Author

«ولآمرنَّهم فليُغيِّرُنَّ خَلق الله»

|
تابعتُ صبيحة اليوم برنامجاً حوارياً عن حقوق المثليين ومغيري الجنس. الحوار يصيب المشاهد المؤمن بالله وبقوانينه في الخلق بالغثيان. أخطأت القناة في تبني مفهوم هؤلاء على أنهم أصحاب حق طبيعي حرمتهم منه الثقافات ''المتخلفة'' أي المتدينة. كل المشاركين ''ات'' لأني لا أعلم من أي جنس هم أصلاً، كانوا من أصحاب هذا المفهوم الأعوج الخبيث. كان الجميع ينظرون إلى أوروبا وأمريكا باعتبارها الدول المتقدمة في المجال التي تحمي حقوق هذه النوعيات التي من الصعب أن أصفها بالإنسانية. لكن البعض كانوا يعتقدون أن آسيا أكثر ''تقدماً'' من الولايات المتحدة في ''حماية'' حقوق اللوطيين والسحاقيات ومغيري الجنس. طبعاً تغيير الجنس هنا المقصود به التغيير لقناعة وليس لإشكالية خَلقية. صوَّر البرنامج الدول التي تسمح بمثل هذا ''الخزي'' بأنها الدول العادلة، والدول الأخرى بأنها ظالمة، وأن هذه النوعية من البشر تواجه الصعوبات بسبب ''العصابات المتدينة'' التي ترفض وجود هؤلاء بينها. نصحت إحدى المشاركات في الحلقة من يريدون الحقوق لأنفسهم بأن ''يناضلوا'' ويخرجوا إلى الشارع للمطالبة بحقوق قانونية مثل حق الزواج. صدمني أن رأيت مقطعاً يمتدح أول زواج بوذي بين امرأتين. ذلك أنني كنت أظن الحضارات الشرقية أكثر محافظة على الأخلاق والقيم. لكنها الانهزامية التي طالت كل دول العالم، حتى الأمم المتحدة صارت تدعم وجود مثل هذه المفاهيم الفاسدة وانتشارها بين الناس. لكن الأسوأ الذي رأيته في تقرير عن زواج النساء بالنساء والرجال بالرجال كان مطالبة إحدى ''القسيسات المسيحيات'' بأن تمنح الحق بالزواج من صديقتها. بررت هذه المرأة ''المجنونة'' المفهوم بأنه لا يعني أن تكون هناك علاقة ''جنسية'' بين الزوجين إنما التزام طول الحياة بالبقاء معاً. قلت فتلك ما نسميها الصداقة، أما الزواج فهو أمر شرعه الله لغرض مختلف تماماً عن الفكرة التي تحاولين إقناع الناس بها. يمر الإنسان بالكثير من التجارب التي تجعله يفقد الكثير من اتزانه وقدرته على تفسير الأمور. عشت في الولايات المتحدة أوائل الثمانينيات من القرن الماضي. كان ''للمثليين'' حقوق عندها، لكن الدولة والمجتمع كانوا يضيقون عليهم، حيث لهم أماكن تجمعهم الخاصة، ولا يستطيعون أن يمارسوا سلوكيات التودد والغزل في الأماكن العامة، لكن الحال اختلفت اليوم لدرجة أن الدولة تسمح لهم بأن يتواجدوا في كل مكان، ويمارسوا ما يشاءون من سلوكيات بعيدة عن الأخلاق والفضيلة. الغريب أن اللوثة أصابت القوات المسلحة الأمريكية التي كانت تفتخر بانضباطها السلوكي، فأصدر وزير الدفاع قراراً بأنه يسمح لكل من شاء ممارسة ما يشاء من السلوكيات مع من يشاء. كما صدر أمر واضح بمنع القادة من سؤال الأفراد والضباط عن توجهاتهم الجنسية في قانون سمي ''لا تسأل ولا تجب'' Don't Ask, Don't Teel فإلى أين يمضي العالم؟ تجيب مقدمة البرنامج بأن العالم لا بد أن يسمح لكل من يشاء أن يعيش حياته كيفما شاء. لكن هذا المفهوم مرفوض؛ لأن أكثر ما نشر مثل هذه السلوكيات وسبب التحولات الغريبة في المجتمعات الغربية والشرقية هو عدم قدرة الأقران على التصريح بمشاعرهم للجنس الآخر. فالبنات أكثر قرباً من بعضهن، والشباب كذلك في أغلبية مجتمعات العالم، وهذا يولد الثقة بين من ينتمون للجنس نفسه في مراحل العمر المبكرة، وقد يؤدي إلى التقارب الذي يصل لدرجة الحرمة إن لم يثقف المجتمع بحرمته، وسوء عاقبته على الشخص والمجتمع. هذه المخاطر تعتبر جزءاً من المحاذير التي يجب أن نتنبه إليها في مجتمعنا السعودي لأسباب عدة: - فمثل ما يحدث بين المنتمين والمنتميات للجنس نفسه في الغرب، يحدث لدينا، إنما بشكل أكبر بسبب الفصل بينهم في مراحل الدراسة، وهي المرحلة التي تتكون فيها أجزاء مهمة من مكونات الشخصية. فوجود الطلبة مع بعضهم في هذه المراحل العمرية وعدم توعيتهم بالأخطاء والمخاطر التي يمكن أن تتكون بسبب تحول العلاقات من الصداقة إلى أمور أعمق هو من الإشكاليات الخطيرة على النشء. يتجلى هذا بصورة أكبر في المرحلة المتوسطة، وهي أخطر المراحل. - يواجه الأبناء والبنات في مجتمعات اليوم انفتاح وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، هذا الانفتاح يمكن أن يؤثر في الأبناء والبنات إن لم تكن هناك مراقبة دقيقة ولصيقة وتوجيه وتوعية دينية بمخاطر وآثام السلوكيات الفاسدة التي تؤثر في حياة الإنسان. - كما يؤثر بعد الوالدين والانشغال بأمور خارج المنزل، والقسوة التي يمارسها بعض أولياء الأمور في التعامل، لبحث الأبناء والبنات عمن يتفهم مشاكلهم ويساعدهم على حلها، وهذا قد يؤدي إلى التمادي في الإعجاب بالشخصيات المعنية، وهو مدخل لتغيير المفاهيم والسلوكيات. - يضاف إلى هذا ضعف الثقافة الدينية، وعدم ترسيخها لدى الأبناء كقناعات ومسلمات أمر بها الباري جلت قدرته بطريقة مقنعة يتقبلها النشء. هذه الثقافة التي تطول كل نواحي الحياة وليس العبادات فقط - التي يركز عليها بعض الآباء والأمهات في تربية الأبناء. وهو يستدعي وجود جلسات أسرية تناقش فيها كل الإشكالات التي تواجه الأبناء ورؤية الدين حيالها. - الفراغ هو أكبر المشاكل التي يواجهها النشء اليوم. عدم وجود تنظيم في المدرسة والمنزل يسهم في شغل الفراغ بما هو مفيد ومسل للفرد والمجتمع، هو أحد مسببات التوجه نحو تكوين علاقات غير قويمة. يمكن أن تبدأ وزارة التربية والتعليم برنامجا بحثيا يعزز دور المدرسة في تبني هوايات، والمشاركة في أنشطة مفيدة تشغل الوقت وتنمي المهارات وتضيف قيمة لقدرات ومواهب الناشئة. إن مشاهدة مثل هذه البرامج وتبني وسائل الإعلام المفاهيم المنافية للخلق القويم والدين الحنيف تؤدي إلى التأثير في المجتمع ونشر السلوكيات المحرمة، التي بسببها دمر الله أمماً غيرت خلق الله، ورفضت قانون الله الذي فرضه في أرضه وألزم به خلقه. فحذار أيها الإعلاميون.
إنشرها