Author

من الأجمل .. السعودية أم اللبنانية؟

|
الجو برد .. برد .. برد .. أكتب مقالي من مقعدي الصغير في مطعم يطل على الروشة .. صخرة العشاق والكُتاب والمجانين .. صوت فيروز يطغى على المكان والزمان. على يساري شابان يتضح من لهجتهما أنهما من الرياض أو ما حولها .. يدور بينهما حديث هادئ قد يكون عن الاقتصاد ودخل المواطن السعودي. لا يهم، طالما أن المعلم يتمتع براتب شهري يتجاوز ما يحصل عليه المعلم في فنلندا، فنحن قد اقتحمنا العالم الأول. بدأت بقراءة أخبار الوطن على "الآيباد". في مستشفى الملك فهد العام في جدة 18 حالة عناية مكثفة لمواطنين في الانتظار منذ سبعة أيام، في وقت يشغل وافدون مجهولو هوية نحو 100 سرير. لماذا كل هذه المتطلبات والدلال أيها المواطن؟ حتى الوزير عندما ينام في المنتديات لا يحتاج إلى سرير. تدخل المطعم سيدة خليجية تدفع عربة طفلها بيد وتحمل حقيبتها الفيرساتشي بيدها الأخرى .. تجد صعوبة في مشيتها .. يهب أحد الشابين السعوديين نحوها .. لا .. لا يمكن أن يكون "الترقيم" قد وصل إلى بيروت. يا للهول! كنت مخطئاً .. أحد الشابين يحاول مساعدتها بدفع عربة طفلها، بينما يحاول الآخر إفساح الكرسي لها .. الشاب السعودي في أجمل صوره وأبهاها وليس كما تصوره بعض المسلسلات السعودية ساذجاً وسطحياً. عاد الشابان بهدوء لمكانهما والسيدة تتمتم عبارات الشكر الخجولة. أتابع قراءة أخبار البلد .. تفحيط الشهادات الوهمية في ازدياد .. من سيكون حارس مرمى المنتخب، العويشر أم المعيوف؟ خطاب الشيخ العودة .. سيول جازان .. انقلاب ناقلة غاز أخرى، هذه المرة في الثمامة .. يا ساتر! أمامي شاب وفتاة في مقتبل العمر .. هو يتحدث بلهفة وكأنه يحاول إقناعها بأمر ما .. تنصت هي ببرود "مغارة جعيتا" وكأن الأمر لا يعنيها من قريب أو بعيد. كم هي لعوب حواء في الانتقام من فريستها، وخاصة إذا كانت جميلة وهي تستخدم هذا "السلاح" لإخضاع العدو لشروطها .. لا أعلم لماذا تذكرت الآن محاولات أوباما الحثيثة لدفع الفلسطينيين والإسرائيليين للعودة للمفاوضات .. الشاب يريد العودة إلى الحدود القديمة .. والفتاة مصممة على الاستمرار في الاستيطان والتشبث برأيها. المزيد من الأخبار .. وزارة الشؤون الاجتماعية تعلن عن إنشاء موقع إلكتروني باسم "متعفف" يخصّص للمتعففين من الفقراء، حيث يتمكن الفقير المتعفف من تسجيل بياناته كاملة. الغريب أن الخبر لم يذكر أن هذا الفقير قد يحتاج إلى آيفون لمتابعة وتحديث بياناته. الطاولة على يميني تحتضن ثلاث زهرات بيروتية كالفراشات الملونة تحكي كل منهن معلقة ألف ليلة وليلة .. الأولى جمالها ملائكي حنطي .. كيف لا وهي ابنة "البحر الأسمر المتوسط"، الثانية تحاصرني عيونها بقسوة حصار طروادة، الثالثة يهطل شعرها الأسود على كتفيها كما يهطل الليل بدلال في بداية شهر إغريقي. ماذا ينقص المرأة السعودية؟ لدينا "الدعجاء" الذكية في نجد شديدة سواد العين مع سعة مقلتيها، و"بهنانة" الشرقية طيبة الفكر والروح، و"لدانة" تبوك سريعة البديهة الممشوقة الناعمة، و"هنانة" جدة اللبقة الدلوعة الضاحكة، و"مجدولة" الجنوب الرشيقة الصابرة. كفى.. كفى.. أريد لهذا المقال أن يُنشر. أعود لسؤالي، من الأجمل السعودية أم اللبنانية؟ كنت سأجيب، ولكن صوت فيروز يصدح: لا تسألوني من هو حبيبي.
إنشرها