Author

خريطة طريق لإصلاح استراحات الطرق

|
''كانت أول مرة سافرت فيها بين مدن المملكة عن طريق السيارة قبل عشر سنوات وكانت الأخيرة''، ذلك ما قاله لي صديقي غير السعودي خلال نقاشنا حول البنية الأساسية للطرق في المملكة. لماذا كانت الرحلة الأولى هي الأخيرة؟ يقول: احتاجت زوجتي إلى استخدام دورة المياه للحاجة البيولوجية الإنسانية، لكنها خرجت فزعة مما شاهدته- بدون خوض في التفاصيل، يتابع: مررنا بعدها على خمس استراحات ملحقة بمحطات الوقود لم تكن أي منها صالحة للاستخدام الآدمي! مع الأسف - وحسب علمي وتجربتي الشخصية فإن الحالة التي واجهها الصديق وزوجته ما زالت كما هي إن لم تكن قد زادت سوءاً. كتبت أكثر من مرة وكتب غيري من الزملاء حول استراحات الطرق ومحطاتها التي تسيء للسعودي فرداً ومجتمعاً وحكومة، وكأننا ننفخ في قربة مشقوقة! لماذا هذه المحطات لا تهتم باستراحات الطرق خاصة دورات المياه والمسجد؟ في رأيي أن الأسباب لا تخرج عن واحد أو أكثر مما يلي: - ضعف ثقافة ملاك وإدارة المحطة تجاه المستفيدين من خدمات المحطة. - التركيز على الكسب المادي من دون أي مراعاة لجودة الخدمات. - التستر التجاري في المحطة، بحيث يهتم المشغل المتستر بالعوائد المالية ولا يهتم بأي أمر آخر بما في ذلك البعد الديني، وسمعة الوطن. - عدم وجود مواصفات محددة بمستوى عال للمحطات ومرافقها من قبل الجهات المسؤولة. - عدم اهتمام المسؤولين والجهات الحكومية بهذه الاستراحات. - عدم مطالبة ومراقبة محطات الطرق فيما يخص نظافة وتشغيل الاستراحات ودورات المياه، من قبل الجهات المرخصة. - عدم وجود حوافز حكومية بشقيها السلبي والإيجابي للمحطات، فيما يتصل بتقييم استراحات الطرق فيها. - تملك المحطات من قبل أفراد أو مؤسسات ذات خبرة متواضعة في إدارة استراحات الطرق. - ثقافة بعض المستخدمين لهذه الاستراحات، التي لا تهتم بالنظافة، ولا بترك المكان نظيفاً كما كان. - ابتعاد شركات البترول عن نشاط محطات الطرق، وهي الممارسة التي تقوم بها كل شركات البترول الوطنية في بلادها. وبعيداً عن الشكوى والتنظير الذي لا طائل من ورائه، أضع هنا بين أيدي المسؤولين، مقترحاً لخريطة طريق أراها بداية مناسبة لتصحيح أوضاع محطات الطرق التي شوهت سمعتنا بين ظهرانينا. فيما يلي أبرز نقاط هذه الخريطة: 1 ـ أن يقوم المسؤولون بزيارة غير معلنة لمحطات عشوائية على الطرق، ومعاينتهم للواقع كما هو، وأخص تعييناً المسؤول الأول عن وزارة النقل، هيئة السياحة، وزارة الشوؤن الإسلامية، وزارة البلديات وسأسعد لو قاموا باستخدام مرافقها لتتكامل التجربة. 2 - وضع مواصفات واضحة وتفصيلية لمحطات الطرق القياسية النموذجية (بحيث تشمل: محطة الوقود، الزيوت والتشحيم، البنشر، البقالة، المطاعم والمقاهي، المحال، المسجد، دورات المياه، الفندق)، ويشمل هذا التوصيف الإنشاء والتشغيل. 3 - وضع تصنيف لاستراحات الطرق. 4 - إيقاف التراخيص الجديدة لمحطات الطرق تماما. 5 - تأسيس شركة الوقود الوطنية، برأسمال يتم تحديده، تمتلك الحكومة 70 في المائة منها والباقي يطرح للمواطنين. 6 - تأسيس الجهة الرقابية للمحطات، وتزويدها بالموارد اللازمة، لتفعيل الرقابة التقنية والميدانية على المحطات المستهدفة. 7 - إمهال محطات الطرق الحالية ثلاث سنوات لتصحيح أوضاعها، وتعديل المحطات الحالية لتطابق المواصفات القياسية النموذجية. 8 - إعطاء محطات الطرق الحالية الفرصة البديلة للاندماج وتأسيس شركات موحدة للوقود، تسهيلاً للتصحيح والمطابقة مستقبلاً، والترتيب مع الغرف التجارية للدعم في هذا الاتجاه. 9 - سحب تراخيص المحطات غير المطابقة للمواصفات بعد مرور المهلة المحددة. 10 - تُعطَى جميع التراخيص لمحطات الطرق الجديدة للشركة الجديدة، والشركات القائمة التي تنجح في تحويل جميع محطاتها القائمة وفقاً للمواصفات القياسية. 11 - التقييم الدوري للمحطات القائمة والجديدة. 12 - التطبيق الصارم والمتابعة المستمرة للتصحيح والتحفيز والعقاب. 13 - تفعيل برامج التوعية المستمرة على الطرق السريعة، بأهمية النظافة وثقافة أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك في دورات مياه الطرق. عند الحديث عن محطات الطرق لا يسعني تفويت الإشادة بتجربتين: الأولى: وهي لشركة ساسكو التي وكأنها بعثت من جديد لتعيد صناعة ثقافة محطات الطرق، لتكون أنموذجاً للمحطات الأخرى وللجهات الحكومية التي تريد صياغة مواصفات قياسية لهذه المحطات، فشكراً لمهندسها الأنيق رياض المالك. الأخرى: وهي لمؤسسة الموسى الخيرية التي أعدت مشروعاً مخصصاً لتصميم استراحات الطرق (دورات المياه والمسجد)، وشرعت في تنفيذه في إحدى محطات الطرق قريباً من الرياض كنموذج أولي، شمل مجموعة من الإبداعات وبراءات الاختراع في تصميم دورات المياه، ولعله يرى النور خلال الأيام القريبة، فتحية تقدير وإجلال لقائدها المبدع سلطان الدويش.
إنشرها