Author

حرب الهلال والنصر بالوكالة

|
المشهد الأول: اختلف النصراويون مع بدر السعيد أمين عام لجنة المنشطات، في أحداث عدة، فهاجمه أنصار الأصفر من كل حدب وصوب، وصوبوا كل السهام تجاه لجنته ورئيسه وحسابه على "تويتر"، فاستقال الشاب الطموح لاحقا، وكأنه يأذن لبعض الهلاليين بدخول المعركة، فتوافدوا زرافات ووحدانا، يدافعون عنه ويتأسفون على مغادرة القدرة الشابة موقعه مجبرا لا مختارا. المشهد الثاني: احتج رئيس الهلال على تعديل جدولة الدوري، دافع عما يراه مسا لمصالح فريقه، ورد رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، بأن النظام لا يسمح بما يطالب به الرئيس الأزرق، فأخرج الهلاليون كل ما في كناناتهم وصوبوها تجاه عيد، ما تخيله بعض الأهلاويين والنصراويين نيلا من رجل منهم، فتسابقوا إلى ميدان المعركة يذودون عن أحمد عيد، رافعين شعار : "بالكلمات باللكمات بالقلم نفديك يا ريس". في المشهدين الأول والثاني، ليس معقولا أن يكون بدر السعيد والأمير عبد الرحمن بن مساعد على حق في نظر كل الهلاليين، إلا إن كانت عقولهم كلهم نسخة متطابقة من بعضها، وهذا مستحيل. وفي المشهدين نفسيهما ليس من المعقول أن يرى كل النصراويين أن السعيد على خطأ وأنه محاب تقوده الميول، وأن يرى الأهلاويون أن عيد على صواب ورئيس الهلال مخطئ إلا إن كان الأصفريون والأخضريون الكل على حدة رجلا واحدا وعقلا واحدا وثقافة واحدة. ما الذي دعا الهلاليين للدفاع عن السعيد رغم أنهم لا ناقة ولا جمل لهم في قضيته والنصر؟ وما الذي دعا الأهلاويين والنصراويين إلى الدفاع عن عيد رغم أنهم ليسوا شركاء في قضيته مع الهلال؟ لنحسن الظن ونقول إن أنصار الفرق الثلاثة يتفاعلون مع قضايا وسطهم الرياضي أيا كانت الأطراف، ولكن.. هل يعقل ألا يخرج رجل واحد من هؤلاء المتفاعلين يخالف السواد الأعظم من الهلاليين والنصراويين والأهلاويين؟ وهل يتلقى أنصار الأندية الثلاثة توجيهات خاصة تدفعهم إلى هذا المسار الواحد والمصير المشترك؟ دفاع الهلاليين عن السعيد وضعهم في موقع الريبة، وكأن الرجل مُسّ وهو في معسكرهم، وقوّى موقف النصر تجاه الشاب الذكي الطموح، وهبّة الأهلاويين والنصراويين على قلب رجل واحد للذود عن عيد وضعهم في موضع المستفيد وخلع على رئيس الاتحاد السعودي عباءة المعسكرين. أحمد عيد، وبدر السعيد طرفا القضيتين الأساسيتين، تحولا إلى متفرجين في حرب تُقاد بالوكالة، وأتخيل أن الرجلين مع مشاهدتهما للضربات المتبادلة بين المعسكرات الأخرى، يقلبان رأسيهما ذات اليمين والشمال ويصفقان الأكُفَّ ويقولان: يا جماعة اذكروا الله. بل تخيلتهما كعادل إمام في أحد أفلامه عندما ذهب لموعد غرامي ووجد نفسه وسط مظاهرة سياسية وتحقيق جاد يقول للعاشق النسونجي: ما علاقتك بالقاعدة؟ مؤكد أن في الهلال من لا يتفق مع توجه إدارته ضد اتحاد الكرة، وجزما هناك نصراويون لا يرون السعيد مخطئا، وأكيد أيضا أن بين الأهلاويين من يرى ما يراه الهلاليون، لكن قاعدة: عدو عدوي.. صديقي.، تنتصر على أي منطق في عالم الكرة المجنون. ما يحدث في الكرة وتقاطعات القضايا فيها، نموذج عن المجتمع الكبير، الذي يردد أغلبه الأدبيات الدينية والثقافية، فإن تعارضت ومصالحه دعس عليها بقدميه، يظهر هذا في نبذ شهادة الزور قولا، فإن كانت لمصلحة ابن العم، تحولت إلى فزعة مندوبة محمودة، ويظهر هذا في محاربة الفساد، فإن كان فيه (هبشة) محترمة فالله غفور رحيم، ويظهر هذا في الذود عن المعايير، فإن كانت ضدنا تم تحطيمها تحطيما.. تحطيما، وكل هذا هو السمة الغالبة لمخرجات التعليم التقليني الذي يقاد خريجوه ولا يقودون، فلا تؤجروا عقولكم لأحد، واعرفوا الرجال بالحق، ولا تعرفوا الحق بالرجال.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها