Author

أحبها.. لا ما أحبها.. أحبها.. لا ما أحبها

|
تلحّ سميرة النظاري، وهي كما تقول مجازة في الأدب المقارن الفرنسي والعربي، وتعمل في مدينة دبا آخر طرف الخليج الجنوبي في الإمارات، بهذا السؤال: حول مقالك عن مي، أظن أن الرافعي أحب مي زيادة ولكن هل فعلاً أحبّها العقاد؟! الحقيقة في ذاك المقال على ما أذكر، ذكرت ''أنه لم يعد سرا أن الرافعي تعلق بمي تعلقا جمّاً'' ولم أذكر العقاد. والعقاد لم يعترف صراحة بأنه أحبَّ مي، ولكن يظن أنه تعلق بها، ولكن بطريقته التي بها أنفة وكبرياء نفس وشمم عقل .. ويقال إنه تولع أيضا بمديحة يسري الفنانة المصرية السينمائية القديمة، وهامت هي به حبا، ثم ''أمرها'' بترك الفن .. ورفضت. فطلب من صديق رسام له أن يرسم له وجه امرأة وعليه كثير من الذباب، وهي ما يتخيله العقاد عن الفنانات بتكالب الفاسدين عليها. وبقيت اللوحة معلقة لعقود حتى مات العقاد ولم يدخل بعدها في أي علاقة نسائية على الإطلاق، بل ربما كان في داخل أعماقه نوع من الازدراء! دعوني أبدأ بالرافعي، كيف أحبها. كان يحرص على أن يأتي بالقطار كل ثلاثاء بعد عمله مباشرة مغبرا معفوسا، وأقنعه المازني المكار بأن يضع وردة حديقة عادية على بدلته لتبدو أناقته وتزهو وسامته وهو عنهما بعيد، ولكن حب مي دوّخه، وكان يتحمّل كل الناس إلا الأنيق ابن الذوات إسماعيل صبري باشا، الذي طار له بيتان من الشعر لما تخلف يوما عن صالون مي، فكتب: روحي على بعضِ دورِ الحيّ حائمة كظامئ الطيرِ توَّاقا إلـــــى المـــــاء إن لم أمتّع بمـــــــــيٍّ ناظـــــرَيَّ غـــداً أنكرتُ صبحَكَ يا يـــــوم الثلاثــــاء نعم أحبها الرافعي حبا جما، وقد خصص كتبا من أجل هذا الحب فقط يصف فيها حاله وخبره بعد فراقهما، أول هذه الكتب ''كتاب الأحزان''، ثم ''السحاب الأحمر''، وثالثها ''أوراق الورد''. وقال في كتابه الأخير: تاللهِ لو حددوا للبدرِ تسميـــــــــةً لأُعطِيَ اسمك يا من يعشق المثـــلُ كلاهما الحسن فتاناً بصــــــــــورته وزِدتِ أنكِ أنتِ الحُبُّ والغــــــــــــزَلُ أما العقاد، يا سميرة، فسأتركك أنت والأحباب تحكمون، فقد كان رجلا سريع الغضب قوي الاعتزاز بنفسه، وأرتجف منه أنا حتى الآن. رأى العقاد مي تبكي (طبعا لم يكن يعلم أنه من قهر جبران لها الذي أطار عقلها وقلبها فوق كل من تحلق حولها من الأكابر) فكتب لها هذه الأبيات: تبكين! والهَف الفؤاد يذيبــــــــــه ذاك الحنيـــــــنُ فـــــــي خدّيـــــــكِ أيراكِ باكية وأنتِ ضيـــــــــــــــاؤه ونعيـــــم عيــشي كله بيديــــــــــــكِ وعزيزةٌ تلك الدموع فليتــها يقنو قطيرتـــــــها نظِيم سكيــــــــــــــــــكِ لملأت ثمّ يدي بأكرم جوهــــــــــر من عطف قلبك فاض من عينيـــكِ لا، اصبري، انظري الأبيات الآتية، العقاد يقول ''بعد أن ولد الحبُّ بينه وبين مي''! وُلد الحبُّ لنا.عاش الوليد! وحماه الله من كيد الحسود وبدا في مهدِهِ بل عرشه ضاحكا يأمر فينا ويسود (ميُّ) ما نرضعه؟ نرضعه بأفاويق حياةٍ لا تبيد أظن بعد هذه القصيدة ستخرجين يا سميرة بنفسك، وسيخرج القراء بأنفسهم بشيء حول: هل العقاد وقع في غرام مي أم لا؟
إنشرها