قرار حجب «يوتيوب» في مصر يثير جدلا واسعا

قرار حجب «يوتيوب» في مصر يثير جدلا واسعا

أثير جدل عنيف منذ صدور قرار محكمة مصرية بحجب موقع يوتيوب لمدة شهر في البلاد بسبب بثه الفيلم المسيء للرسول ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ وتناولته معظم القنوات التلفزيونية والإذاعية خاصة على مستوى مصر بالجدل وأيضا فضائيات غربية، واستضافت البرامج التي خصصت لبحث هذا الموضوع عددا من المفكرين والإعلاميين وعلماء الدين وأصحاب الرأي في الشأن العام والاجتماعي وتركز الحديث عن ماهية الحكم القضائي.
وعلى غرار الجملة الشهيرة للفنان المصري الكوميدي سعيد صالح في مسرحية ''مدرسة المشاغبين'' مرسي ابن المعلم الزناتي اضرب يا مينز'' علق العديد من النشطاء المصريين على موقع فيسبوك، على قرار القضاء بإلزام الحكومة المصرية بحجب موقع يوتيوب لمدة شهر بسبب الفيلم المسيء للرسول ـــ صلى الله عليه وسلم - بالقول ''اليوتيوب اتمنع في مصر يا مينز''. القرار أنسى المصريين لبعض الوقت مشاكلهم السياسة والاقتصادية، وأصبح محل التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، بل امتد الخبر واحتل عناوين الأخبار ليس فقط في الإعلام المصري، بل المحطات الإخبارية العربية والدولية والصحف الأجنبية.
''اليوتيوب اتمنع في مصر يا مينز'' فتح بابا واسعا لنقاش إعلامي تركز حول نقطتين رئيسيتين، علاقة القرار بالحريات وهل تمتلك القاهرة القدرة التقنية على تنفيذ هذا القرار القضائي. الجدل حول القدرة التكنولوجية للمصريين على حجب موقع عملاق كيوتيوب، كانت محور برنامج ''الحياة اليوم'' على قناة الحياة المصرية ليؤكد الدكتور محمد صالح خبير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أن الحكومة المصرية لديها القدرة على حجب الموقع ''خلال دقيقتين''. الثقة المفرطة في قدرة القاهرة التكنولوجية أثارت شكوك مقدم البرنامج خاصة أن مصر فشلت من قبل في تنفيذ قرار قضائي بإغلاق المواقع الإباحية، لكن الدكتور صالح أوضح الأمر قائلا ''إغلاق المواقع الإباحية يستحيل تطبيقه، ويتطلب تكنولوجيا عالية جدًا ومكلفة للغاية، لكن الوضع يختلف مع يوتيوب وهناك تقنية متوافرة يمكن من خلالها الحيلولة دون الولوج للموقع''. الموضوع ذاته كان محور اهتمام لقناة إيه تي في البريطانية المحلية التي استطلعت رأي الدكتور اندرو سميث أحد خبراء الإنترنت في بريطانيا حول قدرة الحكومة المصرية على حجب يوتيوب في دقيقتين فقال ''المصريون متفوقون على نظرائهم في الشرق الأوسط في مجال الإنترنت باستثناء إسرائيل، لكن حجب موقع يوتيوب أمر صعب المنال بالمستوى التكنولوجي المتاح لديهم، يمكنهم تحقيق ذلك شريطة الحصول على دعم إحدى الدول المتقدمة، وأشك أن يساعدهم أحد في ذلك'' وأضاف ''دول أكثر تقدما تكنولوجيا مثل الصين حاولت ذلك من قبل وباءت محاولاتها بالفشل''، وتابع قائلا ''إذا نجحت القاهرة في ذلك فمن المستحيل أن تنجح في حجب يوتيوب لمدة شهر ''ولكنها قد تفلح في حجبه لمدة ساعات قليلة فقط، قبل أن يتعرف المشاركون على كيفية تجاوز هذا الحصار''.
علاقة القرار بمناخ الحريات في مصر كان المحور الأكثر بروزا في تعليقات عدد من قنوات الأخبار البريطانية التي تناولت الخبر بإسهاب. إذ اعتبر أحد المعلقين على قناة بي بي سي البريطانية أن الحجب يشير إلى تراجع مناخ الحريات في مصر، فإن محللا آخر على قناة سكاي نيوز عزز الفكرة بالإشارة إلى موقف المنظمة المصرية لحقوق الإنسان التي أصدرت بيانا اعتبرت فيه أن قرار المحكمة جاء بمثابة حرمان للمصريين من حقهم في الوصول للمعلومات، واعتبرت المنظمة أن الهدف من الحجب هو عدم مشاهدة الجرائم السياسية التي ترتكب بحق الوطن، على حد زعمها . لكن هذا الانتقاد لم يمنع الدكتور ديفيد روث الباحث البريطاني في تاريخ الشرق الأوسط أن يصرح لـ ''الاقتصادية'' بأن هذه المخاوف غير مبررة ليضيف '' الفيلم مسيء فعلا، ويستفز مشاعر المسلمين وكان لا بد من اتخاذ قرار قانوني ضده، ولا أعتقد أن الأمر قد يطول الحريات في مصر، فحالة الفوران والغليان السياسي الراهن تحول دون قدرة الحكومة على تقليص الحريات بالأساليب القمعية، فهل يمكنها ذلك بالقانون؟''. لكن المعارض المصري المقيم في لندن سامح مصطفى يختلف مع الدكتور ديفيد ويذكره بأنه في عام 2007 حاول أحد القضاة إغلاق 49 موقعا لحقوق الإنسان، ولكن المحكمة الإدارية رفضت الحكم في حينه'' ويضيف سامح ''ومن ثم فإن قرار حجب يوتيوب أكثر قسوة من الأحكام السابقة'' ويتابع ''المشكلة أن القضاة المصريين تقليديون وغير مطلعين على أساليب عمل الإنترنت، فالقاضي يظن أن الإنترنت صحيفة أو قناة فضائية، إذا أصدر قرار بإغلاقها فإنها تغلق''. على أي حال يختصر حسام السكري المدير السابق لهيئة الإذاعة البريطانية الجدل الدائر بتعليق على موقعه على فيسبوك قائلا: ''ربما نسمع في المستقبل عن إغلاق شركات اتصالات لأن أحدهم سب أو قذف أثناء إجرائه مكالمة هاتفية، إنها مزايدة لاستقطاب الناس باسم الإسلام وإصدار أحكام غير عقلانية ومضيعة للوقت دون طائل.

الأكثر قراءة