Author

الصناعة أم العقار؟

|
سأبدأ اليوم بما تردده زوجتي دائما (وش لك بالصناعة خلك بالعقار أريح وأربح لك)، هذا إضافة إلى ما يكرره دائما أخي عبد الله محمد الزامل عضو مجلس إدارة ''غرفة الشرقية'' مستندا إلى أرقام واقعية أن العائد الاستثماري على مدى 30 عاما مضت للقطاع العقاري أفضل من القطاع الصناعي، مع أن العديد من دول العالم يكون لديها عكس ذلك، حيث أثبت القطاع الصناعي لديها أنه القطاع الحيوي الذي يحقق التنمية المتوازنة، ويخلق الوظائف بديمومة، ويوفر استخدام العملة الأجنبية من ناحيتي الاستيراد والتصدير، ما يدعم الوضع النقدي في أي بلد كان. نحن هنا لم نغفل هذا الجانب، بل على العكس هناك اهتمام متواصل بالقطاع الصناعي، لكن بخطى متثاقلة وبطيئة مقارنة بالدول الأخرى، على الرغم من امتلاكنا الإمكانات ودعم القيادة الرشيدة لذلك، فخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -أطال الله في عمره- أكد أن الصناعة خيارنا الاستراتيجي، ووجه بتذليل كل الصعوبات التي تواجهها.. وفي الوقت الراهن نشاهد خططنا الخمسية تكرر دائما العمل على تنويع الدخل القومي كأساس للنمو الاقتصادي، لكننا -مع الأسف- ما زال النفط حتى يومنا هذا يمثل نسبة كبيرة جدا من دخلنا القومي، في ظل متغيرات عالمية متسارعة في الصناعة، حيث إن التطوير أو الاهتمام لا يأتي فقط من خلال وضع الخطط والاستراتيجيات، إنما من خلال التطبيق الفعلي لهذه الاستراتيجيات كي نرى نتائجها على أرض الواقع، ولن يتم ذلك إلا بزيادة الاهتمام بالصناعة، وإحداث تحول هيكلي في القطاع الصناعي، ورفع نسبة الصادرات الصناعية، وبالتالي تحقيق ما يؤكده دائما خادم الحرمين الشريفين في أكثر من مقام، من منطلق رؤيته المستقبلية الحكيمة، على أن خيارنا الأول في تحقيق تنمية مستدامة واقتصاد متين ومستمر، هو الصناعة وتوطينها، حيث بذل جهودا جبارة في هذا المجال، وقدم دعما كبيرا ومستمرا سواء كان ماديا أو معنويا.. ولن يبقى على الجهات التي تقبع الصناعة تحت مظلتها إلا تفعيل هذا الدعم على أرض الواقع، ومنه على سبيل المثال تطبيق الاستراتيجية الصناعية بجميع أركانها وتوفير الدعم المادي لها، خصوصا بعد إثباتها نظريا من خلال بنودها وآلياتها، على تغطيتها جميع الجوانب الصناعية، وبالتالي تحقيق أحد أهدافها المتمثل في زيادة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي. من وجهة نظري أن الصناعة ليست سرعة إصدار التراخيص الصناعية أو زيادة الرسوم بأشكال مختلفة ومن دون سابق إنذار التي عادة تبنى على دراسات ضمن معطيات معينة، بل هي أهداف تحقق طموح القطاع ضمن جدول زمني معين يراعى فيه ما وصل إليه الآخرون في الدول المتقدمة، حيث يتطلب ذلك أن نعمل بكل جد على تعظيم الاستفادة من المجال الصناعي، وجعل صناعاتنا منافسة عالمية في جميع المجالات وعدم احتكار منافستها على مجالات محدودة، إضافة إلى ضرورة زيادة الاهتمام بتنمية الإبداع والابتكار باعتباره ركيزة أساسية في التنمية الصناعية، حتى نستطيع تحقيق الصناعة المستدامة، وذلك لما للصناعة من أهمية بالغة، ليس من منطلق ما تدخل فيه من متطلبات الحياة اليومية وحسب، إنما من منطلق دعم الاقتصاد وقيامه ورقيه، فلا يمكن لأي دولة أن تكون ذات اقتصاد قوي دون صناعة وإن اختلفت مجالاتها، فهي تعد الخيار الوحيد لنا، ومن الأولى تطويرها ودعمها، وزيادة الاهتمام بها، إذ لن يتحقق ذلك بشكل كامل دون وجود جهة خاصة بالصناعة، التي من المفترض أن وزارة التجارة والصناعة تعتبر المرجعية الأولى والأخيرة لها، لكن نرى تداخلات جهات عديدة في هذا القطاع كوزارة البترول والثروة المعدنية، هيئة تنظيم الكهرباء، الهيئة الملكية للجبيل وينبع، وزارة العمل، إمارات المناطق، هيئة الأرصاد والبيئة ووووووو هل أزيد؟ ما يعمل بدوره على ضياع الجهود وتشعب الصلاحيات وبالتالي ضعف التقدم الصناعي وتحقيق الأهداف المرجوة، ولحل هذه المعضلة لا بد من وضع مرجعية خاصة للصناعة تعنى بشؤونها من جميع الجوانب ولا يكون لأي جهة تداخلات في ذلك، كي نحقق أحد أهدافنا المتمثل في زيادة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي.. رفقا بالصناعيين ووحدوا مرجعيتهم تحت أي اسم، المهم أن تقنعوهم بالاستثمار في الصناعة بدلا من العقار.
إنشرها