Author

نسب التحليل المالي .. زوايا أخرى

|
نسب التحليل المالي عبارة عن مجموعة من الأدوات الكمية الي تستخدم لتحليل المعلومات المالية، حتى يحوز صانع القرار فهما أكبر، وبالتالي يتمكن من صنع قرار جيد. في هذا المقال، سأقدم لها بإيجاز وسأبين بعض جوانب استخدام النسب المالية للمنشآت الصغيرة وللأشخاص – نعم، للتخطيط المالي الشخصي - وما قد يستخدم عموماً كبدائل للنسب المالية. تُعد القوائم المالية المصدر التقليدي الرئيس للمعلومات المستخدمة في نسب التحليل المالي، إضافةً إلى بعض المصادر الأخرى، كمعلومات السوق مثلاً. يتم النظر في بنود القوائم المالية المتعددة وتحليل علاقاتها باستخدام معادلات رياضية بسيطة. نتيجة هذا التحليل عبارة عن مؤشرات تقودنا إلى فهم أفضل وذي علاقة واضحة بقراراتنا. هذا ما يحدث مثلاً عندما نستخدم إجمالي الأصول وصافي الأرباح للحصول على معدل العائد على الأصول، فهو يشير إلى جودتها الربحية وقد يؤثر في قرار الاحتفاظ بها أو شراء المزيد منها. تدخل في هذه المعلومات المالية عوامل التقدير والتنبؤ وهوامش الخطأ والنقل. لذا يجب الحرص على أن تكون المعلومات المالية التي نحاول استخدامها لتمثيل الواقع الاقتصادي بوسائل كمية ونوعية أفضل الموجود، ذات جودة معقولة، ومعدل خطأ متدن، ومن مصدر موثوق يمكن الاعتماد عليه. جودة المعلومات هي دائماً مسألة نسبية لاستحالة الحصول على معلومات تعكس الحقيقة المطلقة. النسب المالية متعددة ومتنوعة – وهي ليست كثيرة جداً - لكن لاختيار ما يناسب احتياجنا منها، يجب أولاً أن نحدد طبيعة قراراتنا. من يريد الاستثمار الطويل الأجل يختلف عمن يريد الإقراض، ومن يريد الإقراض يختلف كذلك عمن يورد البضائع ويريد التأكد من تسلم مستحقاته. تهتم كذلك إدارة المنشأة باعتبارات أكثر توسعاً كالمراقبة المالية للدورة التشغيلية وغير ذلك. لذا، قُسّمَت النسب المالية إلى مجموعات تعالج: السيولة والربحية والملاءة والكفاءة، سواء على المدى القصير أو الطويل. بعد تحديد طبيعة القرار الذي نريد صنعه، وبعد التأكد من وجود المعلومات الملائمة وتحديد أنواع النسب التي تساعدنا، تبقى خطوة واحدة، وهي تعديل المعلومات المالية، إن دعت الحاجة. المعلومات الموجودة في القوائم المالية هي معلومات ذات أغراض عامة موجهة إلى أنواع غير محددة من المستفيدين. لذا، قد يكون من المناسب أحيانا تعديل هذه المعلومات قبل استخدامها، وهذا يحدث كثيرا في التحليل المالي الدقيق (كتقييم الشركات)، وكذلك في التحليل المالي المتخصص (قطاع أو فرع معين). لو كان إجمالي الأصول مثلاً يضم مجموعة أصول لا تخدم القرار الذي نهدف إلى صنعه، سنجد أنه من الأفضل أن يتم استبعاد هذه المجموعة قبل احتساب نسبة العائد على الأصول. في بعض الحالات، قد لا يوفر نموذج العمل معلومات مالية كافية تُمكّن صانع القرار من الاستفادة من النسب المالية، وفي هذه الحالة يجب البحث عن البدائل. من هذه البدائل المعلومات المالية النوعية (يجب أخذها في الحسبان في كل الأحوال)، وكذلك المعلومات غير المالية التي قد ترافق القوائم المالية، أو قد تتوافر من مصادر أخرى. في النهاية وبناءً على طبيعة العمل، يجب إيجاد إطار ومجموعة كافية من العناصر تمكن صاحب القرار من استخدام حدسه وخبرته الشخصية لصنع قراره بموضوعية كافية. في المنشآت الصغيرة تصبح الصورة أبسط نوعاً ما، فالقرارات التي يتم تداولها هنا محدودة ومباشرة. لكن هذا لا يعني أن استخدام النسب المالية في المنشآت الصغيرة أكثر فاعلية، وذلك لأن المعلومات المالية المتوافرة تكون أقل في التنوع والتفاصيل وهذا يقلل من كفاءة المؤشرات والمعلومات التي قد تنتج. إضافة إلى ذلك يصعب مقارنة النسب المالية في المنشآت الصغيرة بمثيلاتها من المنشآت الأخرى، وذلك لقلة ما يُفصَح عنه في هذا القطاع، علماً بأن المقارنات من أهم الوسائل التي تكمل معنى النسب وتحقق فائدتها. من أهم النسب التي تستخدم للمنشآت الصغيرة: نسبة السداد السريع، هامش الربح، صافي الربح، دوران المدينين، وكذلك نسبة الربح لمؤشرات غير معتادة كمساحة الموقع أو عدد الموظفين. لا تختلف النظرية كثيراً عند الاستخدام الشخصي وهي من الناحية التطبيقية أبسط بكثير، لكن مصدر المعلومات يصبح مختلفاً وأكثر تنوعاً، بناءً على الحالة والاستخدام. ما يستحق الذكر هو أن الاستخدام الشخصي لبعض نسب التحليل المالي يؤثر بشدة في قرارات التمويل والادخار والاستهلاك الفردي والأسري للأموال، ومع ذلك نجد القليل ممن يهتم بها. الشرط الوحيد هنا هو صنع سجلات ذات دقة معقولة لبنود الدخل والمصاريف الأسرية والاحتفاظ ببيانات التمويل المقدمة من المصارف وعوائد صناديق الادخار. من النسب المهمة للاستخدام الشخصي: معدل الادخار (وهو نسبة الفائض النقدي إلى إجمالي الدخل الشهري، يوصى بأن تكون 10 - 20 في المائة) ونسبة القروض الاستهلاكية، ونسبة تكلفة السكن إلى إجمالي الدخل التي يجب ألا تتجاوز ثلث الدخل. تمثل نسب التحليل المالي محطة مهمة في دورة صنع واستهلاك المعلومة المالية، وهي أداة تستحق الوعي والإدراك والتعاطي الجيد، سواءً ممن يقوم بإعدادها أو قراءتها. ولا ننسى أن النسب المالية قاصرة في بعض الجوانب، ولا يمكن الاعتماد عليها بطريقة مطلقة، فهي في حاجة إلى دعم المقارنات وبعض الوسائل الفنية الأخرى، خصوصا تلك التي تساندها بالمعلومات النوعية والتوصيف السياقي للحالة، إضافة إلى الحدس والرأي الشخصي.
إنشرها