Author

من رقّصَ رهبانَ الكنيسة؟

|
أهلا بكم في مقتطفات الجمعة رقم 470 *** * حافز الجمعة: إني قد لا أرغب فيما ترغب أنت، ولا تخبرني رجاء أن ما أرغبه أنا هو الخطأ! *** * في كل العلاقات المهمة شركاء الزواج، أو العمل، أو حتى الأبناء، يجب ألا تملي الرأي تعسفيا، لأنك هنا ستفقد عنصرين مهمين جدا: الفرصة للفهم والاقتناع، ومسح ذات من تخاطبه بتعصبك لرأيك ونفيك لرأيه، وسيضمر لك مهما كانت قوة العلاقة شعورا مريرا في قلبه، أحيانا تصل لحد الكره. إن الإملاء المتعسف لا عذر له، فقد يأتي من يرى رأيا دينيا يفرضه عليك بالقوة فتكون النتيجة عكسية، لأن الدين معاملة والدين سماحة تواصل، وأن معظم من آمنوا برسالة نبينا العظيم إنما لنبل أخلاقة وندرة صفاته؛ فكان الحب والإعجاب به طريقا مفتوحا لاعتناق الإسلام. وكذلك الحكومات السلطوية التي تملي رأيها بأنه الحقيقة والحق ولا يجوز لأي أحد أي ينبس ببنت شفة اعتراضا، فيتولد عنها شعب غير راض، ثم يتفاقم عدم الرضا إلى ما لا تحمد عقباه. العبرة: رأي الإنسان وفكره مربوطان عضويا بكرامة وجوده .. فلا تبالغ في تحدّي هذا الوجود! *** * شخصية العدد: كثير من الموظفين الكبار تنقصهم القناعة برأي الآخرين، فتتعثر مشاريع اجتماعية وعلمية وتطويرية، لأنهم يعتقدون أن ما لا يأتي منهم أو من وزاراتهم وإداراتهم لا يمكن أن يرقى كي يكون برنامجا صالحا على مستوى الأمة. فاستغرقنا في الفكر الأحادي المكبل بالنص واعتبارات الوظيفة حتى غرقنا. الحقيقة المنطقية تقول عندما تتقبل نقاش الأفكار من خارج عقلك أو خارج منشأتك أو خارج نصوص إجراءاتك، يتسع عقلك، وتقوى منشأتك، وتنبض الروحُ في نصوص إجراءاتك. الدكتور خالد بن عبد الله السبتي نائب وزير التعليم رجل نابغة في أبحاث الحاسوب، بل له براءات اختراع. تبوأ مسؤولا عن أكبر دار تقنية إبداعية في البلاد قبل منصبه الأخير - مع تحفظي على تحميل العلماء عملا إداريا صرفا - الدكتور خالد السبتي بعقله الإبداعي وتطور آلياته الذهنية لم تحبسه الوظيفة ولم تقولبه ولم تُجْهِزْ على مرونته العقلية الفائقة، ولم تفسد أنملة ممّا نعرفه عنه تواضعا وتهذيبا وابتسامة جاذبة لا تختفي عن محياه. لم تفهم بعض مؤسسات المجتمع ولا مؤسسات رسمية مرضا يعيث تخريبا في عقول وسلوك أكثر من 15 في المائة من أبنائنا، عدم ملاحظته ينتج لنا جيلاً كاملاً ميّالا للجريمة، وإن تمت ملاحظته ونتحكم فيه يخرج جيل من الصالحين والعاملين على الإصلاح .. أقصد مرض ''فرط الحركة وتشتت الانتباه''. كان حلم الدكتورة سعاد يماني رئيسة جمعية فرط الحركة ''أفتا'' من سنوات الالتحام بمشروع واحد مع وزارة التعليم .. وتحقق المشروع ووُقِّعَت اتفاقية التعاون المشترك كخطوة كبيرة لخدمة أجيال لا نعرف عنها الكثير، بفضل عقليةٍ قررت أن تستقبل أفكارا من خارج قلاعها المنيعة. الدكتور خالد السبتي: إن أمّتَك تفخر بك. *** * عالم الفيزياء العجيب: بنجامين فرانكلين من أعجب رجال التاريخ الأمريكي، هو من الآباء المؤسسين وشارك في إعداد أول دستور للولايات المتحدة. كان مولعا بتطيير الطائرات الورقية تماما كالأطفال. لكن لا، كان شغوفا بعلم الفيزياء، وتجاربه تعتمد على العرض الإدهاشي وكأنه ممثلٌ تيّاهٌ على مسرح، فقد كان يطيّر طائرتَه الورقية وسط عاصفة كهربائية (أي برقية) ليثبت أن البرقَ ليس نورا ولكنه كهرباء. هه.. ومع ذلك وجد الوقت ليخترع أنبوبة قسطرة الجهاز البولي! دعوني أخبركم عن رجل الكهنوت اللطيف والعالم الفيزيائي الفرنسي جان - انتوان نوليه. هذا الرجل مولع بجعل الناس يتقافزون، لما طلب منه الملك لوي الخامس عشر (درج استعمال اسم ''لويس'' لملوك فرنسا، والحقيقة أن ''لويس'' هو النطق الإنجليزي حيث يلفظ حرف ''إس''، وبينما يبقى صامتا في اللغة الفرنسية فينطق ''لوي'') أن يقدم عرضا - فهو مثل فرانكلين يحب أن يجعل التجربة العلمية مشاهدة استعراضية وضاحكة أحيانا، فوضع سلكا خفيفا من أول صف الجنود المنتظمين وطرفا في النهاية ووضع كل النهايتين ببرطمان ليكون أول نسخة من المكثف الكهربائي Capacitor، أما الذي أضحك الإمبراطور وحاشيته فلأن الجنودَ بدأوا يتراقصون بلا انتظام بمنظر مثير للضحك. إن الكاهن ''نوليه'' لم تتقبل آراءه الكنيسة، أي فكرة لا تأتي منها خصوصا لأحد رهبانها تعتبر باطلا وكفرا. ماذا عمل صاحبنا المرح، في مجلس الراحة الكهنوتية (يعني.. مستراح!) مد خطا على بعد ميل ممررا سلكا حديديا متعدد الأوصال، كل وصلة بطول 25 قدما موضوعة أطرافها ببرطمانات ''يسمونه برطمان لندل'' Leyden Jar فهو يريد قياس مدة وسرعة وصول التيار الكهربي للجسد البشري. الكهان المحترمون، ويا غافل لك الله، فجأة بدأوا رغم سمْتهم المتكلَّف يرقصون رغما عنهم .. وهي طريقة ''نوليه'' بالاستعراض المضحك لإثبات نظرية علمية. تلك التجربة كانت الأصل لأحد أعظم اختراعات البشرية .. التلغراف!
إنشرها