداولها، حيث إنه ليس من مصلحة السوق أن يكون فقط صارماً في إيقاف تداول شركة ما نظراً لخسارتها، بل إن الأصل من الواجب أن يكون في بداية الإدراج وليس بعده، حيث إن تحقيق الخسائر الكبيرة لشركة مدرجة ومن ثم إيقاف تداولها لا يعني إلا زيادة في عدم الثقة بالسوق لينتهي الأمر إلى تحوله إلى محرقة للأموال، بدلاً من كونه حقلاً تنبت فيه الاستثمارات وتترعرع.
إنشرها